Site icon IMLebanon

أزمة الكهرباء: قرصنة وغياب تام للأجهزة الأمنية

في أقل من 48 ساعة، انقطع التيار الكهربائي في عموم الأراضي اللبنانية، ثلاث مرات. وحتى يوم أمس، لم يكن لدى مؤسسة كهرباء لبنان القدرة على ضمان عدم تكرار هذا الامر، لأسباب خارجة تماماً عن إرادتها. هذه المرة، المشكلة ليست في المؤسسة، ولا في غياب الاعتمادات لشراء الفيول، ولا في قرار حاكم مصرف لبنان معاقبة جميع سكان لبنان، ولا في تعمّد السلطة السياسية الاستقالة من واجبها الذي يقضي بإمداد السكان بالتيار الكهرباء بصورة منتظمة، او على الأقل، بأقصى ما يمكن معامل كهرباء لبنان ان تنتجه. المشكلة هنا مرتبطة بسيطرة «محتجيّن» على محطات توزيع الكهرباء في عدد من المناطق.

ثماني محطات رئيسية احتلّها «المحتجون»، الذين أجبروا العاملين فيها على تحويل الكهرباء إلى مناطق سكنهم. مثلاً، في الجنوب، جرى تحويل الكهرباء من منطقة جنوب صور إلى شمالها. وفي بيروت، من بعض الأحياء إلى الطريق الجديدة… وهكذا في سائر المناطق. نعمت بعض الاحياء والقوى والمدن بالتيار الكهربائي لنحو 12 ساعة، على حساب أحياء ومناطق أخرى. لكن ذلك تسبب بخروج كامل الأراضي اللبنانية عن الشبكة. فصحيح أن واقع قطاع الكهرباء في لبنان هو واقع مزرٍ، إلا أن ذلك لا يعني أن عملية تحويل الكهرباء أمر «ميكانيكي» يمكن أياً كان القيام به، بل إنه عمل مدروس وموزون بدقة. وأي خلل فيه يؤدي إلى عطل تام في الشبكة، ما يضطر مؤسسة كهرباء لبنان إلى إطفاء كامل معاملها. فما قام به «المحتجون»، وبعضهم برعاية سياسية من قبل نواب ومسؤولين حزبيين، أدى إلى غياب التوازن بين الإنتاج والطلب، فانخفضت التردّدات وانفصلت كل المناطق عن الشبكة. وإعادة التشغيل يحتاج إلى ما يزيد على 6 ساعات من المناورات بين معامل الانتاج المختلفة. الأسوأ أن إطفاء كل ماكينة في المعامل وإعادة تشغيلها يعادل تشغيلها لنحو 420 ساعة، ما يسرّع الحاجة إلى الصيانة المتأخرة أصلاً.

وحتى يوم أمس، لم تكن أي من القوى الامنية قد قامت بما يلزم لضمان عدم تكرار قرصنة محطات التحويل، وتأمين توزيع الكهرباء، على «قلّتها»، بتساوٍ بين المناطق اللبنانية، وبما يحول دون «سقوط الشبكة» مجدداً. لم ينقص قطاع الكهرباء، بعد تعمّد عدم الاستثمار في الانتاج لسنوات، ونقص المحروقات وكثرة الهدر والسرقة… سوى القرصنة!