على دارج العادة المملّة التي ألفها اللبنانيون على امتداد جولات التكليف والتأليف العقيمة، يخرج الرئيس المكلف من قصر بعبدا يعلو محياه الرضى عن مجريات النقاش مع رئيس الجمهورية، ولا يلبث أن يبلغ عتبة داره حتى تلحق به “شياطين” التفاصيل التي يدخل على خطها جبران باسيل فتتبدل المعطيات وتتلبّد الأجواء ويتغيّر المزاج الرئاسي 360 درجة. فبالأمس، وبينما كان الرئيس ميشال عون منكباً على التنظير بعمق في الأهمية التي يوليها شخصياً لقطاع الزراعة وفي جهوده المثمرة لزرع بذور “الاقتصاد المنتج الذي يعمل على تحقيقه”، كان الرئيس نجيب ميقاتي “يحصد” مؤشرات الخيبة وتنكيس الآمال التي عقدها على نتيجة لقاء أمس الأول في بعبدا، بعدما طرأت معطيات مستجدة من دوائر الرئاسة الأولى تتصل بطلب إجراء تعديلات على بعض الأسماء المتفق على توزيرها. الأمر الذي قاربته مصادر مواكبة للنقاشات الحكومية من زاوية المناورة والاستمرار في سياسة استنزاف الوقت مقابل “استعجال الرئيس المكلف الحسم خلال مدة زمنية محددة”، معربةً عن اعتقادها بأنّ ميقاتي “أدهى من أن يجرفه “تسونامي” التعطيل ولذلك فإنّ حظوظ الاعتذار ستبقى مناصفة “50/50″ مع التأليف حتى لحظة صدور مراسيم بعبدا، سواءً لاعلان ولادة الحكومة أو لقبول الاعتذار”.
ورغم أنّ معلومات متواترة تحدثت خلال الساعات الأخيرة عن ربط الرئيس المكلف أي زيارة جديدة يقوم بها إلى قصر بعبدا بخروج اللقاء بنتائج نهائية تفضي إلى ولادة الحكومة، أكدت أوساط معنية باتصالات التأليف أنّ “التشاور مستمر ولا شيء حتى الساعة يحول دون استئناف لقاءات القصر الجمهوري لاستكمال النقاش”، مشيرةً إلى أنّ “التقدم الذي حصل في مسألة توزيع الحقائب يجب أن ينسحب على عملية إسقاط الأسماء في حال صفت النوايا الإيجابية وصدقت التوقعات بأنّ كل أطراف الداخل راغبة في تذليل العقبات وتدوير الزوايا لولادة الحكومة”.
أما إذا مرّ الأسبوع الجاري من دون بلوغ مشاورات التأليف أي منعطف مفصلي على الطريق الآيل نحو بلورة الصيغة التوافقية النهائية للتشكيلة الوزارية العتيدة، فإنّ “الحسابات ستختلف ويبدأ العد التنازلي لأسبوع حاسم للمواقف والتوجهات”، وفق تعبير الأوساط نفسها، مشددةً على أنّ “الحسّ الوطني يغلّب اتجاه الأمور نحو خواتيمها المنشودة في الأيام المقبلة، لكن يبقى الحذر واجباً إزاء الأجندات العاملة على إجهاض الحلول وتغليب سيناريو الفوضى في البلد”.