كتب عمر البردان في “اللواء”:
في ظل الإمعان بتعطيل تأليف الحكومة، بعدما كشف الرئيس المكلف نجيب ميقاتي المستور، وأباح بمكنوناته، مشيراً بأصابع الاتهام إلى رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه، انحسرت التوقعات كثيراً بولادة قريبة للحكومة، في ظل تصاعد حدة التوتر بين رئاسة الجمهورية ورؤساء الحكومات السابقين، معطوفاً على المواقف النارية التي أطلقها مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في خطبة الجمعة الأسبوع الماضي. وهذا تطور على قدر كبير من الأهمية، سيزيد حكماً من العقبات أمام التشكيل، ويقرب موعد اعتذار الرئيس المكلف الذي لن يسمح باستمرار الوضع على ما هو من المراوحة والتسويف.
ولا تخفي أوساط معارضة، قلقها من مسار الأوضاع، منبهة من وجود مخطط لبقاء الأمور على ما هي، بدليل عدم استعداد العهد لتقديم أي تنازل، للإسراع بولادة الحكومة، مشددة على أن «حزب الله»، حليف العهد، يعمل على إدخال لبنان في صراع المحاور، ودفعه إلى مواجهة واسعة النطاق مع المجتمع الدولي، في ظل إصراره على استيراد النفط الإيراني، وما يمكن أن يتركه من تداعيات على لبنان بأسره»، ولافتة إلى أن «استمرار عرقلة تأليف الحكومة، يدخل في إطار سياسة «حزب الله» الهادفة إلى إبقاء لبنان ساحة تفاوض بين الإيرانيين والأميركيين، دون الأخذ بمصالح الشعب اللبناني الذي يواجه مصيره بنفسه». وأضافت : ؛كل المعطيات تشير، إلى أن الحزب ماض في سياسة إغراق لبنان بالأزمات والمشكلات على أنواعها، حتى يتمكن من الوضع اليد على كل ما تبقى في هذا البلد».
وتشير إلى أنه بدل أن يعمل الحزب على التدخل لدى حليفه رئيس الجمهورية، من أجل المساهمة في إخراج لبنان من النفق، وتقديم تنازلات للإسراع بالتأليف، فإنه يغوص أكثر فأكثر في الصراعات الإقليمية التي تعرض لبنان لمخاطر لا عد ولا حصر لها. وهذا ما جعل لبنان يعيش عزلة عربية ودولية غير مسبوقة، دفع خلالها الثمن غالياً، وأدخلته في أتون أزمة لا يمكنه الخروج منها، إذا لم تعمد الحكومة الجديدة، إلى صحيح العلاقات مع الأشقاء العرب والمجتمع الدولي. وتشدد مصادر البطريركية المارونية، على أن لبنان لا يمكنه أن يعيش بعيداً من الأخوة العرب والمجتمع الدولي، ولهذا فإن البطريرك بشارة الراعي لا يزال متمسكاً بالمؤتمر الدولي من أجل حياد لبنان أكثر من أي وقت، باعتبار أن هناك حاجة ضرورية لإنقاذ لبنان من خلال احتضان المجتمع الدولي لهذا المؤتمر الذي من شأنه، أن يعزز الثقة الخارجية بالبلد في هذه الظروف العصيبة التي تستوجب توفير كل الدعم الدولي المطلوب.
وتشير المعلومات إلى وجود تفهم دولي لمطالب البطريرك الراعي الذي يعمل من أجل إنقاذ لبنان الذي يمر بظروف خطيرة للغاية، تستوجب وقوف الأشقاء والأصدقاء إلى جانبه، حيث أن الاهتمام الخارجي بلبنان مرشح للتصاعد في المرحلة المقبلة، في ضوء وصول الدول المانحة إلى قناعة بأن وضع لبنان بات يستدعي تحركاً دولياً على أعلى المستويات، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، بعد فشل الطبقة السياسية الحاكمة في مهمتها، وبلوغ الوضع حدود الانهيار، سيما وأن البلد يحتاج إلى دعم دولي سريع، قبل حصول الكارثة، لكن هناك خشية من أن يقود «حزب الله» الذي يصر على استيراد النفط الإيراني إلى لبنان، إلى وضع البلد في مواجهة بالغة الخطورة أمام المجتمع الدولي.
ولا تستبعد المعلومات، أن يكون هناك من يدفع باتجاه إعادة فتح قنوات التواصل الرسمية مع النظام السوري، كما يريد «حزب الله»، من بوابة التنسيق في ما يتصل موضوع الغاز والمحروقات، في ظل توافر معلومات عن إمكانية قيام وفد وزاري لبناني، بزيارة إلى دمشق من أجل التنسيق في هذا المجال، بالرغم من وجود معارضة لهذه الخطوة، باعتبار أن حكومة تصريف الأعمال لا يجوز لها توقيع أي اتفاقيات، وبانتظار تشكيل الحكومة الجديدة التي يتوجب عليها القيام بالكثير من الخطوات، من أجل إخراج البلد من مأزقه.