كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
تستمر الإتصالات بشأن تأليف الحكومة لكن من دون التوصّل إلى أي نتيجة حاسمة على رغم أن البلاد تغرق بالأزمات والويلات.
تغيب أجهزة الدولة عن كل ما يحدث في البلاد وكأن هناك تحلّلاً في المؤسسات، في حين أن المداهمات التي تقوم بها القوى الأمنية تقتصر فقط على الداخل بينما التهريب يسير وفق منطق “على عينك يا تاجر” وبغطاء سياسي فاجر.
وفي السياق، فإن الرهان على تأليف حكومة تقوم بالخطوات المطلوبة لتخفيف وطأة الكارثة يبقى الأساس، لكن عملياً لا حكومة في المدى المنظور وكأن هذه الطبقة الحاكمة تستقصد الذهاب بالبلاد نحو الإضمحلال.
وإذا كان رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي يؤكّد أن خيار الإعتذار لا يزال قائماً وسط سريان أخبار عن أن خطوة الإعتذار تتقدّم على التأليف، فإن مثل هكذا خطوة من ميقاتي ستكون لها آثار جانبية سلبية جداً ليس لأن ميقاتي هو رجل المرحلة أو رجل الإصلاح والإنقاذ بل لأن ما سيتبع خطوته سيكون مفاجئاً للجميع.
عندما قبِل ميقاتي بأن يكون هو الرئيس المكلّف إشترط أن ينال تكليفه رضى الرئيس سعد الحريري ونادي رؤساء الحكومات السابقين ودار الفتوى، وحصل على ذلك، ويعمل ميقاتي اليوم وفق أجندة طائفته بشقها السياسي والديني.
وتؤكّد معلومات حصلت عليها “نداء الوطن” أن رسالة قاسية وصلت إلى العهد و”حزب الله” وكل القوى السياسية الأخرى، وهذه الرسالة أرسلها أرفع المسؤولين الدينيين والسياسيين في الطائفة السنية ومفادها أنه إذا استمرّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وصهره رئيس “التيار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل ومن خلفهما “حزب الله” بمسار العرقلة ودفعوا ميقاتي إلى الإعتذار، فإن الأخير سيكون آخر رئيس حكومة مكلّف في عهد عون وبعدها الطوفان.
وتشير المعلومات إلى أن هذا الموقف من الطائفة السنية هو حازم لأن عون يعمد إلى ضرب موقع رئاسة الحكومة ويدفع رؤساء الحكومات المكلّفين إلى الإعتذار مثلما حصل مع السفير مصطفى أديب وبعده الرئيس سعد الحريري وقد يحصل هذا الأمر مع ميقاتي في وقت قريب.
وتعود أسباب هذا الموقف المتشدّد أيضاً إلى أن عون يستمر في سياساته ويريد أن يسيطر على كل شيء بدعم وغطاء من “حزب الله”، وبالتالي فإن ما سيحصل بعد اعتذار ميقاتي سيكون خطيراً جداً.
وفي التفاصيل، فإن الإتفاق بين أرفع المرجعيات الدينية والسياسية في الطائفة السنية ينصّ على أنه في حال اعتذار ميقاتي فإن “الحُرم” سيوضع على أي اسم لرئاسة الحكومة وسيقاطع النواب السنّة الإستشارات النيابية الملزمة التي يجريها رئيس الجمهورية لتسمية رئيس حكومة جديد، ولن يقدم الحريري أو “نادي رؤساء الحكومات السابقين” على تسمية أي مرشّح، وستخوض دار الفتوى المواجهة مع أي رئيس حكومة تكلّفه أغلبية أركان العهد و”حزب الله” ولن ينال أي غطاء سنّي وقد تصل الأمور إلى تحريك الشارع في وجهه لإسقاطه وإسقاط عون من بعده.
إذاً، فإن البلاد قادمة على مواجهة سياسية حادة ستستنفر معها الطائفة السنية في حال اعتذار ميقاتي للأسباب المذكورة، حيث تؤكّد المرجعيات السنّية أنها لن تقبل بتسمية أي اسم سنّي آخر، وبالتالي فلتستمر حكومة الرئيس حسان دياب في تصريف الأعمال وليتحمّل عون و”حزب الله” وقوى المحور الإيراني نتائج أعمالهم.