حتى في عز الحرب لم يشهد لبنان هذا “الكم” من الأزمات. من عايش فصولها ولم يستشهد أو يهاجر يشهد “انها كانت أياما “مقارنة مع الذل الذي يعيشه اللبنانيون اليوم. أزمات هيهات منها زمن الإحتلال العثماني والسوري.. لا كهرباء، لا فيول، لا مازوت، لا دواء، لا مستشفيات، لا قضاء، جوع، حصار، فساد، تهريب غلاء فاحش طوابير ذل… إنها حرب ابادة معلنة من قبل المنظومة الحاكمة وسلطة احتلال ايران..ماذا بعد؟
أوساط الممانعة تعتبر أن أي تدخل دولي هو بمثابة سلطة وصاية جديدة، وكأن الوطن حر وسيد ومستقل. فهل سيقف العالم مكتوف الأيدي يتفرج علينا ؟هل ستكتفي الولايات المتحدة وفرنسا برفع عصا العقوبات والتهديد بها علما ان من يأكل العصي هو الشعب والشعب وحده؟ وعلى ذكر العقوبات كيف ستواجه الولايات المتحدة مسألة عبور سفينة إيرانية مياه البحر المتوسط وهي محملة بالمازوت إلى لبنان كما “بشر” أمين عام حزب الله حسن نصرالله اللبنانيين”بأن سفينتنا انطلقت من إيران وهي محملة بأطنان المازوت”، والأصح بالنبأ الفاجعة الذي يضع لبنان أمام خيارين: إما مقصلة العقوبات الأميركية عن طريق وقف التعامل مع المصارف اللبنانية وشركات الشحن ومؤسسات كبرى مما يعني القضاء على آخر منفذ للبنان على العالم، أوالرضوخ لسلطة الدويلة التي تأتمر بالوصاية الإيرانية بعدما أوصلت اللبنانيين إلى مرحلة النزاع حتى النفس الأخير.
إذا سلمنا جدلا أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة لن يتدخلا في مسألة خرق لبنان من خلال دويلة حزب الله قانون قيصر لأن العقوبات على إيران وحزب الله فرضتها الخزانة الأميركية وهنا تكمن مسؤولية حكومة تصريف الأعمال المستقيلة حتى من هذه المهام في الطلب من الإدارة الأميركية استثناء لبنان من العقوبات في مسألة استيراد المحروقات نظرا إلى فداحة الأزمة وفي حال رفضها ذلك سيدخل لبنان مرحلة الحصار الفعلي من قبل الولايات المتحدة. لكن ماذا عن مأساة الشعب الذي بات يعيش على أمل تعبئة غالون بنزين أو الموت إحتراقا بنيران البنزين المخزن؟ لماذا لا تتحرك عصبة الامم المتحدة وتعلنها بالمباشر… لبنان دولة فاشلة!.
المدير التنفيذي لـ”ملتقى التأثير المدني” زياد الصائغ اعتبر عبر ” المركزية” أن “لبنان دولة محتلة من قبل تحالف مدمر أسود، تتقاطع فيه مصالح المافيا والميليشيا، بأوجه متعددة. بهذا المعنى يصح القول بأن المنظومة الحاكمة مجرمة وهي تعمل على إفشال كل السياسات المستدامة ومسارات الإصلاح. وفي هذا التوصيف يجب التنبه إلى الخيارات القانونية الدولية فيما يُعنى بما اصطُلح على تسميته بالدولة الفاشلة. وإذا ما أردنا التكلم من الناحية العلمية فإن الشعب اللبناني يتعرض لجريمة منظمة وهذا مدخل للمحاسبة على مستوى القانون الدولي”.
وأضاف: “دينامية ثورة 17 تشرين أثبتت أن الشعب اللبناني حيّ، وكذلك الحال بالنسبة إلى القضية اللبنانية . أما عملية استرداد الدولة من خلال إعادة تكوين السلطة فهي خيار حتمي ويؤشر إلى أن لا مكان لأي فشل في هذ اللحظة التاريخية. وما وقوف المجتمع الدولي إلى جانب الشعب اللبناني على مستويات عديدة سوى دليل الى انتهاء شرعية المنظومة الحاكمة”.
وردا على الأصوات التي تعتبر أن المجتمع الدولي يكتفي بالدعم الإنساني وعصا العقوبات مجرد فزاعة تُرفع من قبل الدول الكبرى بهدف التهويل ولحسابات خاصة يقول الصائغ:” الكلام غير دقيق. فالمنظومة الحاكمة في حال تأزم وانهيار تصاعدي. ولا يعتبرنّ أحد أن استقواءها بأساليب القمع والترهيب أو تطويعها من خلال توسيع شبكات الزبائنية، وتيئيسها من قرّر الصمود، سيمكّنها من إعادة إنتاج مشروعيّتها وشرعيتها. فحين يستشرس الحكّام يكون الحُكم قد شارف على نهايته”. أضاف:” ما يتعرض له اللبنانيون من قبل المنظومة الحاكمة جريمة ضد الإنسانية. فهذه المنظومة التحالفية تصادر المؤسسات الدستورية وتستبيح الشرعية وتشرعن الكارتيلات وتستقوي بممارسات بوليسية… وهذا كله قيد التوثيق والمتابعة. وقبل مطالبة المجتمع الدولي بإنقاذ الشعب علما أنه يقوم بما يستطيع وبشكل تصاعدي، نحن معنيون بإعلان البدائل في الرؤية والقيادة والبرنامج، وهذا ما تقوم به قوى الثورة والعمل جارٍ لتحقيق خرقٍ في هذا السياق إضافة إلى الدور الفاعل للدياسبورا في هذا المجال”.
وختم الصائغ في مقاربة استدعاء الوصاية الدولية لإنقاذ لبنان ” المجتمع الدولي معني بإنقاذنا. ولن نستبدل الإحتلال بوصاية. فزمن الوصايات ولّى والإحتلالات إلى زوال”.