لا تتوانى أوساط دبلوماسية غربية عن الاعراب عن خشيتها من طبيعة المرحلة المقبلة في لبنان فيما لو لم تتشكل حكومة. وتشير الى ان ذلك قد يضع الانتخابات النيابية والرئاسية في مهب الريح رغم مراهنة الداخل والخارج على التغيير عبر الانتخابات النيابية، لا سيما في ضوء معلومات تبثها جهات معارضة عن ان بعض فريق السلطة يفضّل ان تبقى الامور على حالها في ظل حال فراغ دستوري وحكومة مستقيلة تصرف الاعمال الى ان يحين موعد التسوية الكبرى في المنطقة. لكن هل يمكن للبنان ان يصمد حتى موعد التسوية أم تجري الانتخابات وتؤمن التغيير المنتظر استناداً الى انتفاضة 17 تشرين الاول عام 2019؟
القيادي السابق في التيار الوطني الحر نعيم عون أكد لـ”المركزية” ان هناك استحالة للوضع كي يبقى على حاله حتى موعد الانتخابات، وان تغييراً جذرياً وانفجاراً كبيراً سيحدث قبل موعد الاستحقاقات بكثير، لأن الوضع لم يعد يحتمل واللعبة أصبحت في مكان آخر، فاللبناني لم يعد بمقدوره تحمّل الضغط القابع تحته ووصلنا الى مرحلة الارتطام الكبير، حيث لن يتمكن نحو 70 في المئة من المواطنين من تأمين كلفة المستلزمات المعيشية الاساسية. لم يعد الامر خيارا لدى الشعب اللبناني في ظل الاستحالة على الاستمرار والبقاء والصمود.
أضاف: “موضوع الانتخابات غير مؤجل، لأن الدول مستعدة لتمويلها، ومجرد التفكير بهذا الامر سيخلق مشكلة أخرى، خاصة وان اللبناني يشعر ان الانتخابات ستكون متنفس للخروج من أزمته”.
واعتبر عون ان اللبناني، مع تطور الاحداث خاصة الاجتماعية، سيواجه نهاية أيلول أزمة، مفندا ذلك بالارقام، لافتاً الى “اننا اذا قسمنا الحاجات الاساسية من غذاء ودواء واستشفاء وتعليم ومشتقات نفطية (الكهرباء) نجد ان اللبناني لم يعد باستطاعته الصمود. سيصبح سعر صفيحة البنزين بين 250 و300 الف ليرة. أما بالنسبة للكهرباء، فقد تمّ رصد مبلغ الـ 225 مليون دولار لاستيراد المشتقات النفطية، اليوم هناك عشر بواخر تفرغ حمولتها، معدل كل باخرة يدعمها البنك المركزي بـ28 مليون دولار، اي ما يفوق الـ 280 مليون دولار، فنكون بذلك قد تخطينا المبلغ المرصود. كما ان المازوت سيخصص بالدرجة الاولى للاحتياجات الاساسية من مستشفيات وافران وليس لإنتاج الكهرباء. أضف الى ذلك، ان سعر طن المازوت سيصبح 570 دولارا، اي 11 مليون ليرة لبنانية على سعر صرف الـ19 الف. هل يمكن تخيل الارقام؟ خاصة وأنها ستتضاعف مرات ومرات في ايلول”، جازماً بأن “اللبناني لن يتمكن من الاستمرار. لقد ضحى بالمشوار واللباس، لكن هل سيتمكن من العيش من دون كهرباء وطعام ودواء؟”.
وتابع: “الناس تتنظر الانتخابات لإجراء التغيير انما تسارع الاحداث وسرعة الانهيار، لن يسمحا للمواطنين بالصمود حتى موعد الانتخابات او التسوية. ما معنى حصول تسوية، في حال كانت ستحصل؟ اولاً لبنان ليس في اولوياتها، وثانياً التسوية تعني لا غالب ولا مغلوب ولن تكون على حساب فريق دون الآخر. فلماذا إذاً لا يقوم بها لبنان طوعاً قبل ان يضطر للقبول بها مرغماً؟”، مؤكداً ان بإمكان السلطة انتاج تسوية وإدارة متناغمة ومن ثم التحدث مع المجتمع الدولي لطلب مساعدة. هناك تلاقي مصالح بين القوى المتنازعة فوق لبنان، ولدى الفريقين مصلحة الا ينفجر الوضع او ان يذهب الى الاسوأ”.
وختم: “لبنان سيدخل مرحلة جديدة، تقوم على تغيير جذري في الوضع والا فلا امكانية للاستمرار في الحياة. الى هذه الدرجة اصبح الوضع خطراً”.