كتب عمر البردان في “اللواء”:
رفعت مذكرة الإحضار التي أصدرها المحقق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق البيطار، بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، من وتيرة التأزم السياسي في البلد، وفتحت الباب أمام تطورات جديدة، ستضاف إلى تعقيدات الوضع الحكومي التي ترخي بثقلها على المشهد الداخلي. إذ يتوقع أن تتصاعد حدة الاشتباك القائم، بعد هذا التطور القضائي غير المسبوق، بما يشكله من إهانة لموقع رئاسة الحكومة، وما يمكن أن يتركه ذلك من اهتزازات سياسية وطائفية ووطنية، كونها المرة الأولى التي يُستهدف فيها رئيس حكومة وهو في سدة المسؤولية، ما يشكل سابقة لا يمكن التكهن بنتائجها، برغم من الإجماع على معرفة المتورطين بانفجار المرفأ.
وكشفت المعلومات المتوافرة لـ«للواء»، أن تحركات سياسية وروحية مرتقبة في الأيام المقبلة، ستكون دار الفتوى محورها، بعد المواقف العالية السقف التي أطلقها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، ودعوته رئيس الجمهورية لإنقاذ عهده، في خطبة الجمعة، أمس، محذراً من أي استهداف لموقع رئاسة الحكومة، وللرئيس دياب، في وقت تساءلت مصادر سياسية، عن أسباب عدم رفع الحصانة عن جميع المسؤولين، بمن فيهم رئيس الجمهورية ميشال عون الذي كان على علم بوجود النيترات في المرفأ، وهذا ما يفرض على المحقق البيطار، أن يتعامل مع الملف بشمولية، وليس بانتقائية. وبالتالي فإن ما أقدم عليه المحقق العدلي بحق دياب لن يمر مرور الكرام، بالنظر إلى ما سيخلفه من انعكاسات سلبية في أكثر من اتجاه.
وتسأل المصادر: لماذا هذا الاستضعاف لموقع رئاسة الحكومة؟ وهل بهذه الطريقة يمكن أن تحفظ التوازنات في البلد، وتتشكل الحكومة التي يؤكد الجميع أن فريق العهد يتحمل مسؤولية تأخير ولادتها؟ مشددة على أن بيان رؤساء الحكومات، قد وضع الأصبع على الجرح، بعدما أشار بأصابع الاتهام إلى رئاسة الجمهورية، ودورها في اختلاق العقبات أمام ولادة حكومة ما زال اللبنانيون، ينتظرونها منذ ما يقارب السنة، دون أن تنجح كل الاتصالات الداخلية والضغوطات الخارجية من إخراجها إلى العلن.
ولا تستبعد المصادر، أن يترك الموضوع القضائي الذي دخل في مرحلة بالغة الدقة، تداعياته على الملف الحكومي الذي بقي أسير التجاذبات، والشروط المضادة، بين هبة باردة وأخرى ساخنة، بقي الملف الحكومي أسير التجاذبات، بالرغم من تجاوز مجموعة من العقبات التي كانت تعترض التوافق على التشكيلة الجديدة. وفيما علم أن محاولة رئيس الجمهورية، تغيير بعض الأسماء التي كان اتفق مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بشأنها، أعادت الأمور إلى الوراء، في حين لم تشر المعلومات إلى تدخل فرنسي، للدفع بالولادة الحكومية قدماً، لكن لا يمكن تجاهل التحذيرات الأممية والأوروبية من خطورة المنحى الذي بدأت تسلكه الأمور، على الصعيد الحكومي، في ضوء الصور القاتمة التي رسمتها المنظمات الدولية من مخاطر استمرار التعثر الحكومي.
وفيما لا تزال تتفاقم معاناة اللبنانيين اليومية، لم يخفف تسليم شركات النفط مادة البنزين إلى المحطات، من زحمة طوابير السيارات، وبالتالي فإن هذه المعاناة ما زالت مستمرة على كافة الأصعدة الحياتية والاجتماعية الأخرى، والتي تنذر بتدهور كارثي في أوضاع الناس التي أدنى مقومات صمودها في مواجهة الأعباء الحياتية، في وقت أكدت أوساط الثوار، أنه «لا مجال إلا لعودة الثورة بشكل أكبر بكثير مما شهده اللبنانيون في السنتين الماضيتين، بعدما أمعنت الطغمة الحاكمة استباحة كل شيء»، متوقعة، «مرحلة شديدة الصعوبة سيواجهها لبنان إذا لم تشكل حكومة خبراء موثوقة من الداخل والخارج»، بعدما ظهر بوضوح أن هناك من يتعمد عرقلة تأليف الحكومة، لإبقاء الوضع على ما هو عليه، في ظل إصرار فريق من اللبنانيين، على ربط لبنان بأجندة خارجية، ما سيجعل عملية تأليف الحكومة، أمراً بالغ الصعوبة، في حال لم يتدارك المسؤولون خطورة بقاء الوضع على ما هو عليه، ويبادروا إلى الإسراع في عملية التأليف، لإخراج لبنان من النفق.