IMLebanon

المنظومة تلعب على الوتر الطائفي.. والبيطار يناطح وحيدا!

وحيدا، يناطح المحقق العدلي في قضية مجزرة مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار منظمومة سياسية تتقن فن اللعب على الوتر الطائفي والسياسي الحساس، ولا تنفك توجه الضربات القاسية إلى التحقيق معتبرة أنه قد يشكّل الميدان الافضل لخوض الحروب والمعارك السياسية والتقليدية، على حساب وجع أهالي الضحايا وسعيهم إلى الحق والحقيقة مهما كان الثمن.

ذلك أن القاضي الذي نقل عنه مرارا تصميمه على المضي في إكمال مهمته حتى النهاية، يبدو متيقنا من موقعه القوي في حلبة الحرب السياسية المفتوحة على مختلف الجبهات، متسلحا بما فقدته الطبقة السياسية منذ زمن ولا يبدو أنها ستستعيده قريبا: الدعم الشعبي الكامل والشامل.

هكذا تفسر مصادر مراقبة عبر “المركزية” إقدام القاضي البيطار على إصدار مذكرة إحضار في حق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، الذي يتذكر الجميع الرواية الشهيرة عن أن جولته في المرفأ ألغيت قبل أيام من وقوع الكارثة، لينضم بذلك إلى لائحة المسؤولين الأمنيين والسياسيين الذين يريد القاضي البيطار الاستماع إليهم تمهيدا لإدعاء محتمل عليهم بجرم الاهمال والتسبب بقتل الناس.

وإذ تلفت المصادر إلى أن هذه هي المرة الثانية التي يستدعى فبها دياب إلى التحقيق، بعد أشهر على خطوة مماثلة كان انبرى إليها القاضي فادي صوان، فإنها تلفت إلى أن الأهم يكمن في أن الاستدعاء الثاني، مع ما يحمله من رفع لسقف المواجهة، أتى بعد أقل من شهرين من طلب البيطار رفع الحصانات عن عدد من المدعى عليهم في القضية، وهو ما كان كلفه اتهامات بالتسييس سارع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى كيلها له، في إشارة إلى وضع العصي في الدواليب للأسباب السياسية المعروفة. لكن ما تصفه المصادر بـ”المريب” و”المستغرب” يكمن في ما يمكن اعتباره التقاء موضعيا بين نصرالله ورؤساء الحكومات السابقين، على توجيه السهام والاتهامات القاسية إلى القاضي البيطار لمنع القطار القضائي من إكمال مساره.

وفي هذا الاطار، تلفت المصادر إلى أن المذكرة الصادرة في حق دياب أشعلت جبهة رؤساء الحكومات السابقين ضد القاضي البيطار، وهو ما ظهر بوضوح في بيانهم العنيف أمس. إلا أن الدلالة الأبرز للتحرك السريع لنادي الرؤساء تبقى بالتأكيد في أنهم مدوا دياب بجرعة دعم ذات طابع طائفي تحت ستار التحذير من المس بموقع رئاسة الحكومة، وهي ممارسات من النوع الذي اعتاد عليه اللبنانيون كلما وضع أحد المسؤولين أمام سيف المحاسبة. وتذكّر بأن نادي رؤساء الحكومات عينه الذي يدعم دياب في هذا التوقيت الملتبس كان حرمه تأييدا لو حصل عليه عند دخوله السراي، لكان استطاع تسجيل نجاحات، وإن محدودة، بدلا من شن الهجمات عليه على اعتبار أنه لا يمثل الطائفة السنية، على عكس الرئيس سعد الحريري.

وفي المقابل، لم يتوان رؤساء الحكومات السابقون عن الهجوم المباشر على رئيس الجمهورية، صاحب الموقع الدستوري الأعلى في البلاد، في ما يمكن اعتباره مسا مباشرا بالرئاسة الأولى في سياق القنص السياسي والحكومي في اتجاه بعبدا، ما افضى الى عودة المفاوضات الحكومية إلى نقطة الصفر. لكن المصادر تذكر بأن الموضوعية تقتضي الاعتراف للرجل بأنه أبدى استعدادا للإدلاء بإفادته أمام البيطار، لو برزت الحاجة إلى ذلك، بغض النظر عن الموقف من العهد وممارساته وخياراته السياسية. وفي ذلك حشر للجميع في زاوية ضرورة التخلي عن الحصانات، وهو ما لم يستسغه بعد نادي الرؤساء ورئيس المجلس النيابي نبيه بري وحلفاؤه، الذين لا يجدون أسرع من الاستنسابية والطائفية سلاحا لقضم محاولات المحقق العدلي لدفع جهوده قدما، مدعّما بتأييد غير مشروط من الأهالي الذين كانوا واضحين في رسالتهم المدوية أمس إلى المسؤولين المستدعين: “أعطونا سكوتكم ودعوا المحقق العدلي يعمل!”.