Site icon IMLebanon

أساطيل المحروقات في عكار لم تُضئ القرى المعتمة

كتب مايز عبيد في نداء الوطن:

كل الأساليب التي اعتمدت حتى اليوم من أجل إعادة الكهرباء إلى عكار لم تُجدِ نفعاً. لا خيار توزيع المازوت عبر البلديات واتحاداتها استطاع تغيير الواقع المعتم، ولا حتى مرافقة القوى الأمنية للصهاريج التي تدخل إلى عكار استطاعت هي الأخرى حل الأزمة، وبقيت المحطات المقفلة مقفلة، والمولدات المطفأة مطفأة، فيما منازل بعض النواب لا تزال تعجّ وتضجّ بالصهاريج ذهابًا وإياباً بدون حسيب ولا رقيب.

بمختصر المشهد، لا تزال قرى عكارية غارقة في عتمتها لأكثر من شهر بينما بعض القرى الأخرى مضاءة، وأوضاع الإنترنت والإتصالات من سيّئ إلى أسوأ، والقرى والبلدات من دون كهرباء ولا إشتراك، فيما أصوات المواطنين ترتفع بالشكوى، وصفحات التواصل الإجتماعي تضجّ بهذا الموضوع، والكل يشير إلى أن الأمور لم تتغير ولا زالت العتمة سيّدة الموقف.

بالموازاة يسأل المواطنون: أين تذهب صهاريج المحروقات من بنزين ومازوت التي تدخل إلى عكار بمؤازرة أمنية من القوة الضاربة في فرع المعلومات، حيث دخل ثلاث قوافل من المحروقات بمرافقة أسطول القوة الضاربة، بعد زيارة قام بها نواب عكار واتحادات البلديات إلى مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان الذي وعدهم بمواكبة أمنية لصهاريج المحروقات إلى عكار تفادياً لتوقيفها على الطرقات وإفراغ حمولاتها. وكان مستغرباً استجابة عثمان للنداء، بعد يومين من الزيارة، وإرساله القوة الضاربة بهذا الشكل، خلافاً للعادة الدارجة في لبنان؛ بأن تتجاوب الدولة مع أي مطلب بهذه السرعة، سيما وأن قضية توقيف الصهاريج على الطرقات كان قد مرّ عليها وقت طويل ولم يحصل أي تحرك أمني تجاهها. قوافل الصهاريج المعززة بالأساطيل العسكرية دخلت وتدخل، لكنّ الواقع لم يتغير فيه شيء، وما زالت محطات المحروقات في عكار مقفلة والمولدات الخاصة مطفأة، فأين تذهب هذه المحروقات؟

سؤال طرحناه على عدد من أصحاب المحطات في عكار وجميعهم أكدوا “أنهم لم يتسلموا أي صهريج من الأسطول العسكري”، هذا كلام على ذمّتهم يبقى، بينما يهمس بعض المواطنين على وسائل التواصل الاجتماعي بأن “أسطول المحروقات يذهب إلى منازل نائبين في المنطقة وهما يتوليان توزيعه على المحسوبين”، وكل ذلك يبقى كلاماً بحاجة إلى ما يثبته أو ينفيه.

مازوت الإتحادات

حصة عكار من المازوت أصبحت في عهدة اتحادات البلديات منذ مدة، وذلك بعد اتفاق توصلت إليه الإتحادات مع مديرة منشآت النفط في وزارة الطاقة والمياه أورور فغالي. بموجب هذا الإتفاق تتسلم البلديات المازوت بكوتا معينة، ويقول رؤساء الاتحادات إن هذه الكمية أقل من المطلوب لحاجة عكار؛ بينما تقوم الإتحادات بتوزيعها على مولدات الإشتراك في نطاقها. وفي مسعى منها لتشغيل آلياتها، لا سيما آليات نقل النفايات، اتفقت البلديات مع فغالي على تخصيص جزء من الحصة لآليات البلديات. آلية التوزيع عبر اتحادات البلديات لم تغيّر شيئًا في الأزمة ولم توجد الحل. ففي حين يشكو أصحاب المولدات من استلام كميات قليلة لا تكفي ليوم أو يومين كل شهر، يضع رؤساء الإتحادات الأمر عند المنشآت التي تسلّم عكار حصة غير كافية بينما الحاجة أكثر من ذلك بكثير.

في المحصلة، المواطن وُضع أمام ثالوث إن صح التعبير ضاعت معه المسؤوليات بالكامل. فصاحب المولّد يرمي المشكلة على الإتحادات، والإتحادات تضعها على المنشآت، والأخيرة تضعها عند النواب الذين لا يزالون يأخذون حصة الأسد من المنشآت والشركات معاً.

في السياق، علمت “نداء الوطن” أن “تحقيقاً في إحدى الوزارات قد فُتح ويطال أصحاب مولدات ورؤساء بلديات واتحادات عكارية، في شأن كيفية توزيع المازوت والتأكد من وصوله إلى المكان والجهات الصحيحة، والمعلومات الأولية تشير إلى تورّط البعض في استغلال الأزمة للإستفادة من المازوت بشكل غير شرعي، والتحقيقات مستمرة على قدم وساق مع تمنيات بأن لا تؤخر هذه التحقيقات بعض الحجج والعقد البيروقراطية من المسؤولين المعنيين، لأنها ساعتئذٍ ستضعهم في دائرة الشك”.

في هذه الأثناء، من أراد من المواطنين أو المؤسسات أن يقصد أورور فغالي لتزويد مؤسسته أو بيته بالمازوت تقول له “حصتكم مع البلديات”، والناس ضائعة تائهة إلى أين تذهب. يبدو أن المحروقات أو الذهب الأسود إن صحّ التعبير، باتت أشبه بمنجم ذهب للكثيرين، وبينما تنشط السوق السوداء عليها في كل اتجاه، تدور الشكوك حول أصحاب محطات، وأصحاب اشتراكات وشركات توزيع، متورطين جميعهم بتغذية السوق السوداء بالمادتين (بنزين ومازوت)، بعدما فاق سعر الغالون الواحد 250 ألف ليرة، واضطرار المواطنين لشرائها لا سيما وأن المحطات مقفلة منذ أشهر، وإذا ما فتحت فإنها تفتح لبعض الوقت ويحصل إشكال وتقفل، أو تفتح بعد منتصف الليل لأجل المحسوبين أو للبيع بالسوق السوداء، وكلها تفاصيل يجب على القوى الأمنية والأجهزة القضائية التحقيق فيها على مبدأ “ما في دخان من دون نار”.