دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري لعقد جلسة عامة في تمام الساعة الثانية من بعد ظهر الجمعة الواقع فيه 20 آب 2021 في قصر الاونيسكو، وذلك لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون لإتخاذ الموقف أو الاجراء او القرار المناسب.
وفي ما يلي، نص الرسالة الموجهة الى مجلس النواب:
“بعبدا في 14/8/2021
رسالة موجهة إلى مجلس النواب
بواسطة السيد رئيس مجلس النواب
الأستاذ نبيه بري المحترم
الموضوع: وقف الدعم عن مواد وسلع حياتية وحيوية.
بعد التوجه بالتحية إلى رئاسة مجلس النواب وأعضائه المحترمين،
وعملا بالمادة 53 (فقرة 10) من الدستور والمادة 145 من النظام الداخلي لمجلس النواب،
ولما كان مبدأ الفصل بين السلطات وتعاونها وتوازنها مبدأ دستوري نصي ورد في الفقرة “ه” من مقدمة الدستور اللبناني، وهو من الأركان الثابتة لنظامنا السياسي الديمقراطي البرلماني،
ولما كان مجلس النواب الكريم في دورة انعقاد استثنائية حكما لمواكبة تأليف الحكومة الجديدة حتى نيلها ثقته، عملا بأحكام المادة 64 من الدستور،
نتوجه إلى مجلسكم الكريم بواسطة رئيسه بالرسالة الآتية لاتخاذ الموقف أو الاجراء أو القرار المناسب بشأنها:
تشهد البلاد أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية ومعيشية خانقة لأسباب متراكمة لا مجال لسردها في الرسالة الحاضرة التي تنحصر في وجوب إيجاد سبل المعالجة للتطور الجديد الذي فاقم هذه الأزمة حتى وصلت إلى مستويات غير مسبوقة من حرمان المواطنين اللبنانيين والمقيمين على أرض لبنان أبسط حقوق العيش الكريم في ضوء فقدان مواد وسلع حياتية وحيوية وإنقطاعها في السوق المحلية نتيجة وقف دعم أسعارها بالعملات الأجنبية.
إن أهم المواد والسلع التي لم تعد بمتناول المواطنين والمقيمين هي المحروقات والمشتقات النفطية على أنواعها والمواد الغذائية الأساسية والعناصر الداخلة في تركيبها والأدوية والمستلزمات الاستشفائية المستوردة من الخارج والتي كان مصرف لبنان يوفر فوارق كلفة استيرادها من العملات الأجنبية على أساس سعر الصرف الرسمي للليرة اللبنانية أو على أساس سعر صرف يحدده مصرف لبنان ويتناسب مع متطلبات تأمين الحد الأدنى من المواد والسلع المذكورة أعلاه.
وبما ان حاكم مصرف لبنان قرر فجأة التوقف عن دعم أسعار المواد والسلع أعلاه بالعملات الأجنبية وفق ما تقدم عرضه، وأنه لا يزال مصرا على موقفه بالرغم من إقرار القوانين وإصدار القرارات التي تؤمن له غطاء قانونيا وتنظيميا للاستمرار في تخفيض الدعم تدريجيا، لا سيما قانون البطاقة التمويلية الذي اقره مجلسكم الكريم مع اسبابه الموجبة التي تدرج صراحة إقرار هذه البطاقة والعمل بها في خانة ترشيد الدعم والموافقة الاستثنائية الاجرائية رقم 714/م.ص. تاريخ 25/6/2021 لفتح اعتمادات لشراء المحروقات من بنزين ومازوت وغاز منزلي لمدة ثلاثة اشهر على ان تسدد قيمة هذه الاعتمادات كافة على أساس سعر صرف /3900/ ل.ل. بدلا من /1500/ ل.ل. للدولار الواحد،
بالاضافة إلى ذلك، وبالرغم من الاجتماعات ذات الصلة لاسيما الاجتماع الأخير الذي عقد يوم الخميس الواقع فيه 12/8/2021 في قصر بعبدا برئاستي وحضور وزيري المالية والطاقة والمياه وحاكم مصرف لبنان، والاجتماع الوزاري الذي عقد في السراي من بعد ظهر اليوم ذاته، والكتاب الذي وجهه رئيس الحكومة إلى وزير المالية والذي طلب فيه ابلاغ حاكم مصرف لبنان أن قراره برفع الدعم عن المحروقات مخالف للقانون الذي صدر عن مجلس النواب بشأن البطاقة التمويلية ولسياسة الحكومة بترشيد الدعم، على أن يقوم حاكم مصرف لبنان بما يلزم بالسرعة القصوى لإزالة المخالفات تلك، في حين مازال هذا الأخير يطالب، لكي يستمر بتأمين الاعتمادات بالعملات الأجنبية لزوم استيراد المواد والسلع الأساسية الحياتية والحيوية من الخارج، بالعمل على استصدار قانون يجيز له ذلك بحجة المحافظة على التوظيفات الإلزامية لدى مصرف لبنان، مع العلم أن نسبة التوظيفات تلك يحددها مصرف لبنان.
