جاء في “نداء الوطن”:
“الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها”… قول واحد ينطبق على هذه السلطة الملعونة التي أضرمت نيران “جهنّم” في هشيم البلد فأيقظت النعرات الفتنوية والطائفية والمناطقية في النفوس بعدما سلخت الانتماء الوطني عن الجلدة اللبنانية وأعادت إحياء خطوط التماس بين أبناء الوطن الواحد على قاعدة “البقاء للأقوى”.
حتى في عزّ الحرب الأهلية لم يمرّ على اللبنانيين خراب أسوأ مما يعايشونه راهناً تحت سطوة سلطة مستقوية على الناس، تستمد شرعيتها من قوة الأمر الواقع ومن “فائض قوة” سلاح متفلت من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب… وقد ضمّ إلى ترسانته خلال الفترة الأخيرة “فرد البنزين” الذي سقط “عسكرياً” في قبضة مسلحين ميليشيويين يتمددون في المناطق لتعزيز سطوتهم المسلحة على خراطيم محطات الوقود، كما حصل في مغدوشة التي تصدت نهاية الأسبوع لغزوة ميليشيوية من عنقون “لم تكن الأولى” كما يؤكد أهالي مغدوشة مشددين على أنّ “الكيل طفح وزمن الاستقواء علينا ولّى ولن ننام على ضيم بعد اليوم”.
فأبناء البلدة باتوا يشعرون وكأن “المسيحي مكسر عصا”، لا سيما وأنها “ليست أول مرة “يهجم” فيها إبن عنقون مستقوياً على إبن مغدوشة”، ويعودون في الذاكرة (ص 7) إلى “إفتعال” بعض الشبان مشاكل متكررة لطالما كانت تنتهي إلى لقاءات “تبويس لحى” تحت شعارات “العيش المشترك والعلاقات الأخوية” التي تجمع أبناء البلدتين المتجاورتين، ويستذكر أحدهم “جريمة بلدة طنبوريت في 2007 التي ذهب ضحيتها عنصر في قوى الأمن الداخلي، ويومها لم يتم توقيف أحد…
وأمام ارتفاع منسوب الاحتقان في البلدة، يشدد أهالي مغدوشة والعقلاء من أبناء عنقون على أهمية دور الجيش والقوى الأمنية في لجم “الزعران” والضرب بيد من حديد في المنطقة بعيداً عن أي اعتبار أو مراعاة لقوى الأمر الواقع، لأنّ هناك اليوم من يلعب علناً بالنار الفتنوية ونجح في إطلاق شرارتها، وبالتالي بات المطلوب من الأجهزة الرسمية أن تتحمل مسؤولياتها والمسارعة إلى إخمادها قبل أن تتمدد بشكل يتعذر احتواؤه.
وبينما العهد يغطّ في “كوما” وتياره أصدر بيان رفع عتب اكتفى فيه بإبداء “القلق” إزاء ما جرى، حمّل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع المسؤولية المباشرة إلى رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال عن “تفاقم التوتر على خلفية أزمة البنزين ولم تتخذ أي إجراءات أمنية او قضائية لتخفيفه الى أن انفجر الوضع” بين مغدوشة وعنقون، مشدداً حيال ذلك على أنّ “الحل واضح وهو إنزال الجيش بكثافة وقوة في البلدتين، وإعطاء الأوامر اللازمة لوقف اي أعمال تعدٍ وتخريب، وتسطير مذكرات توقيف فورية بالمعتدين والا فإنكم تفرِّطون بآخر ما تبقى لنا من السلم الأهلي”.
توازياً، برزت أمس في عظة الأحد، إشارة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى أنّ الشعب اللبناني بات ناقماً “على كل السياسيين لأنهم ما زالوا منشغلين بالتافه من الحصص والحسابات، فيما الشعب متروك فريسة الجوع والقهر والفقر والإذلال والهجرة، ولأنهم يعطلون المتوفر من الحلول السياسية والإقتصادية والمالية والتربوية والمعيشية”، مجدداً الدعوة إلى “التوقف عن سياسة التدمير الذاتي، والإسراع في تشكيل حكومة إنقاذية تكون بمستوى التحديات، حيادية غير حزبية وغير فئوية، تتألف من ذوي كفاءات عالية، تثير أسماؤهم الإرتياح والأمل بحكومة ناجحة”.
وإذ أثنى على دور الأجهزة الأمنية في دهم مستودعات الاحتكار ودعاها إلى توسيع مداهماتها “لتشمل جميع المحتكرين”، أكد الراعي في الوقت نفسه وجوب قيام هذه الأجهزة “بإغلاق المعابر الحدودية ومنع التهريب لأنّ كل إجراء إداري يُتخذ يبقى ناقص المفعول ما لم تغلق معابر التهريب بين لبنان وسوريا”.