Site icon IMLebanon

نفط إيران إلى لبنان… هل يشكّل ميقاتي أو يعتذر؟

This undated image released by the US Department of Justice shows the Bella oil tanker. - The US Justice Department on August 14, 2020, confirmed it had seized the fuel cargo aboard four tankers, including the Bella, sent by Iran to crisis-wracked Venezuela, tying the shipments to Tehran's Revolutionary Guards and stepping up the pressure on its foe. "With the assistance of foreign partners, this seized property is now in US custody," the Justice Department said, putting the total at more than one million barrels of petroleum and calling it the largest-ever seizure of fuel shipments from Iran. (Photo by - / US DEPARTMENT OF JUSTICE / AFP) / RESTRICTED TO EDITORIAL USE - MANDATORY CREDIT "AFP PHOTO / US Department of Justice" - NO MARKETING - NO ADVERTISING CAMPAIGNS - DISTRIBUTED AS A SERVICE TO CLIENTS

جاء في الأنباء الكويتية:

في الأسابيع الماضية كان السؤال: هل يشكل الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الحكومة أم يعتذر؟! السؤال الذي يطرح الآن: لماذا يتريث ويتأنى، بعدما ضاق هامش الوقت والمناورة كثيرا؟

يميل البعض إلى ربط هذا التريث بتطورات التشكيل التي لم تكن مريحة ومطمئنة بالنسبة للرئيس المكلف، بعدما انقلبت تركيبة الحكومة رأسا على عقب، ولم تعد العقبات محصورة بحقيبة واحدة دون سواها. وآخر الإشكالات التي استجدت هي أن الرئيس ميشال عون يعترض على فكرة ثبات الأسماء السنة والشيعة، بينما يطلب الرئيس المكلف أو يشترط موافقة على الأسماء المسيحية المقترحة من عون الذي بدّل في اللحظات الأخيرة أسماء كان اقترحها بنفسه.

يميل آخرون للحديث عن إحراج سياسي يواجهه ميقاتي العالق بين قيود وسقف رؤساء الحكومات وهامش التفاوض الضيق مع رئيس الجمهورية، وهذا عائد إلى طبيعة المعركة السياسية المفتوحة والمترابطة حلقاتها من الحكومة إلى الانتخابات النيابية فالرئاسية، وهذه المعركة بالنسبة للرئيس سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل هي معركة وجودية، معركة حياة أو موت. فالحريري يتوجس من خطة بدأت بإزاحته من رئاسة الحكومة وتهدف إلى إضعافه وتهميشه، وباسيل يتوجس من خطة لإلغائه أو اغتياله سياسيا من تحالف قوى واسع يعتقد أصحابه أن الفرصة مؤاتية للإجهاز عليه «سياسيا وحكوميا» بعد الضربات الشعبية (عقب انتفاضة 17 أكتوبر) والمعنوية (المتمثلة بالعقوبات الأميركية) التي تلقاها.

وهناك من يذهب إلى أبعد، إلى الإقليم، معتبرا أن الأزمة الحكومية لم تعد محصورة في حقائب وأسماء وبرنامج عمل، و«تجاوزت الحدود»، بمعنى أنها باتت واقعة تحت تأثير التطورات الإقليمية المتسارعة، والتي برز فيها تصاعد التوتر الأميركي ـ الإيراني بعد انتخاب الرئيس المحافظ إبراهيم رئيسي وتوقف مفاوضات ڤيينا، وتداعيات الانسحاب الأميركي من أفغانستان على ملفات وأزمات المنطقة،

وعلى الوجود الأميركي في العراق وسورية.. ولكن التطور الإقليمي ذا «المنشأ اللبناني» الأكثر ارتباطا بموضوع الحكومة وتأثيرا عليه، هو موضوع سفينة النفط الإيرانية القادمة إلى لبنان بطلب من حزب الله، والتي سيتبعها بعد نجاح التجربة الأولى «أسطول من السفن»، مع ما يعنيه ذلك من رفع درجة التحدي من جانب إيران وحزب الله في وجه الولايات المتحدة، ورفع درجة التوتر بين إسرائيل وإيران في إطار «حرب السفن والبحار»، ورفع درجة التعقيدات في الداخل اللبناني المنقسم في ملفات كثيرة، وزاده هذا الملف انقساما.

الانطباع والشعور الذي بدأ يغزو الوسط السياسي في لبنان أن هناك سباقا جديدا بين وصول السفينة الإيرانية وتشكيل الحكومة اللبنانية، وأن الرئيس المكلف يتريث إلى ما بعد جلاء ملابسات السفينة وعلى أي شواطئ ونهايات سترسو، رغم ما قيل عن نصائح فرنسية وأميركية بفصل مسار التأليف عن مسار السفينة والاستمرار في الدفع باتجاه تشكيل الحكومة وعدم التفكير بالاعتذار.

