كتب أنطوان الشرتوني في “الجمهورية”:
منذ حوالى الأسبوع، أطلّ وزير التربية اللبناني على المنابر مُعلناً عودة تلامذة المدارس إلى صفوفهم. بعد غياب حوالى السنتين عن الجَو الدراسي الحقيقي والاكتفاء بالدرس عبر المنصات الإلكترونية، قد يرجع التلامذة إلى مقاعدهم معلنين هزيمة كورونا، إذا صحّ التعبير. كان قرار الوزير حازما وطبعاً مهماً جداً، لأنّ دورة الحياة يجب أن تعود إلى مجاريها ويجب أن يعود التلامذة إلى أروقة مدارسهم ليسترجعوا نشاطهم الجسدي والنفسي. فكيف يمكن مساعدة التلميذ للتهيئة للعودة إلى المدرسة؟ وما هي الخطوات التربوية لعودة أمينة؟ وما هو دور المدرسة في هذا المضمار؟
بعد إعلان وزير التربية والتعليم العالي عودة التلامذة إلى المدرسة، كانت تنتظره عدة ردات فعل:
فرح الأهل لهذا الخبر، خاصة بعد وجود فلذات أكبادهم 24 ساعة / 7 أيام في الأسبوع وهم يلحقون بهم من غرفة لغرفة في البيت.
قلق الأساتذة بسبب المشاكل الإقتصادية التي يمر بها لبنان وطرحوا بصوت عالٍ: «كيف سنصل إلى مدارسنا ومادة البنزين غير متوفرة بشكل وفير لنا؟!
تذمّر التلامذة الذين اعتادوا على الدراسة عبر الشاشات الألكترونية بعيداً عن الاستيقاظ كل يوم باكراً ليتحضّروا للذهاب إلى المدرسة. فأصبحت هذه الأخيرة في منزل كل تلميذ.
ولكن بدأ أيضاً بالظهور قلق الإنفصال عند بعض التلامذة مهما كان عمرهم وحتى عند بعض الأهالي الذين بدأت تظهر عندهم بعض الإضطرابات النفس-جسدية. لذا، إنّ دور الأهل منذ الآن هو تحضير ابنهم، مهما كان عمره، لفكرة الرجوع إلى المدرسة قبل أن تصبح واقعاً.
العودة إلى المدرسة وولدنا
إذا لم يتهيّأ الولد للعودة إلى المدرسة، يمكن أن تظهر عليه اضطرابات سلوكية، ومنها قلق الإنفصال أو العدوانية أو حتى فرط في الحركة وصولاً إلى اضطرابات نفس-جسدية. وهذه الاضطرابات هي مشاكل صحية، سببها نفسي أو ما نُسمّيه «نفسي المَنشأ». فعندما يقلق الولد من «الانسلاخ عن أهله للرجوع إلى المدرسة»، ولا يعبّر بطريقة واضحة وشفافة عن قلقه، ربما يُترجم هذا القلق من خلال اضطراب جسدي: وجع معدة، قلة النوم، تقيؤ، إسهال، وجع رأس… وصولاً إلى مشاكل صحية وأمراض عضوية خطيرة. ولا يجب أن ننسى أنّ النضوج النفسي عند الولد والتعبير عن قلقه لفظياً والتعبير عن مخاوفه يشكلان عاملين أساسيين في تَجنّب الاضطرابات الصحية. فأية مشاكل نفسية يمكن أن تعترضه تؤدي الى خلل في جهازه المناعي، وبالتالي تؤثر مباشرة في صحته الجسدية.
ماذا عن العودة؟
يؤدي الوالدان دوراً اساسياً في تخفيف قلق الرجوع إلى المدرسة عند أولادهم، لذا يتوجب عليهم:
– التخفيف من قلقهما لعدم نَقله ونقل مخاوفهما إلى الولد، ومراجعة أخصائي نفسي في حال فشلا في حل الأمور، وظهور العوارض بشكل متكرر.
– الاستماع الى الولد وتشجيعه على الكلام، والتفسير له عن أهمية المدرسة وعدم الاستهانة بما يعبّر عن قلق وخوف بسبب فيروس كورونا، والدخول معه في حوارات وعدم الاكتفاء بالأسئلة السطحية.
– عدم المبالغة بالتعبير عن خوف الأهل من الابتعاد عن ابنهم، بل يجب عليهم أن يعمدوا الى تبادل الخبرات والمهام التعليمية مع المؤسسة، ما يؤدي الى تعزيز ثقة الولد بنفسه، ونمو شخصيته والانخراط في محيطه من جديد.
ما هو دور المدرسة؟
للمدرسة دور أساسي في مساعدة التلميذ للتهيئة للدراسة في الصف، وهناك بعض النقاط التي يجب تطبيقها:
– مرافقته ومساعدته على التأقلم التدريجي مع محيطه الجديد. ثم لاحقاً يمكن أن نخلق له مناخاً إيجابياً عبر تزويده بالتوجيهات اللازمة، من خلال تشجيعه للذهاب إلى المدرسة واللعب مع الأصحاب من جديد.
– التفسير عن أهمية الذهاب إلى المدرسة: للصداقة واللعب والتسلية، ولتعلّم الأبجدية والقراءة…
– تقوم كل مدرسة بنشاطات حول الإرشادات الطبية الوقائية مع التلامذة: إستعمال الوقاية من خلال لبس الكفوف الطبية، ووضع القناع الواقي، وغسل اليدين في المدرسة باستمرار.
من خلال سياسة المدرسة ونضج المدراء ووعي المعلمة في الصف… سيتم استدراك قواعد الصحة العامة وتطبيقها، ومنها التباعد الإجتماعي، من خلال نشاطات من دون أن نُخيف التلامذة ونرعبهم.