كتب عمر حبنجر في صحيفة الأنباء:
طريق الرئيس المكلف نجيب ميقاتي إلى القصر الجمهوري في بعبدا، لم تعد سالكة، منذ اللقاء الثالث عشر له مع رئيس الجمهورية ميشال عون، ويبدو ان إعادة فتحها تتطلب تبريد الأجواء التي ألهبتها البيانات المتبادلة بين رؤساء الحكومات السابقين ورئاسة الجمهورية والفريق التياري الداعم، فضلا عن انتظار خطاب رئيس مجلس النواب نبيه بري، اليوم بذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، مع الإشارة إلى دخول المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على خط التواصل بين الموقعين.
المعطيات المتوافرة، تجعل من استمرار ميقاتي مكلفا، أمرا مكلفا، لكن ما هو مكلف اكثر اعتذاره عن تشكيل الحكومة، الأمر الذي يطرح سلسلة مشكلات اجتماعية وسياسية كارثية، تبدأ بتسجيل الدولار أرقاما قياسية جديدة أمام الليرة، وتمر بالمزيد من الفوضى الدموية حول محطات توزيع المحروقات والأفران والأدوية، وصولا إلى أزمة نظام، وهنا تستبعد قناة «أم تي في» قبول شخصية سنية محترمة، ان تكون الضحية الرابعة، في لعبة التكليف، التي يديرها الرئيس عون والفريق المساعد، بعد سعد الحريري ومصطفى أديب ونجيب ميقاتي.
وتجدر الإشارة إلى ان ميقاتي أصدر بيانا نفى فيه ان يكون الرئيس عون اشترط عليه التعهد بإطاحة 5 من كبار موظفي الدولة الموارنة، وبينهم قائد الجيش العماد جوزف عون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ورئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، وفق ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي، في حين ترى أوساط سياسية مواكبة أنه لا دخان بدون نار.
وترى المصادر المتابعة انه أمام الفراغ المرتقب أو المطلوب كما يبدو، لا يمكن توقع ما قد يطرأ من فوضى أمنية ومعيشية لا حدود لها، تفوق ما حصل بين أهالي مغدوشة (المسيحيين) وأهالي عنقون (الشيعة) في شرق صيدا، حول أفضلية الحصول على المحروقات، وبين أهالي كوكبا في قضاء راشيا واللاجئين السوريين إلى تلك البلدات البقاعية.
وقد امتدت أيدي الشر إلى وسائل الاتصالات الخلوية والإنترنت وبعد نفاد المازوت من محركات محطات الإرسال، أعلنت شركة ألفا عن سرقة 5 بطاريات من محطة إرسال شبكتها في منطقة راشيا، الأمر الذي تسبب بتعطيل الإنترنت في مناطق أخرى.
وتبقى الأنظار شاخصة نحو باخرة النفط الإيرانية الأولى، التي اجتازت قناة السويس إلى البحر المتوسط، ومتابعة مسارها ومرفأ رسوها.
الأمين العام السابق لحزب الله الشيخ صبحي الطفيلي رأى في قرار حزب الله استقدام النفط من إيران، إيذانا من الحزب بأن عصر الدولة اللبنانية انتهى، وقد شارفنا على عصر المحميات المذهبية والطائفية.
وقال الطفيلي: حزب الله سيكون عاجزا في ظل غياب الدولة، عن الهيمنة على أكثر من محمية الشيعة في الجنوب، بعد التفاهم مع العدو الصهيوني، كما قال في تصريح لوكالة الأنباء المركزية.
وفي تسجيل صوتي، اتهم الطفيلي حزب الله بتهريب القسم الأكبر من المحروقات بواسطة الصهاريج التي هربت بما قيمته 800 مليون دولار مؤخرا. وتوجه إلى المهربين بالقول: انتم هدمتم البلد، انتم تطالبون بعدم رفع الدعم عن السلع، ليس من أجل الناس، بل لأنكم تريدون سرقة ما تبقى من البنك المركزي، انتم عيونكم على ذهب البنك المركزي! وتساءل: هل من إنسان يرى أهله بهذا العوز للمازوت والدواء والغذاء، ولا تتحرك حميته؟ ثم توجه الى حزب الله مجددا القول: انت هدمت لبنان، انت هتكت حرمة المسلمين والمسيحيين».
بدوره، لقاء «سيدة الجبل» الذي يضم شخصيات سياسية وثقافية خارقة للطوائف، رأى في بيان له امس، ان رئيس الجمهورية ميشال عون يتلاعب بمصير لبنان واللبنانيين، وليس فقط بمصير الرئيس المكلف نجيب ميقاتي. وأن حزب الله يجهد في الذهاب إلى الجمهورية الثالثة وإلى تنسيب لبنان إلى سياسة المحاور، مؤكدا أي اللقاء، على التمسك بالجمهورية الثانية التي انبثقت عن وثيقة الوفاق الوطني المقرة في مدينة الطائف السعودية.
وختم اللقاء بإدانة ما تعرض له أهالي بلدة مغدوشة «من قبل من يستندون إلى فائض القوة».
من جهته، رئيس حزب الكتائب سامي الجميل حذر من التعرض للجيش، وقال في خطاب بمناسبة تنسيب عناصر جديدة للحزب: جيشنا بدأ يجوع بسببهم، وأنا أظن ان الهدف المقبل لهم، تدمير الجيش كما دمروا الصحة والتربية والدولة والمؤسسات، وأخشى ان يكون قائد الجيش جوزف عون، هو الهدف التالي للمنظومة، لكننا نقول لهم ان هذا الأمر خط أحمر ولا نقبل المساس بالجيش اللبناني الذي هو لكل اللبنانيين».
ودعا الجميل إلى محاسبة كل المسؤولين عما آل إليه وضع لبنان، منذ التسوية السياسية التي أتت بميشال عون رئيسا للجمهورية، وقال: المطلوب محاسبتهم على الأخطاء المميتة التي ارتكبوها بحق اللبنانيين، فهم الذين سلمونا إلى حزب الله، وهم من عمل التسوية الرئاسية التي أوصلتنا إلى هنا.
وقال الجميل: نحن بلد بلا قبطان، ما من مسؤول يفكر بكيفية إنقاذ الناس، انهم مشغولون بتأمين مناصبهم، أحدهم يريد أن يؤمن لصهره رئاسة الجمهورية، وواحد يخطط كيف يساوم لكي يصبح رئيسا للجمهورية، وآخر يخطط كيف يريد الاستيلاء على البلد، ومثله من يفكر كيف يترأس الحكومة وكذلك مجلس نواب، ولا أي منهم يسأل عن حياة الناس وعن الدمار الذي لحق بالبلد.