Site icon IMLebanon

لا غاز ولا كهرباء… بلا حكومة

كتب إيلي الفرزلي في “الاخبار”:

أزيل الكثير من العقبات القانونية والتقنية والمالية من أمام اتفاقية استجرار الغاز المصري إلى لبنان. وأكثر من ذلك، ثمّة من يؤكّد أن الاتفاقية ستشمل نقل الغاز في البواخر إلى الزهراني، بما يؤدي إلى تشغيل أكبر معملين في لبنان على الغاز. لكن ذلك مرهون بتذليل عقبة واحدة لا تزال تمنع أي تفاؤل بإمكان عودة الكهرباء إلى المنازل والمصانع والمستشفيات: قبل تأليف الحكومة لا يمكن توقيع الاتفاقية.

بعدما حصل وزير الطاقة ريمون غجر على تفويض بالتفاوض لتفعيل تنفيذ الاتفاقيات مع الجانب المصري لاستجرار الغاز من مصر إلى لبنان لزوم تشغيل معامل الكهرباء، في 17 آب الجاري، وبعدما استكمل رئيسا الجمهورية والحكومة هذا التفويض بتفويض آخر يشمل إضافة إلى غجر، وزيري الخارجية والمالية، بالإضافة إلى المدير العام للأمن العام، ويدعو إلى «المباشرة بالتفاوض مع الدولتين السورية والأردنية لتفعيل تنفيذ الاتفاقيات الموقّعة مع مصر»، لم يبق سوى تحديد الجانب السوري موعداً للزيارة التي يتوقع أن تحصل هذا الأسبوع. في هذا الوقت، بدأ أعضاء الوفد يُعِدّون للزيارة تقنياً، على وقع أسئلة من السفيرة الأميركية دوروثي شيا عن سبب الزيارة! هي اعتقدت أنه إذا كان الاستجرار سيتمّ من الأردن ومصر، فلا مبرر لزيارة سوريا، قبل أن «تتقبّل» ما واجهها به مسؤولون لبنانيون لجهة أن سوريا هي جزء من مثلّث الاستجرار، ومن دونها لا يكتمل وصول الغاز إلى لبنان.

إلى ذلك، حذّرت مصادر مطّلعة من الإفراط بالتفاؤل، مشيرة إلى أن المشروع، بالرغم من أنه قد يُنجَز قانونياً (الأميركيون يَعِدون بمنح المشروع استثناءً من قانون «قيصر») وتقنياً (مصر جاهزة لتصدير الغاز) ومالياً (بعد الحصول على ضمانة من البنك الدولي)، إلا أن عقبة أساسية لا تزال تواجهه، هي عدم تأليف الحكومة اللبنانية. بحسب المصادر، ليكون الاتفاق منجزاً، لا بد من وجود حكومة مكتملة الصلاحية قادرة على توقيعه والالتزام به. وبمعنى آخر، لا غاز من دون حكومة، وبالتالي لا كهرباء من دون حكومة. أما في حال تأليف الحكومة، وتوقيع الاتفاقية حسب الأصول، فتؤكد المصادر أن الغاز المصري يمكن أن يصل إلى لبنان خلال أسابيع، بخلاف ما يتردد عن أن مصر تحتاج إلى أشهر لتتمكن من تزويد لبنان بحاجته. أما بالنسبة إلى الكهرباء المستجرّة من المعامل الأردنية، فالبرغم من أن مصر ستتكفل بتأمين الغاز المطلوب لتشغيلها، إلا أن وصولها إلى لبنان يحتاج إلى وقت أطول، نظراً إلى تضرّر أبراج النقل في الجنوب السوري.

يرى المصدر أن عودة الكهرباء إلى المنازل هي سبب كاف لتأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن، إذ لا يُعقل أن تُحلّ كل العقد التي كانت تواجه الاتفاقية، ثم تتوقف من قبل الطرف الأكثر حاجة لتنفيذها، علماً بأنه إضافة إلى عقوبات قانون «قيصر» الأميركي، كان ثمة مشكلة أخرى، بحسب المصدر، تتعلق بعدم القدرة على التعامل التجاري مع دولة أعلنت تخلّفها عن دفع ديونها. وهنا الأمر لا يتعلق بمصر أو الأردن، بل بالشركات العديدة المعنية بالاستجرار، إذ تؤكد المصادر أن المساعي التي بذلت منذ نهاية 2019 لإحياء الاتفاقية جُمّدت بعد إعلان لبنان تخلّفه عن دفع ديونه في ربيع عام 2020. ولذلك، فإن إبداء الولايات المتحدة رغبتها في استثناء المشروع من عقوبات قانون قيصر، كما إعلانها إدخال البنك الدولي طرفاً في الموضوع، هو الذي سمح عملياً بنقل الملف إلى حيّز التنفيذ، بعدما كانت مصر قد هيّأت الأرضيّة التقنيّة له، ثم عمدت بالتعاون مع الأردن إلى تهيئة الأرضية القانونية له.

إلى ذلك، فإن المفاجأة الفعلية التي يؤكدها المصدر تشير إلى أن الاستعداد المصري لمساعدة لبنان لا يقتصر على استجرار الغاز عبر الأردن وسوريا، وصولاً إلى معمل دير عمار، أو على بيعها الغاز بأسعار تقلّ عن سعر المبيع إلى أوروبا، بل إن الخطط المصرية تتضمّن إمكانية نقل الغاز عبر البواخر إلى معمل الزهراني، بما يعني عملياً تشغيل أكبر معملين في لبنان (860 ميغاواط) على الغاز. الدراسات التي أجريت تؤكد أنه بالرغم من أن كلفة النقل بالبواخر تزيد على كلفة الاستجرار، إلا أنها تبقى، بلا شك، أقل من كلفة الفيول.

ليس واضحاً بعد ما إذا كانت مصر ستبيع الغاز إلى سوريا أيضاً، لكن المعطيات الأولية تؤكد أن الاستثناء الذي ستصدره وزارة الخزانة الأميركية يشمل كل ما يتعلق بنقل الغاز إلى لبنان حصراً، وبالتالي فإن دفع رسوم المرور إلى سوريا يكون مشمولاً بالإعفاء، بصرف النظر عما إذا كان الدفع نقداً أو عبر كميات من الغاز، فيما بيع الغاز لها مباشرة يحتاج إلى استثناء آخر.