حزب الله كان أرسل في الأيام الماضية إشارات سياسية يقول من خلالها أنه لا رابط بين السفينة الإيرانية والحكومة، وأن مثل هذا الربط هو «مفتعل ومشبوه»، والهدف منه تحميل مسؤولية تأخير الحكومة لإيران وله. فالحكومة عالقة في عقد وتجاذبات داخلية كانت قبل موضوع السفينة، واستيراد النفط الإيراني هدفه كسر الحصار الاقتصادي والتخفيف من معاناة الناس، ولا ينطوي على توظيف سياسي أو حكومي.. ولكن نفي حزب الله لوجود علاقة أو رابط بين «السفينة والحكومة» لا يلغي واقع أن هناك رأيا مخالفا وعلى نطاق واسع يرى تأثيرات واضحة للتطورات الأخيرة على مسار تأليف الحكومة، وأن هذه التطورات داهمت ميقاتي وأحرجته ووضعته أمام سؤالين:

٭ الأول هو: كيف سيواجه مسألة استيراد حزب الله النفط من إيران، وهل يملك خطة واضحة، لاسيما أن قرار الحزب حازم وحاسم في هذا الخصوص، والمعلومات هنا تشير إلى أن الحزب لم يفاتح ميقاتي بهذا الموضوع؟

٭ الثاني: كيف سيتعامل مع مسألة إعادة التواصل الرسمي المباشر مع سورية، بعد طرح الأميركيين استجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن عبر أراضيها، رغم عدم إمكانية تحقيق هذا الموضوع في الأمد القريب لأسباب سياسية وتقنية؟

يرى مراقبون أن الرئيس ميقاتي لم تثنه عقد حكومية وألغام محلية مثل موضوع حاكم مصرف لبنان، ولكنه اصطدم بملفات ذات بعد إقليمي مثل ملف البواخر الإيرانية التي تنتظر تبيان الموقف الدولي منها قبل حسم موضوع الحكومة، ذلك أن مسألة حصول لبنان على نفط إيراني، ليس مسألة بسيطة، بل هي تتعلق بالرسم الاستراتيجي للمنطقة، وهي مسألة قد تؤدي إلى حرب أو إلى تسوية، ولذلك هناك في لبنان من ينتظر لمعرفة النتيجة. ورئيس الحكومة المكلف لا يتحمل وجوده على رأس الحكومة عند وصول الباخرة الإيرانية إلى لبنان، في حال لم تكن الأجواء واضحة حيالها، وتحديدا الأجواء الأميركية، ووصول الباخرة وتفريغها ووصول غيرها، قد يعني ربما أن تسوية ما قد ركبت خلال المفاوضات المباشرة وغير المباشرة التي تجري بين الإيرانيين والأميركيين، وعندها قد تكون الأمور مفتوحة أكثر باتجاه الحلول. أما في حال حصلت تعقيدات وتوترات، فعندها يكون ميقاتي بمأمن عن أي تبعات سياسية.

خصوم إيران وحزب الله في لبنان يذهبون إلى أكثر من السفن النفطية، إلى أساس موقف إيران ومشروعها. وفي نظر هؤلاء المسألة ليست في أن يشكل ميقاتي حكومة أو لا يشكل. المسألة هل تريد إيران حكومة في لبنان، خصوصا أن لديها حسابات خاصة بها، وتعتبر لبنان مجرد ورقة في إطار هذه الحسابات. الأهم من ذلك كله أن على اللبنانيين التلهي بتشكيل حكومة وتجاهل ما حل ببلدهم من كارثة تصب في مكان واحد هو إقامة نظام جديد يأخذ في الاعتبار أن لبنان الذي عرفناه لم تعد له علاقة بلبنان الحالي بعدما غير حزب الله طبيعته كله على غرار تغييره طبيعة الطائفة الشيعية فيه. فوق ذلك، لم يعد لبنان موضع اهتمام إقليمي أو دولي، إلا من زاويتين وحيدتين هما أمن إسرائيل والنفط والغاز قبالة شاطئه. ولا يوجد حاليا من يريد لملمة ما بقي من لبنان، علما أن حكومة شبه معقولة ذات مواصفات معينة قد تستطيع، في أفضل الأحوال، توفير حد أدنى من الشروط التي توقف الانهيار المستمر. ستكون مثل هذه الحكومة مجرد مسكن ينتهي مفعوله في غضون أسابيع قليلة في غياب معالجة لجذور المشكلة، أي سلاح حزب الله الذي يحمي الفساد من جهة، والهيمنة الإيرانية من جهة أخرى.