في 19 آب الجاري رفع أمين عام حزب الله حسن نصرالله إصبعه وقال متحديا المجتمع الدولي وأمن لبنان:”سفينتنا الأولى ستنطلق خلال ساعات من إيران محملة بمواد المازوت وستتبعها سفن أخرى”. مرت الساعات والأيام وقد تمر الأشهر والسفينة الأولى لم تنطلق بعد ولن…ربما. أكثر من ذلك فهي لم تغادر إيران حتى الآن بحسب موقع تعقّب بحري. كلام في السياسة؟ هكذا يبدو. وقد يكون الإعلان في سياق التحدي والاستنزاف والرسائل القوية الى اميركا واسرائيل، كما تشير أوساط ديبلوماسية، خصوصا ان لبنان غير قادر على تفريغ المحروقات الايرانية في لبنان لان أي من الشركات التي تملك الخزانات ترفض استقبال النفط الايراني والتعاون لئلا تقع تحت وابل العقوبات الاميركية، أو ربما لاستخدام فزاعة السفن الإيرانية كورقة ضغط في المفاوضات الإيرانية-الأميركية المقرر استئنافها في أيلول المقبل.
رئيس لجنة تنفيذ القرارات الدولية الخاصة بلبنان طوني نيسي علق على كلام نصرالله لـ”المركزية” قائلا:” الأرجح أن لا باخرة ولا بواخر لاحقة لأنه لو صح كلام نصرالله لكان يفترض أن تكون الباخرة الأولى في طريق عودتها إلى إيران. هذا يعني أنه لم يقل الحقيقة. أما في المضمون فكلنا يعلم أن إيران لا تنتج المازوت ولا البنزين وهي لا تملك إلا النفط الخام ولا يمكن استجراره إلى لبنان.ثم من قال إنه ممنوع على لبنان استقدام البنزين والمازوت من أية دولة في العالم؟ نحن غير محاصرين بدليل أن هناك سفينة محملة بأطنان من الفيول أويل ترسو في عرض البحر . المشكلة تتوقف على تأمين المستحقات ووفق أي سعر سيتم بيعها في السوق اللبناني. وهل سيبقى مدعوماً من جيب اللبناني وودائعه أم لا”.
وفي قراءة لخلفيات إعلان نصرالله يؤكد نيسي “أن هناك قرارا إيرانيا بوضع الملف اللبناني على طاولة مفاوضات فيينا لاستعماله كورقة ضغط في وجه الأميركيين وإبراز قدراتها في فرض سيطرتها على دول المنطقة ومنها لبنان بعدما بدأت تتكبد خسائر فادحة في العراق في ظل وجود الكاظمي. إنطلاقا من ذلك لا حكومة في المدى المنظور ولا حلول ولا مبادرات أو استجابة دولية لإنقاذ لبنان”.
من جهة ثانية انتقد نيسي أسلوب مواجهة حزب الله في الداخل وقال:” المواجهة الحقيقية لحزب الله تقتصر على بعض المجموعات السيادية والأشخاص، في حين لا يبدو أن هناك قرارا جديا بالمواجهة من قبل أفرقاء سياسيين وأحزاب وأركان الثورة. فالكل منشغل بالإنتخابات النيابية ويتكلم من هذا المحور، حتى أنه يطالب بالرقابة الدولية على الإنتخابات إذا ما حصلت. من هنا لم يعد المجتمع الدولي مستعدا لإطلاق يد المساعدات طالما أنه لا يجد “متلقيا” أما المجموعات السيادية فهي عاجزة عن استنهاض الداخل ومحاورة مراكز القرار في الأمم المتحدة. وكان الأجدى بقوى المعارضة أن يطالبوا بتنفيذ القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة بدل الرهان والتلهي بمسألة الإنتخابات النيابية لأن النتائج لن تحدث أي تغيير حتى لو أفرزت قيادات جديدة طالما أن الهيمنة الإيرانية موجودة وهذا ما أثبتته النتائج في دورتي ال2009 عندما قال نصرالله ” في أيديكم الشرعية الدستورية وبيدنا الشرعية الشعبية كذلك الحال في انتخابات 2016″.
وسط اجواء من التصعيد والتوتر والضغط الايراني لابتزاز ادارة بايدن التي تشظت داخليا بعد خطوة افغانستان ستستأنف المفاوضات النووية وفي هذا السياق سألت اوساط في المعارضة لماذا اراد الحزب الاعلان عن خطوة وصول باخرة إيرانية وعن دفعة جديدة من البواخر الى لبنان محذرا من أن هذه البواخر هي ارض لبنانية في موقف أقرب إلى التحدي وحشر لبنان في صراع لا ناقة له فيه ولا جمل وتوريطه لمصلحة ايران. ويقول نيسي “إيران تريد إبعاد كأس الشروط التي وضعها الأميركي على طاولة المفاوضات، وهي السلاح النووي والصواريخ الباليستية التي باتت تهدد العالم، وأذرع إيران في المنطقة وعلى رأسهم حزب الله من خلال الملف اللبناني إنطلاقا من موقع لبنان على الحدود مع إسرائيل وبالتالي إغراق لبنان في الملف النووي. وفي مسالة إدخال النفط عبر سوريا لفت “إلى أن إيران أعجز من أن تقدّم للبنان كميات من المازوت والبنزين. ولو كانت تملكها لكانت قدمتها إلى سوريا بدلا من أن يتم تهريب المحروقات المدعومة من لبنان إلى سوريا كما حصل مؤخرا في الكميات التي دفع مصرف لبنان ثمنها وبلغت قيمتها 850 مليون دولار..من هنا يمكن الجزم بأن كلام نصرالله لا يصرف إلا في السياسة وليس في الإنماء بهدف وضع لبنان على طاولة المفاوضات…وهو قادر لأنه الحاكم بأمره”.