IMLebanon

“دزّة” رفيعة خلف كشف مغارة علي بابا الدوائية؟

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

منذ أيام وتبحث سارة عن دواء لتجلطات الدم لوالدها، لم تترك صيدلية لم تزرها، “مش موجود” هو ما تلاقيه عند الصيدلي الذي عادة ما يؤكد لها أن الشركات لا تسلمنا الدواء، وبمعظمهم يخبئونه لحين رفع الدعم، ضاربين بعرض الحائط وجع الناس وآلامهم ووقوعهم عند خط الموت.

منذ فترة ومعظم صيدليات النبطية مقفلة، فهي باتت عاجزة عن تلبية مريض من هنا وحالة طارئة من هناك، فالازمة الراهنة تتوقف على تخزين الدواء، اسوة بأخواته من المازوت والبنزين والغاز وحتى المستلزمات الطبية.

كثر مثل سارة، يبحثون عن ادويتهم المزمنة المخبأة في مستودعات المحتكرين الذين داهمهم وزير الصحة حمد حسن على غفلة من امرهم، حاولوا الاختباء تحت مظلة حزبية، غير انه في الجانب الصحي “لا خيمة فوق رأس احد”. من جدرا الى الغازية وتول كانت مستودعات ادوية المحتكرين تتهاوى بضربة وزير الصحة القاضية، اذ كشفت المداهمات النهارية والليلية عن مخزون كبير جداً او “صيد ثمين” كما سماه الوزير الذي فضح المتلاعبين بأزمة الدواء، اوقفهم عند حدّهم، فـ”صحة الناس ليس للتجارة”، قالها حسن اثناء مداهمته مخازن تحوي مئات الاصناف من الادوية المزمنة والمستعصية وحليب الأطفال والبنادول وغيرها من الادوية التي يئس المواطن من البحث عنها من دون جدوى، بينما هي في جيوب الفاسدين الذين ينتظرون رفع الدعم لطرحها مجدداً في السوق لتحقيق ربح يسير.

قرابة العاشرة ليل الثلثاء، داهم وزير الصحة شقة في بلدة تول تعود للمواطن ح.ب يؤازره عناصر من القوى الامنية والمفرزة القضائية. وفق المعلومات فإن الشقة تحوي مئات الاصناف من الادوية، وهي تقع خلف مستودع للادوية الذي يستعمله ع.ب للتمويه عن مخبئه السري، وح.ب كان شريك ع.خ صاحب مستودع الادوية في الغازية والتي وضعت وزارة الصحة اليد عليه، غير ان خلافات نشبت بين الاثنين وانهيا الشراكة ليعمل كل منهما على حدة.

وتشير المعطيات الى ان ح.ب يعمل بإسم وهمي، ويدفع اجرة شهرية للموظف، المسجّلة الشركة بإسمه لابعاد الشبهة عنه، وانه يتلطّى بعباءة حزبية، ظناً منه انه سيكون خارج الشبهات. ولا تخفي المعلومات ان “دزّة” من المستوى الرفيع اوقعت بـ ح. ب وع. خ وفضحت امرهما، وتؤكد أن لا غطاء على احد، وان المحتكر مجرم وفاجر على حدّ سواء.

اكثر من ثلاث ساعات انتظر وزير الصحة والفريق الامني المرافق ليحضر صاحب الشقة الذي تمنّع عن الحضور، فما كان من الفريق الامني الا ان فتح الباب بالقوة لتتكشف مغارة علي بابا الدوائية، من ادوية الامراض المزمنة والسكري و”كورونا” وغيرها، وتكشف حجم التخزين وحرمان المرضى ادويتهم، وكان لافتاً ان معظم الادوية مخزنة بطريقة خاطئة وقد تؤدي لتلفها، ما يعني خسارة مزدوجة للمرضى..

ولان صرخة الناس موجعة ومؤلمة وفق وصف حسن، فإن ما يقوم به يأتي مثابة “ضرب وكر المحتكرين في عقر دارهم”، مؤكداً أنهم سيساقون للعدالة وانه جرى توقيفهم، جازماً بأن الدواء المصادر سيذهب الى المرضى وبالمجان.

بدا حمد مستاء من حجم الاحتكار، فبين الحلال والحرام دواء مخزّن ومفقود من السوق، وهو ما يجب وضع حدّ له. كان حازماً بملاحقته لجيوب المحتكرين، يدرك أن الطريق شاق، غير انه على يقين أن صحة الناس ليست للتلاعب، وان الدواء يجب ان يصل لمحتاجيه.

وتشير المعلومات الى ان أصحاب المستودعات حاول كل منهم ان يبرّر فعلته، تارة بحجّة “مش عارف”، وتارة اخرى بحّجة “الشقة مش الي”، و”الادوية لفلان”، بالرغم من أن المعلومات تؤكد أنهم أصحاب سوابق وأن الاحتكار سِمتهم منذ سنوات، وانهم جمعوا اموالاً طائلة من وراء هذا الغش والتلاعب. ولا تخفي المعلومات أن صاحب مخزن تول ح.ب كان يعول على عدم كشفه، سيما وانه افرغ مستودعه نهائياً من الادوية بحجة “نفد المخزون” في وقت هيأ فيه شقته للتخزين عبر فتح باب خلفي من ناحية المخزن لابعاد الشبهة عنه، متناسياً أن المريض الموجوع والناس المقهورة لن تترك أحداً يتلاعب بصحتها، وهذا ما اكد عليه حسن لافتاً الى ان “المداهمة جاءت لان هناك ادلة دامغة على تخزين الادوية داخل الشقة”، ناهراً صاحبها بالقول “مش مستحي من حالك، الشقة لمين مفتاحها مش معك؟” مشيراً الى انه لو بقي يوم واحد في عمر الحكومة فانه لن يتوانى في الدفاع عن حقوق المرضى.

وقع خبر مداهمة مخازن ادوية كان واسعاً في اوساط ابناء النبطية ممن ضاقوا ذرعاً من البحث عن دواء من دون جدوى، اعلنوا جهاراً ان المحتكر لا دين ولا طائفة له، وانه يجب ان يعفن في الحبس لأنه حرم مريضاً من دوائه فمات، وهذا ما وجّهه حسن لـ ح.ب حين عثر على ادوية لعلاج “كورونا” قائلاً له “هالدوا من دونه الناس عم بتموت وانت مخزنو، هيدا لعلاج تجلطات “كورونا”، وين ضميركم”؟

ما يريده المواطن ليس كشف التخزين ومصادرة الادوية، يريد محاسبة ليكونوا عبرة لمن اعتبر، وإذ تفاءل الناس بخطوة وزير الصحة لانها تلامس صحتهم في دوائهم، اعتبروها خطوة اولى على درب مكافحة المحتكرين علّها تكون خطوة انقاذية في بلد يبدو ان الانقاذ فيه متوقف على “صوص ونقطة”.