Site icon IMLebanon

المستشفيات تحتضر: وصلنا الى نهاية المطاف!

أعلنت نقابة المستشفيات في لبنان في بيان أنه “بالرغم من جميع التحذيرات التي أطلقتها نقابة المستشفيات والتي حذرت من أننا سنصل إلى يوم لن يكون بإمكان المستشفيات الإستمرار في العمل او بإمكان المريض الحصول على العناية الطبية الملائمة، وبالرغم من كل الجهود المتواصلة التي يبذلها وزير الصحة الدكتور حمد حسن، لقد وصلنا اليوم إلى ساعة الحقيقة وسط انهيار كامل للدولة ووسط تخبط مخيف للمسؤولين الذين يحاولون المعالجة في جو هو أقرب إلى حوار الطرشان بين بعضهم البعض ووسط تبادل الإتهامات بالفشل بين مسؤول وآخر. اليوم وصلنا الى نهاية المطاف ولم يعد مكان للمناورة وكسب الوقت وتجميل الأمور. المستشفيات تخسر يومًا بعد يوم من قدراتها والمواطن يصعب عليه يومًا بعد يوم الحصول على علاجه”.

وأوضحت:

“1- لا كهرباء ولا مازوت لتشغيل مولدات المستشفيات ولا بنزين للأطباء والموظفين للوصول الى أماكن عملهم. عدد من الأقسام والطوابق أقفلت ومكيفات الهواء في غرف المرضى توقفت. بدلاً من الاهتمام بالمرضى يمضي مسؤولو المستشفيات وقتهم بالبحث اليومي عن المحروقات، بالرغم من الوعود بتخصيص هذه المواد من خزانات الدولة، والتي وإن وصلت فبكميات قليلة وبعد تدخلات ووساطات، عدا عن الإضطرار الى دفع ثمنها  بأسعار السوق السوداء أحياناً. وما هو مؤلم هو ان ملايين الليترات المخزنة لبيعها في السوق السوداء قد تم العثور عليها مؤخراً في حين ان المستشفيات تكاد تتوقف عن العمل بسبب فقدان هذه المادة. إنه العار بعينه.

2- اختفاء الادوية من جهة، والارتفاع الجنوني في ثمن المستلزمات الطبية اثبت كم هي خاطئة آلية الدعم التي اتبعت والتي نبهنا منذ بداية تطبيقها انها لن تؤدي الى نتيجة سوى الاثراء غير المشروع للمحتكرين وللمتواطئين معهم. والنتيجة التي وصلنا اليها هي عدم وجود المواد الصيدلانية والطبية وإن وجدت فبأسعار توازي عدة اضعاف السعر الرسمي الذي كان من المفترض ان يبقى على حاله مع الدعم. لقد ابتكر التجار حججاً متعددة تبرر زيادتهم للأسعار ووصل البعض منهم الى الطلب من المستشفيات تسديد ثمن السلع نقداً قبل التسليم وبسعر الدولار في السوق السوداء. لسنا في موقع يسمح لنا بمعرفة ما اذا كان هذا من حقهم ام لا، ولكن اين الهيئات الرقابية من هذا الامر ومن يضبط عملية التسعير والبيع، في وقت ليس للمستشفيات الا ان تخضع للشروط المفروضة عليها كي تتمكن من الحصول على ما يلزمها  او أن  تصبح خارج الخدمة، وهل هذا مقبول في ظل ملايين الدولارات التي تصرف على الدعم؟

