عندما أقرّ مجلس النواب اللبناني التعديلات على قانون الإيجارات الجديد في 19 كانون الثاني 2017، خصّص إحدى فقراته لإنشاء حساب دعم مالي للمُستأجرين القدامى الفقراء، ممن لا يتجاوز دخلهم خمسة أضعاف الحد الأدنى للأجور. حينها، أقرّ المجلس ــــ عبر المادة 58 ــــ أن تطبيق أحكام هذا القانون يبقى مُعلّقاً بالنسبة إلى الفئة التي تستفيد من مُساعدات الصندوق «إلى حين البت في مسألة تمويله لمساعدة المُستأجرين الأكثر هشاشة». وكان على المنضوين ضمن هذه الفئة التقدم بطلبات إلى اللجان القضائية المختصة لتعليق مهل دفع الزيادات على بدل الإيجار الناجمة عن تنفيذ القانون خلال مهلة شهرين من تاريخ تحديد بدل المثل «رضاءً أو قضاءً بالنسبة إلى السنة الممدّدة الأولى (…) وخلال المهلة ذاتها في بداية كل سنة» وفق ما نصت المادة 8.
ورغم أن الصندوق أُنشئ (نُشر مرسوم النظام المالي لحساب الصندوق رقم 5700 بتاريخ 3 تشرين الأول 2019)، إلّا أن أياً من المُستأجرين لم يستفد منه حتى الآن. وإذا كانت آلية التمويل التي بقيت مبهمة خلال سنتين هي السبب خلال الفترة الماضية، «فإن الإفلاس الحالي الذي تعانيه الدولة سيكون العائق الأبرز أمام تمويل الصندوق في القادم من الأيام» بحسب تأكيد مصادر في وزارة المالية لـ«الأخبار».
المصير المُعلّق للصندوق يطرح تساؤلات بشأن الوضع القانوني للمستأجرين المستفيدين ممن أتاح لهم القانون تعليق تنفيذ الزيادات إلى حين حصولهم على مساعدات. فهل يمتنع هؤلاء عن دفع الزيادات الى حين الحصول على المساعدات الموعودة من دون أن يُعدّوا متمردين على القانون؟ وماذا عن المهل القانونية التي نصّ عليها القانون لضمان الحصول على المُساعدات؟
في الواقع، لا أحد يملك إجابة واضحة ودقيقة عن هذا اللغط الذي رافق القانون الذي وُصف بـ«الإشكالي» عندما أقر عام 2014، فلا مجلس النواب تدارك الموقف وأصدر تعديلات، ولا صدرت عن المحاكم المعنية قرارات يمكن أن يبنى عليها، «إذ تكاد تكون الأحكام القضائية في ما خص قانون الإيجارات شبه منعدمة بسبب الشلل الذي أصاب العمل القضائي» بحسب المستشارة القانونية لـ«للجنة الأهلية للمستأجرين القدامى» المحامية مايا جعارة، مُشيرةً إلى حالة من الغموض والفوضى حيال تطبيق القانون، و«خصوصاً أن اللجان المكلفة النظر في طلبات الاستفادة من الصندوق لم تجتمع أبداً، في حين أن القانون حدّد إمكانية الاستفادة بمهلة تقديم الطلبات بعد شهرين من تاريخ تحديد بدل المثل». وأوضحت أن «عشرات آلاف الطلبات قُدّمت من دون البتّ بها حتى الآن، فيما حرم الكثير من المستأجرين من فرصة تقديم الطلب بسبب ظروف كورونا وغياب إمكانية التوصل الى اتفاق مع المالكين لتحديد طبيعة الزيادات»، مشددة على ضرورة تعديل القانون «بشكل يلحظ المستجدات».
الحديث عن الفوضى التي فاقمتها الأزمة لا ينحصر بمسألة مساعدة المستأجرين القدامى الفقراء من الصندوق الذي عُدّ بديلاً مجحفاً من حق التعويض، بقدر ما هو متعلق بآلية التقاضي أمام لجان لم تنعقد لتحديد بدل المثل للمأجور وبدل الزيادات تالياً. كما أنه مرتبط بكيفية احتساب المهل لتحقيق الإخلاء الذي نصّ عليه القانون مع تحرير العقود بعد صدور القانون (بين تسع سنوات و12 سنة). وعليه، فإنّ النقاش مرتبط بشكل أساسي أولاً وأخيراً بحق السكن وتغييب السياسات الإسكانية في هذا الوقت الحرج من الأزمة، حيث الحاجة الى صون هذا الحق البديهي.