Site icon IMLebanon

ورقة التفاهم… عدم جدية وحسابات سياسية أفرغت مضمونها

على غرار كل الملفات الساخنة والمفصلية طويت صفحة الحملة التي شنها جيش حزب الله الإلكتروني على البطريرك مار بشارة بطرس الراعي. فهل أخطأ الراعي برفضه إطلاق الصواريخ من الأراضي اللبنانية لأننا تعبنا من الحرب والدمار؟ وهل أخطأ في دعوته إلى أن يكون قرار الحرب والسلم في يد الدولة وحدها؟ وأين الخطأ في  موقفه من تسخين الأجواء في المناطق الحدوديّة انطلاقًا من القرى السكنيّةِ ومحيطِها بالتوازي مع إدانته الخروقات الإسرائيلية الدوريّةَ على جنوب لبنان، وانتهاك القرار الدوليّ 1701، ورفضه بحكم المساواة أمام القانون إقدامَ فريقٍ على تقريرِ السلمِ والحربِ خارجَ قرارِ الشرعيّةِ والقرارِ الوطني المنوط بثلثي أعضاء الحكومة وفقًا للمادّة 65؟

طي الصفحة لا يعني عدم تكرار جولات الهجوم على بكركي وسيدها خصوصا أن أمين عام حزب الله حسن نصرالله غسل يديه من كلام “جيشه الإلكتروني” وبرّأ نفسه من المسؤولية الأخلاقية تجاه بكركي والوطنية تجاه البلاد والناس. حصل كل هذا في ظل ورقة تفاهم وقعها حزب الله مع التيار الوطني الحر تحت عنوان “مصلحة الوطن ورأب الفتنة”. فهل كان التفاهم  بين التيار وحزب الله لمصالح سياسية واستحقاقات ام انه ورقة تفاهم وطني بين تيارين لمنع الفتنة والحرب الاهلية والمحافظة على الاستقرار وضمان الهدوء بين شارعي الحزبين؟

وإذا صحّ أن التفاهم وطني بامتياز لمنع الفتنة واستعادة أوراق روزنامة الحرب الأهلية  فكيف تفسر اوساط التيار الحملة على البطريرك التي كادت تؤدي الى فتنة طائفية لولا تدخل “العقلاء” لتطويق ذيولها؟ وهل تسلم الجرة في كل مرة؟

النائب في “لبنان القوي” روجيه عازار أكد  لـ”المركزية” على موقف التكتل الرافض كلياً للحملة غير الأخلاقية التي تعرض لها البطريرك الراعي و”تخوينه” وذكّر بما ورد في البيان  “إلى أن ليس هناك من جريمة في لبنان في التعبير عن الرأي بل الجريمة هي في التعدّي على من يعبّر عن رأيه السياسي فكيف اذا كان صاحب هذا الرأي هو البطريرك الماروني الذي يحفر عميقاً في الوجدان الوطني والمسيحي ويختزن مواقف كيانية وسيادية لا يمكن التشكيك بأنّها تعني السماح بالاعتداء على لبنان أو القبول بانتهاك سيادته؟”. واعتبر “أن مفاعيل ورقة التفاهم بين التيار والحزب الموقعة منذ العام 2006 ثابتة وهي قائمة على مصلحة البلد ويا ليتها تُعمّم ليصار إلى تنظيم العلاقة بين شركاء الوطن”.

لا ينفي عازار “وجود نقاط خلاف بين الحزب والتيار في مسائل تتعلق بورقة التفاهم. فهي ليست الإنجيل ولا القرآن، لكن الثابت أنه لم ولن تحصل فتنة لأن الكل مدرك دقة المرحلة، والتعبير عن الرأي ليس قرارا سياسيا، وهناك تنسيق تام في قيادة حزب الله مع البطريرك الراعي”.

بين موقف نصرالله وما صدر من “شتائم” وإهانات في حق البطريرك الراعي تمايز يؤكد عليه عازار ويقول: “الحزب ملتزم القواعد الأخلاقية ويرفض التعرض بالإهانات لشخص البطريرك. حتى موقف المفتي قبلان لا يعبر عن الحزب”. ولفت إلى أن خطوط الإتصال بين بكركي والحزب “مفتوحة” “وهناك اتصالات مباشرة وغير مباشرة من قبل اللجنة المشتركة واللجنة النيابية المنبثقة من الطرفين. والبطريرك مترفّع كما العادة ويرفض ردود الفعل الإنفعالية”.

عازار كشف عن زيارة سيقوم بها نواب “لبنان القوي” إلى الصرح البطريركي “وسنعبر له شخصيا عن رفضنا للحملة التي طالته. لكن المطلوب اليوم حوار سياسي على مستوى الوطن والتكتلات لقطع الطريق أمام تكرار حملات مماثلة”.

في البند الرابع من ورقة التفاهم نص يؤكد فيه الطرفان على الإلتزام بضرورة قيام الدولة القوية، لكن الحزب لم يلتزم بهذه المادة وقد اتخذ من ورقة التفاهم ما يناسب مشروع الممانعة والمقاومة والمحورالسياسي المنخرط فيه بقيادة ايران بشهادة أوساط مقربة من التيار. ويجيب إنطلاقا من رأيه الشخصي: “أكرر، ورقة التفاهم ليست كتاباً منزلا، لكنني أعتبر أن هناك نقاطا مفصلية تفاهمنا عليها، منها محاربة الفساد وبناء دولة قوية. لكن تبين عدم وجود جدية في تطبيقها وكان يفترض أن نضع الإصبع على الجرح ونذهب إلى معالجة مسائل دقيقة تم التفاهم عليها لا سيما مسائل الرشوة والفساد والهدر… كل هذا لم تتم معالجته منذ العام 2006 حتى اليوم وكان يفترض العكس… وهذا خطأ كبير في رأيي”.