كتبت غادة حلاوي في نداء الوطن:
بين الرغبة الفرنسية بالتوافق مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وضغط رؤساء الحكومات السابقين “بتعمل التركيبي اللي بدك ياها وشو بدك فيه”، أعاد الرئيس المكلف نجيب ميقاتي كتابة واجباته الحكومية مجدداً وأعدّ نسخة حكومية “مقبولة بحدها الادنى”، وحملها الى بعبدا ليتبيّن انها تشكيلة “ملغومة” بأسماء وتوزيع جديد للحقائب استفز عون، فانتهى الاجتماع بنتجية سلبية ولو اتفق الجانبان على استكمال البحث اليوم.
في الزيارة الثالثة عشرة خرج الرئيس المكلف نجيب ميقاتي من بعبدا مفوضاً امره للعلي الأعلى مكتفياً بالقول لسائليه “انشالله خير”، لكن الخير الذي ينشده ميقاتي لا يزال بعيد المنال بدليل الاجواء السلبية التي سادت اجتماعه امس مع رئيس الجمهورية. تقاطعت المعلومات لدى اكثر من مصدر على ان التشكيلة الـ”واقعية” التي حملها ميقاتي الى عون لم تكن الا تشكيلة “ملغومة”، بعد ان بدّل في توزيع الحقائب المتفق عليه سابقاً بحجة تناسب الاسماء المقترحة مع الحقائب، ليتوسع الخلاف في ضوء مستجد تمثل في تلبية ميقاتي رغبة “المردة” بحصة من وزيرين موارنة رفضها عون، على اعتبار ان الاتفاق سبق وحصل حول وزيرين احدهما ماروني وآخر كاثوليكي او ارثوذكسي، كذلك استمر الخلاف حول حقائب الداخلية والعدل والشؤون الاجتماعية وان تبدلاً مستمراً يحصل في الاسماء المقترحة ومن قبل الرئيسين.
نقاشات مستفيضة بين الرئيسين انتهت الى فشل على الاتفاق الا على اجتماع جديد اليوم. في وقت رفضت مصادر مطلعة الحديث عن اجواء سلبية بالمطلق وقالت ان الاجتماع كان عادياً ولم يحصل توافق على كل الاسماء، وتابعت: هناك اسماء وتوزيع جديد للحقائب ضمّنه ميقاتي لائحته الحكومية تطلبت نقاشاً مستفيضاً لم ينته بعد. واذ اكدت ان الاتفاق تم حول بعض الاسماء قالت ان اسماء اخرى اختلف الرئيسان بشأنها، وقد وضعت بصيغة يصعب تمريرها ولا تتناسب مع المعطيات المتفق عليها بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، كما ان حقائب عدة خضعت لتغيير وحصل توزيع جديد غير المتفق عليه. كلها مستجدات كانت تتطلب اعادة بحث واستفسار من جديد ولذا كان من الضروري عقد اجتماع جديد لاستكمال المفاوضات حول الاسماء المقترحة. وفي بعض تفاصيل الخلاف ان ميقاتي اقترح اسماء جديدة لحقائب الداخلية لم يوافق عليها عون، ولم يتم التوافق على الاسماء المطروحة للعدل والاقتصاد والشؤون ونائب رئيس الحكومة فيما الارجح ان الطاقة باتت من الاسماء المتفق عليها، واستجدت حصة المردة من الموارنة بعد ان كان متفقاً ان تبقى على صيغتها السابقة.
واذ تؤكد المصادر ان المشكلة في التغيرات التي اضافها ميقاتي بدل تلك المتفق عليها لم تجد جواباً شافياً ولا مبرراً لما فعله في الحقائب والاسماء المسيحية، في وقت ان رئيس مجلس النواب نبيه بري مثلاً لم يسلم الاسماء النهائية بعد فيما القومي سلم اسماً رفض استبداله بآخر.
تبرير ميقاتي تغييراته بوجوب تَناسُب الحقائب مع الاسماء لم يقنع عون الذي لم يكن مرتاحاً لما حمله الرئيس المكلف واخلاله بما سبق واتفق عليه من توزيع للحقائب، ما عزز كلام المتحدثين عن وجود قطب مخفية في وقت يبدي ميقاتي انزعاجاً في حال بدل عون اسماء سبق واقترحها، بعد ان ارتأى انها لم تعد تتناسب مع المستجدات التي طرأت ويرى في ذلك تعطيلاً.
خرج ميقاتي مهموماً من بعبدا امس، توجه الى الباب الخارجي مباشرة وتقصد من عبارة “ان شاالله” الايحاء ان المباحثات باءت بالفشل لكن لا حول ولا قوة، بالمقابل ترفض المصادر المطلعة الحديث عن فشل بالمطلق لاصرار الجميع على السير بالمفاوضات، ولو انها تسلِّم ان التعثر لا يوحي بحكومة قريبة اللهم الا اذا حل عنصر المفاجأة وتم تذليل العقبات في لحظة ما، او تعالت وتيرة الضغط الفرنسي الذي يتواصل بشكل مستمر مع ميقاتي وكان نصحه تجنب زيارة بعبدا الثلثاء الماضي تجنباً لتفجير الموقف مع عون. وتتابع المصادر قولها في هذا الشأن ان ميقاتي لبى الرغبة الفرنسية باعداد تشكيلة توافقية مع عون وحاول السير ضمن الخطوط الحمر، والتوفيق بين المطلوب منه فرنسياً وضغط رؤساء الحكومات ليجد نفسه امام تعثر جديد.