ثبُت بالمداهمات العلنية لكل مواقع التخزين في لبنان، سواء لمستودعات الأدوية أو لمراكز تخزين المحروقات، وفي عدد كبير من المناطق اللبنانية، أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كان على حق في كل بياناته وأرقامه التي أصدرها حول كميات الدعم الهائلة التي قدّمها المصرف المركزي، والتي لم تكن تصل إلى اللبنانيين.
ثبُت أن رياض سلامة كان على حق، ووزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن ومستوردي الأدوية هم من كانوا يغشّون اللبنانيين بإصرارهم على الحصول على المزيد من الدعم من أموال اللبنانيين بذريعة القيام بالمزيد من عمليات الاستيراد في حين أنهم كانوا يخزّنون الأدوية بكميات هائلة وحرموا منها المرضى، وبينهم مرضى السرطان، ووصل الجشع إلى حد ان آلاف الأدوية انتهت صلاحياتها وفضّلوا تلفها ورميها على بيعها إلى المرضى بالسعر الرسمي المدعوم. وتبيّن أن بين المخزّنين نقيب سابق للصيادلة وأشخاص مدعومين من هذا الفريق وذاك!
ثبت أن رياض سلامة على حق في كل ما تحدث عنه في ملف دعم المحروقات، وتبيّن للبنانيين بالعين المجردة والمداهمات المصوّرة كميات تخزين المحروقات، ناهيك عن الكميات الهائلة التي كانت تُباع في السوق السوداء. ويقيناً لو أن القوى الأمنية قامت بواجباتها على لضبط الحدودد والتهريب لكانت حاجات اللبنانيين تأمّنت لسنة كاملة ربما.
ثبُت أن رياض سلامة كان على حق حين خبط يده على الطاولة وقال كفى لا يمكننا الاستمرار في الدعم وسنوقفه بعدما أبلغ الجميع بحقيقة الأرقام والوقائع، وعندما حمّل المعنيين مسؤولية ضبط الاحتكار والتخزين والتهريب في مقابلته الشهير في الزميلة رولا حداد عبر إذاعة لبنان الحر. هكذا فجأة، وبعد ساعات على كلام حاكم المركزي، تحرك الجيش والقوى الأمنية وبدأوا سلسلة مداهمات لم تنتهِ بعد لمراكز تخزين المحروقات، والتي تبيّن أنهم كانوا يعلمون بها من قبل، كما تحرّكت وزارة الصحة وداهمت مستودعات تخزين الأدوية لتظهر كل الفضائح!
لذلك لا بد من طرح عدد من الأسئلة:
لماذا لم يتحرك الجيش والقوى الأمنية ووزارة الصحة منذ اللحظة الأولى قبل أشهر طويلة للضرب بيد من حديد ومنع الاحتكار والتخزين ولمواجهة جشع التجار والمافيات والكارتيلات؟ لماذا انتظروا أشهراً طويلة رغم أن معاناة اللبنانيين جراء هذا الاحتكار بدأت منذ مطلع السنة الحالية؟
والأهم ماذا ينتظر الجيش والقوى الأمنية للتوجه نحو الحدود ومواجهة عصابات ومافيات التهريب ما سيوفر على اللبنانيين مئات آلاف أضعاف ما عثروا عليه في التخزين والاحتكار وخصوصاً على صعيد المحروقات؟
في الخلاصة، تبيّن بالوقائع المجرّدة أن حاكم المركزي رياض سلامة كان على حق، وأن التقصير في الواجبات يقع على المثلث المؤلف من:
ـ حكومة تصريف الأعمال ورئاسة الجمهورية والمجلس الأعلى للدفاع كسلطة تنفيذية واحدة قادرة على اتخاذ القرار بضبط الحدود وتنفيذه بشكل صارم.
ـ الجيش والأجهزة الأمنية التي أثبتت قدرتها على مواجهة المحتكرين والمخزنين في الداخل وهي حتما قادرة على ضبط الحدود ومنع التهريب.
ـ القضاء اللبناني الذي تقع على عاتقه مهمة ومسؤولية المحاسبة وفرض أقسى العقوبات على المحتكرين والمخزنين والمهربين.
والأهم من يحاسب السلطة السياسية والمافيا الحاكمة على تقصيرها الذي تسبّب بهدر مليارات الدولارات من أموال اللبنانيين التي ذهبت إلى سوريا وإلى جيوب عصابات التهريب بالتواطؤ مع المصرّين والمقاتلين للإبقاء على الدعم، إضافة إلى جيوب التجار والمحتكرين؟
أيا يكن، شكراً رياض سلامة لأنك كنت على حق في هذا الملف وإنصافك فيه واجب في عز الحملات عليك!