3- إن أجور العاملين في المستشفيات أصبحت لا تكفيهم كي يحضروا الى عملهم والعودة الى بيوتهم، وفي المقابل فإن التعريفات الاستشفائية بقيت على حالها على أساس دولار يساوي 1500 ل.ل. لذا اضطرت المستشفيات الى تحميل المرضى جزءاً من الكلفة الإضافية في وقت يعاني المواطن من أعباء حياتية لا يمكنه تحملها، فهل يمكن تكليفه بأعباء إضافية أخرى؟ الم يكن من الاجدى ان تعطى أموال الدعم للجهات الضامنة حتى تتمكن من رفع تعريفاتها مما يوفر على المرضى الفروقات التي يتحملونها وبالتالي تكون أموال الدعم قد وصلت الى الناس بدلاً من ان تصل الى جيوب المحتكرين والمتواطئين معهم؟ أليس من الأحرى توجيه جزء من الدعم لتعديل أجور الموظفين وأتعاب الأطباء الذين يغادرون البلاد بالآلاف هرباً من العوز وبحثاً عن لقمة العيش في بلاد تحترم قدراتهم وجدارتهم؟ هذه الهجرة سوف تقطع ظهر القطاع الطبي في لبنان لسنوات عديدة وسوف يكون من الصعب جداً تعويض هذه الخسارة!! وهل ان الطب في لبنان كما عرفناه منذ ما قبل سنة 2019 قد ولى الى غير رجعة ونحن نقف عاجزين عن فعل أي شيء؟

4- إن عددَا كبيرَا من المستشفيات لن يتمكن بعد الآن من تقديم العديد من الخدمات الدقيقة والضرورية كتأمين العلاج الكيميائي لمرضى السرطان، والمضادات الحيوية للمرضى الذين يعانون من الصدمة الانتانية (choc septique) أو الأدوية الضرورية لعلاج مرضى غسل الكلي أو البنج الضروري للعمليات! هذه مجرد امثلة وهناك الكثير غيرها، ناهيك عن النقص في العديد من المستلزمات الطبية الضرورية للفحوصات والاعمال الطبية والتداخلية وسواها. كذلك نحن امام موجة جديدة من الكورونا التي اذا ما اشتدت لن تتمكن المستشفيات من استيعابها لما أصابها من وهن في الأشهر الماضية.

5- لقد فقدت المستشفيات 90 % من قيمة مستحقاتها غير المسددة لدى الجهات الضامنة والتي تعود الى سنة 2019 وما قبل بسبب تدهور سعر صرف الليرة. اما حساباتها المصرفية حالياً فقد تم وضع اليد عليها من قبل المصارف في اوقح واكبر عملية سطو في التاريخ. ان بعض المصارف، يرفض تسديد أجور الموظفين والأطباء من حسابات المستشفيات الدائنة وتحرمهم لقمة عيشهم بطريقة وقحة مما يزيد من معاناتهم ويدفعهم الى الهجرة. كذلك فإن المصارف ترفض صرف الشيكات التي تصدرها المستشفيات للمستوردين مما يجعل عملية شراء مختلف السلع شبه مستحيلة لان معظم مستحقات المستشفيات يتم تحويلها اما مباشرة الى المصارف بواسطة حوالات من جهات رسمية او بموجب شيكات من شركات التأمين الخاصة.”

ودعت نقابة المستشفيات الى تفعيل دور المجلس الأعلى للصحة برئاسة معالي وزير الصحة على ان يجتمع على الأقل مرتين في الأسبوع لدراسة السبل الآيلة الى ضبط الأمور والحد من الإنهيار المتسارع. أما إذا استمرت الأمور على هذا المنحى الإنحداري فنحن امام سيناريو كارثي محتم سوف نصل اليه في اقل من أسبوعين وسوف نشهد فوضى عارمة لا يمكن السيطرة عليها وتوقف قسري لعدد من المستشفيات. أما تلك التي قد تستمر في تقديم الخدمات فسيكون ذلك بإمكانيات محدودة جداً وهي حكماً لا تؤمن سلامة المريض وفق الحد الأدنى  من المعايير المعقولة.

وختمت: “ان المسؤولية المعنوية والجزائية عن صحة المواطنين وتوفير العناية الطبية والأدوية اللازمة للمحافظة على سلامتهم  تقع حصراً على عاتق القيمين عل شؤون البلد ومؤسساته ونظامه الإقتصادي والمالي الذي  فشل فكانت المستشفيات والمرضى على السواء من ضحاياه”.