وبما ان اللجنة الوزارية المعنية بالعمل على وضع اسس البطاقة التمويلية قد انهت اعمالها ووضعت الآلية اللازمة لتنفيذها وإصدارها وتوزيعها تمهيدا لدخولها حيز التنفيذ قريبا، الأمر الذي يقتضي معه استمرار رفع دعم المشتقات النفطية على أنواعها والمواد الغذائية الحيوية والحياتية والأدوية والمستلزمات الاستشفائية والطبية وذلك بصورة تدريجية وليس فجأة وبشكل كامل من دون تهيئة المواطنين لذلك، وأقله انتظار وضع هذه البطاقة موضع التطبيق الفعلي،
وبما انه، ومن جهة أخرى، من المتوقع نفاذ مخزون المحروقات لتشغيل معامل الكهرباء قريبا جدا، إذ أن السلفة المعطاة لمؤسسة كهرباء لبنان بقيمة 300 مليار ل.ل. لتسديد عجز شراء المحروقات في موازنة 2021 بموجب القانون الرقم 315 تاريخ 8/4/2021 لم تكن كافية مما تسبب بازدياد تقنين ساعات التغذية بالتيار الكهربائي من مؤسسة كهرباء لبنان والحاجة إلى المازوت بشكل مضاعف وجعل من الشركات ومولدات الكهرباء الخاصة المورد الأساس للكهرباء للمواطنين والمؤسسات العامة والخاصة، وقد انقطعت عن العمل بسبب نفاذ مخزون المازوت لديها، أو أنها رفعت أسعارها أضعافا مضاعفة ملقية على المستهلكين أعباء تسديد فواتير سندا لأسعار المازوت الحرة والتي تتجاوز بأضعاف كلفة المحروقات التي تستخدمها معامل مؤسسة كهرباء لبنان، ما يتطلب تأمين اعتماد إضافي للمؤسسة لتأمين الكهرباء لفترات أطول،
وبما انه يقتضي ان يرفع الدعم تدريجيا عن المشتقات النفطية والأدوية والمستلزمات الاستشفائية والطبية على انواعها التي أصبحت غير متوافرة، بحيث يجب إيجاد السبل لتمويل فرق سعر صرف الليرة بالعملة الأجنبية للبلد المصدر،
وبما أن المستشفيات والصيدليات والمطاعم والمخابز والمؤسسات العامة والخاصة ومحطات المياه والخليوي والانترنت تقفل أبوابها تباعا في ظل أزمة فقدان المواد والسلع لا سيما المشتقات النفطية والأدوية والمستلزمات الطبية ، وفق ما عرضنا،
وبما أننا أمام هذا الواقع الخطير والذي يهدد صحة الناس وغذاءهم وأمنهم الاجتماعي وأبسط حقوقهم الحياتية، دعونا امس الجمعة الواقع في 13آب 2021 مجلس الوزراء إلى الانعقاد استثنائيا، على أن يتم ذلك بالاتفاق مع رئيس الحكومة عملا بالمادة 53 (فقرة 12) من الدستور، وذلك لمعالجة أسباب الأزمة الخانقة والمستفحلة المذكورة أعلاه وتداعياتها الخطيرة على الأوضاع العامة والخاصة والسياحة الموسمية الواعدة، فضلا عن التداعيات الأمنية، إلا ان السيد رئيس مجلس الوزراء أبلغنا في اليوم نفسه رفضه دعوة مجلس الوزراء للاجتماع على النحو الذي يجب انتهاجه وسارت عليه الحكومات المستقيلة، اذ لا شيء في الدستور يمنع ذلك بل أن الظروف الاستثنائية تجيزه لا بل توجبه (على ما سبق وحصل مرارا)، مبديا استعداده للموافقة على أي قرار يتطلب موافقة مجلس الوزراء من خلال آلية الموافقات الاستثنائية.
