دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى عقد جلسة عامة، في الثانية من بعد ظهر الجمعة في الاونيسكو، لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون حول موضوع “وقف الدعم عن المواد والسلع الحياتية والحيوية، في ضوء القرار الذي اتخذه حاكم مصرف لبنان برفع الدعم عن المحروقات من دون انتظار صدور البطاقة التمويلية، وما تركه هذا القرار من تداعيات سلبية زادت من حدة الازمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية والمعيشية التي يعيشها البلد”، ليتخذ المجلس الموقفَ أو الاجراء أو القرار المناسب في هذه القضية. الرئيس عون يشرح في رسالته “مسار الاجتماعات التي عقدت مع الوزراء المعنيين وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة وتلك التي عقدت في السراي، والتي لم تؤد الى نتائج عملية تفضي الى رفع الدعم تدريجا عن المشتقات النفطية والأدوية والمستلزمات الاستشفائية والطبية على أنواعها، والتي لم تعد متوافرة، الأمر الذي يهدد صحة الناس وغذاءهم وامنهم الاجتماعي وايضا حقوقهم الحياتية. كذلك تعذر انعقاد مجلس الوزراء، بعد رفض رئيسه الدعوة الى عقد”.
بالتوازي مع دعوة بري هذه، كانت لجنة الاشغال تناقش امس ملف رفع الدعم. وخلص الاجتماع الذي حضره ممثل عن مصرف لبنان ووزيرا الطاقة ريمون غجر والمال، إلى الاتفاق على رفع الدعم التدريجي عن المحروقات في مهلة لا تتعدّى الـ10 أيام، يضع خلالها “المركزي” خطة تنفيذ القرار والانتقال من مرحلة إلى أخرى تدريجاً. مصرف لبنان الذي وافق امس على إدخال باخرتَين من مادة المازوت لشركتَي “ليكوي غاز” و”يوني تيرمينالز” على سعر 3900 وتحتويان على 80 مليون ليتر، تكفيان السوق من 5 إلى 6 أيام، لم يوافق على فتح اعتماد لشحنة بنزين تبلغ 40 مليون ليتر على الرغم من الشح الحاصل. وافيد ان اللجنة ستطلب من “الرئيسَين ميشال عون وحسّان دياب الإسراع في إنجاز البطاقة التمويلية خلال أسبوع قبل البدء برفع الدعم التدريجي”. ولتسهيل تعقّب المحتكرين سيتم تسليم لجنة الطاقة يومياً لائحة بالتوزيعات التي تحصل من قبل المؤسسات والشركات المستوردة لمادتَي البنزين والمازوت. كما تمّ الاتفاق على تكليف الجيش اللبناني حماية محطات تحويل الكهرباء وبأسرع وقت ممكن خشية انقطاع الكهرباء عن كل لبنان.
بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، فإن مناقشة رسالة عون قد تكون صارت لزوم ما لا يلزم، حيث تخطّتها التطورات التي أثبتت ان لا مفر من رفع الدعم، مؤكدة صوابية قرار حاكم المركزي رياض سلامة. فمقررات اللجنة النيابية دلت الى ان الدعم لا يمكن ان يستمر وأقرّت بذلك، الا انها ربطته باقرار البطاقة التمويلية، ما يعني ان الجانب الوزاري – الحكومي، هو المتلكّئ والمقصّر، حيث يجرجر في اقرار البطاقة، ويجتمع الوزراء واللجان منذ اشهر، بلا فائدة في لقاءات تدور في حلقة مفرغة.
كانت الضجة التي اثيرت غداة قرار المركزي، شعبوية اذاً لا اكثر، تضيف المصادر، لمحاولة تبرئة الذات وتبييض القوى السياسية (التي علمت كلها بالقرار قبل صدوره) وجههَا امام ناخبيها عشية الانتخابات التي تقض مضاجعها. وكان حريّ بهذه الاطراف، ان تطالب سلامة، بكل هدوء وعقلانية، وبلا مؤتمرات صحافية و”استدعاءات” مسرحيّة وعرض العضلات، بالتروي في البدء بتطبيق القرار عمليا، اياما قليلة، حتى تُقَر البطاقة، بعيدا من التنصل منه ومن شيطنته واستثماره في السياسة… وبهذا الشكل، كانت لتوفر على البلاد تشنجات اضافية لا طائل منها ولا جدوى، وقد أتت توصيةُ لجنة الاشغال لتتبناه، وتثبت انه شر لا بد منه. واذ لا تستبعد ان تخلص جلسة الجمعة الى تبني موقف اللجنة، تعتبر المصادر ان الاجدى بالوزراء الآن ان يسرعوا الى إقرار البطاقة، سيما وأن المركزي تريث واعطاهم وقتا اضافيا لتحقيق هذا الهدف، ووافق على افراغ حمولة بعض البواخر على الـ٣٩٠٠… فهل ينجزون ام يستمرون في التخبط في ارضهم ويحرمون الناس المبلغ الزهيد الذي ستؤمنه لهم البطاقة المنتظرة؟