IMLebanon

الحكومة والباخرة الإيرانية: نفط نصرالله “يدشن” الإدارات الذاتية؟

كتب منير الربيع في “المدن”: 

هناك من يربط بين باخرة النفط الإيرانية وعملية تشكيل الحكومة. وعليه يتلازم سؤالان: متى تصل الباخرة، وإلى أين؟ ومتى تتشكل الحكومة وكيف؟

ميقاتي يؤجل

الباخرة الإيرانية في البحر. والحكومة في مدار الحسابات المصلحية في الداخل، من دون إغفال الأبعاد الخارجية، وبغض النظر عن مواعيد للقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف، ومن ثم تأجيلها.

وما أثر وصول الباخرة إلى لبنان على الحكومة وعلى رئيس الجمهورية؟

قد يلجأ ميقاتي إلى تأخير إعلان حكومته إلى ما بعد وصول الباخرة. فرسوها على الشواطئ اللبنانية يرفع منسوب التوتير مع الغرب. وهذا قد يؤدي إلى فرض عقوبات قاسية على لبنان. والسفيرة الأميركية لا تزال تؤكد أن مسار العقوبات على شخصيات لبنانية لم ينته ولم يتوقف. وهناك مصادر أميركية تؤكد أن إعلان السفيرة في بيروت عن السماح للبنان باستيراد الغاز المصري هو رد فعل مستعجل، ولن يكون له أثر فعلي قريباً. وحتى لو كانت هناك إرادة، فالأمر يحتاج إلى وقت طويل، وإلى حكومة.

عون وحزب الله

وإذا كان ميقاتي يريد التأجيل حتى تتضح الصورة، فإن رئيس الجمهورية ميشال عون سيكون في مواجهة استحقاق دخول الباخرة الإيرانية إلى الشواطئ اللبنانية وتفريغها في السوق اللبناني.

أما في حال لجأ حزب الله إلى إدخال الباخرة إلى بانياس، وعمل على نقل المحروقات براً وفي صهاريج إلى لبنان، فهناك حسبة ثانية: قد يُفرض المزيد من العقوبات على حزب الله، ويتصعّد الموقف السياسي الأميركي، ليصبح لبنان عالقاً بوضوح بين فكي إيران وأميركا.

بانياس وميقاتي

وثمة من يعتبر أن السباق قائم بين الحكومة والباخرة. وتشكيل الحكومة قبل وصول الباخرة، قد يؤدي إلى إراحة الساحة اللبنانية، وتوفير مقومات تسوية إقليمية ودولية هدفها الحد من وتيرة الانهيار المتسارع.

أما في حال ترك تشكيل الحكومة إلى ما بعد وصول الباخرة إلى مرفأ بانياس، فقد تكون الباخرة الوحيدة ليتوقف المسار بعدها، فلا يكون ميقاتي في المواجهة، ولا يكون محرجاً.

تناقضات نصرالله

وانطوت الأشهر السابقة على استفحال الأزمة ومزيد من الانهيار والتحلل في مؤسسات الدولة. تحولت هذه إلى حال العدم، وتنامت السوق السوداء وازدهرت على حساب ما تبقى من دولة. وهذا يكاد يقود إلى فوضى يسعى البعض إلى تجنبها.

وإذا كان كلام نصر الله عن إدخال النفط الإيراني يهدف -بحسبه- إلى التخفيف من الأزمة، وتجنب الفوضى، فإن باخرته الإيرانية، وسكوت الدولة اللبنانية، حتى في حال مرورها بسلام ومن دون أي إجراء دولي، يقودان إلى نقطة واحدة وأساسية: إحياء الطوائف منطق الإدارات المدنية. وهناك قوى سياسية وحزبية وطائفية ستسعى إلى القيام بإجراءات مماثلة، تؤسس للإدارات الذاتية، على أساس جغرافي وسياسي، طائفي ومذهبي.

دويلات طائفية

وهذا يؤدي إلى تعزيز نزعة التقوقع أكثر فأكثر لدى الجماعات اللبنانية. وهي نزعة تستهوي كثيرين في هذه المرحلة. ومنهم أصحاب نزعات الخصخصة المناطقية للمحروقات والأدوية، ولاحقاً الماء والخبز وسواها.

وهذا لا بد أن يكون معطوفاً على الفساد السياسي والاجتماعي المستشري في البيئات اللبنانية. إذ سريعاً ما تنعش الجماعات اللبنانية السوق السوداء، فيصبح جميعهم من أربابها وروادها. سواء على خطّ تصريف الدولار، أو الاتجار بالمحروقات. وعندما يتداخل كل هذا الفساد بانهيار الدولة، ينتعش منطق الدويلات الطائفية والمذهبية.