وبما ان المادة 65 من الدستور تولي مجلس الوزراء صلاحية وضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات، وأن “تصريف الأعمال بالمعنى الضيق” المنصوص عنه في المادة 64 من الدستور في ظل الحكومة المستقيلة أو المعتبرة مستقيلة، لا يحول دون انعقاد مجلس الوزراء في الحالات الطارئة حيث تتوافر عناصر العجلة والضرورة القصوى، أو حتى عندما تصبح الحقوق العامة أو الخاصة مهددة بفعل مرور الزمن على ما استقر عليه الاجتهاد الاداري والرأي القانوني في لبنان، كما في فرنسا على سبيل المقارنة،
ولما كان يتبين بصورة صريحة وغير ملتبسة من المادة 65 أعلاه ومن المواد 13 و17 و26 و 28 و43 و70 و71 من قانون النقد والتسليف (وإنشاء المصرف المركزي) أن المصرف المركزي شخص معنوي من القانون العام وهو يتمتع بالاستقلال المالي، وهو يخضع للسياسات العامة التي تضعها الحكومة على ما تؤكده المادة 65 من الدستور، وأن إدارته يؤمنها الحاكم ويعاونه في ذلك 4 نواب حاكم ومجلس مركزي وأن الحاكم يرئس المجلس المركزي وأنه يتولى أوسع الصلاحيات لإدارة المصرف وتسيير أعماله، وأنه يجب إبلاغ مفوض الحكومة لدى المصرف المركزي قرارات المجلس المركزي قبل نفاذها (الأمر الذي لم يحصل في ما يتعلق برفع الدعم عن المشتقات النفطية)، وذلك لتمكينه من الطلب من الحاكم تعليق هذه القرارات في حال كانت مخالفة للقوانين والأنظمة ومراجعة وزير المالية في هذا الصدد كي يبدي رأيه فيها إنطلاقا من أن المصرف المركزي هو مصرف الدولة، وأن مهمته العامة، على ما تشدد عليه المادة 70 المذكورة أعلاه، هي المحافظة على النقد لتأمين أساس نمو اقتصادي واجتماعي دائم، كما أن عليه التعاون مع الحكومة وتقديم كل مشورة لها تتعلق بالسياسة المالية والاقتصادية بغية تأمين الانسجام الأوفر بين مهمة مصرف لبنان وأهداف الحكومة، ما يفسر إمكانية لجوء الحكومة إلى الاقتراض من مصرف لبنان بالشروط والآلية المنصوص عنها في المادة 91 من قانون النقد والتسليف، وهذا ما حصل سابقا ومرارا وحديثا.
أين نحن من كل ذلك؟
من هذه المنطلقات جميعها، نتوجه إليكم، السيد الرئيس، بهذه الرسالة لمناقشتها في مجلس النواب الكريم وفقا للأصول واتخاذ الموقف أو الاجراء أو القرار المناسب بشأنها”.