بعد مرحلة رفع الدعم التدريجي الذي أدّى إلى تخبط غير مسبوق بين اركان المنظومة السياسية، تدخل البلاد حقبة هي الاقصى على الشعب، تتمثل بالرفع الكلي للدعم، علما ان كل تأجيل لها هو مجرّد شراء للوقت ومحاولة هروب من تجرع الكأس المر والصدمة الآتية لا محال. الاعلان عن القرار بات مسألة ايام، على أن يكون مرفقاً بالبطاقة التمويلية بحسب المسؤولين. فماذا ينتظر اللبنانيين في ظلّ حبل الازمات الذي يلتف اكثر كل يوم على اعناقهم؟
الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور لويس حبيقة يقول لـ”المركزية”: “رفع الدعم إجباري وما من مهرب من هذا القرار لأن لا قدرة على الاستمرار فيه، وطوابير المحطات لن تنتهي مثلاً قبل أن تسعّر المحروقات على سعر صرف الدولار في السوق السوداء إذ ان هذا الحلّ الوحيد لوقف التهريب إلى سوريا. وإقرار البطاقة التمويلية بالتوازي يساهم في الحفاظ على القدرة الشرائية لبعض الطبقات الأكثر فقراً، أما من لا يحصل عليها سيتعذّب، لكن لا خيار آخر، فعلينا الاقتناع أن فترة ما قبل الأزمة انتهت”.
ولفت إلى أن “سوء التحضير للمرحلة التي نعيشها هو الأساس، إذ كان معروفا منذ سنتين أن لا يمكن الاستمرار بأسلوب إدارة البلد نفسه وبالسياسات نفسها لا سيما الدعم وغيره، إلا أن أي خطوة لم تتخذ في الإطار بل تلهى المسؤولون ولا يزالون بالمناصب وتقاسمها. ورغم المصائب التي نعيش لا تزال الأمور على حالها من محاصصة واختلاف على المناصب والأسماء، من دون وجود وعي متناسب في الإطار، لذا وضع البلد لا يحسد عليه، سيء وقابل للأسوأ”.
وأشار حبيقة إلى أن “الأجواء المحلية تؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف، ولا يمكن حسم الرقم الذي سيصله إلا أنه إلى زيادة من دون سقف، إلا إذا فوجئنا إيجاباً في حال شكّل الرئيس المكلف نجيب ميقاتي حكومة من ذوي الكفاءة المستقلين، لكن يتبين يومياً أن هذا غير وارد خصوصاً مع تقاسم الحقائب بين الأحزاب، بالتالي المُعلن لا يبشّر بالخير”.
وعن الحديث عن عشرات السنوات لوصول لبنان إلى التعافي الاقتصادي في حال تشكيل حكومة من الاختصاصيين والمستقلين القادرين على البدء بالإصلاحات الجدية، اعتبر أن “أوّلاً من المفضل أن تسلّم نصف الوزارات إلى النساء إذ أثبتن قدرتهن على الإدارة ومكافحة الفساد بشكل أفضل من الرجال. لكن، يمكن منذ السنة الأولى البدء بتحسين أوضاع البلد تدريجياً”.
وفي ما خصّ الأموال المخصصة للبنان من صندوق النقد الدولي البالغة 860 مليون دولارـ أوضح حبيقة أن “يمكنها أن تساعد الاقتصاد في حال استثمارها في المكان الصحيح. الإفراج عنها يحتاج إلى حكومة جديدة وأشخاص شفافين يمكن أن يكونوا موضع ثقة من قبل المجتمع الدولي، المشكلة في لبنان إصرار جهات معينة على وزارات محددة لحزب أو لطائفة مثل الإصرار على وزارة المال وغيرها، ما يدعو إلى الشك والتساؤل عن غاية هذا الإصرار، بغض النظر عن مؤهلات الشخص المرشح للمنصب. لا زلنا بعيدين جدّاً عن الحكومة المطلوبة للنهوض بالبلد وأبسط مثال الى ذلك قول الرئيس ميقاتي أنهم يبغون إعطاء حصة لرئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية “تليق فيه”، سائلاً “في حين نتحدث عن مختصين وإنقاذ البلد ما القصد من كلمة “تليق فيه”؟”.