اعتبر رئيس الجمهورية ميشال عون أن “معالجة الوضع التربوي على أبواب بدء السنة الدراسية، باتت ضرورة ملحة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان والتي انعكست سلبا على الواقع التربوي كما حصل بالنسبة الى قطاعات أخرى، الامر الذي يفرض معالجة واقعية وشاملة تأخذ في الاعتبار مختلف مكونات الجسم التربوي، أي المؤسسات التربوية والهيئات التعليمية ولجان الاهل، فضلا عن دور وزارة التربية والتعليم العالي في هذا المجال، لافتًا الى انه “ينوي الدعوة الى مؤتمر طارئ لمعالجة الشأن التربوي للمساعدة في انطلاق العام الدراسي وتوفير العوامل المساعدة لذلك”.
كلام عون جاء خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، وفد اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة في لبنان ضم منسق الاتحاد الاب يوسف نصر الأمين العام للمدارس الكاثوليكية، والسيدات والسادة: الشيخ سامي أبو المنى(مدارس العرفان)، نزار غريب(مدارس مؤسسات امل التربوية) الحاج محمد سماحة (مدارس المصطفى)، الحاج محمود عبد الله(مدارس المهدي)، اليس وزير(المدارس الانجيلية)، بيلا ضعون خوري( المدارس الارثوذكسية)، إبراهيم علاء الدين( مدارس المبرات)، يوسف حمزة( دار اليتيم)، سهير الزين (مدارس المقاصد).
وخلال اللقاء، عرض الاب نصر على عون ملخصا للدراسة التي اعدها اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة حول واقع هذه المدارس ومدى تأثير تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي على كلفة تعليم التلميذ في المدرسة، علما ان المعلمين وأهالي المتعلمين يعانون هم أيضا من هذا الوضع.
واظهرت الدراسة ان متوسط كلفة تعليم التلميذ الواحد للعام الدراسي 2021-2022 بعد تصحيح كلفة نفقات التشغيل المرتبطة مباشرة بسعر صرف الدولار في السوق الفعلي سيبلغ 7,9 ملايين ليرة لبنانية. وفي حال تم تصحيح كلفة نفقات التشغيل المرتبطة مباشرة بسعر صرف الدولار في السوق الفعلي وإعطاء زيادة على الرواتب والأجور تساوي 30% من دون أي تعديل في باب المنح والمساعدات يصبح المتوسط 9,3 ملايين ليرة. ولفت الاب نصر الى ان كلفة شراء الكتب المدرسية تضاعفت 5 مرات مقارنة مع الكلفة في شهر ايلول 2019 إضافة الى كلفة النقل المدرسي، كذلك بات راتب المعلم لا يكفي لتغطية حاجاته الأساسية.
ثم توالى على الكلام عدد من أعضاء الوفد الذين قدموا مذكرة تمنوا فيها على رئيس الجمهورية السعي مع الجهات المانحة والمعنيين الى تخصيص نسبة من الهبات التي ستصل الى لبنان للقطاع التربوي بهدف دعم الاهل والمعلمين والمدارس وذلك من خلال توفير مبلغ قيمته 200 دولار لكل متعلم يسمح بالحفاظ على متوسط القسط المدرسي عند قيمته الحالية واصدار بطاقة محروقات للإدارة المدرسية والمعلمين.
وتداول عون مع أعضاء الوفد في المقترحات وخلال النقاش اكد ضرورة عقد مؤتمر للتربية للبحث في كل النقاط التي اثارها الوفد.
وبعد اللقاء، قال الاب نصر للصحافيين: “دخلنا في شهر أيلول والمدارس على الأبواب، وهناك تحديات كبيرة جدا تعيق انطلاق العام الدراسي. لذلك، زرنا القصر الجمهوري والتقينا فخامة الرئيس برفقة اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، لعرض المشاكل والتحديات التي تعيق انطلاقة هذا العام. وقدمنا لفخامة الرئيس دراسة تشير الى ارتفاع كلفة التعليم في المؤسسات التربوية الخاصة، بحيث ارتفع القسط من معدل أربعة ملايين ونصف الى ما يفوق تسعة ملايين ليرة لبنانية ما يشكل كلفة باهظة جدا على الاهل. وقد فتشنا مع فخامة الرئيس عن الحلول التي لا تقوم الا بدعم الدولة اللبنانية لكلفة التربية والتعليم واقرار مشاريع القوانين الموجودة في ادراج المجلس النيابي”.
وأضاف: “في محصلة الاجتماع مع الرئيس، توافقنا على عقد مؤتمر طارئ للتربية بالتنسيق مع معالي وزير التربية والتعليم العالي يضم كل الوزارات التي تعنى بالشأن التربوي للمساعدة في تسهيل انطلاقة العام الدراسي وتأمين كل المستلزمات الضرورية كي نتمكن من ان نفتح أبواب مدارسنا. ونحن كاتحاد مصرون على فتح أبواب المدرسة وعودة الطلاب الى مقاعد الدراسة لان هذا هو العام الثالث وطلابنا بعيدون عن المدارس. والامر لا يمكن ان يستمر على هذا المنوال. اننا بحاجة لفتح مدارسنا لتعود الحياة الطبيعية اليها. كذلك، فان هذا المؤتمر يضم كل مكونات الاسرة التربوية، ونحن ندعوهم جميعا، مؤسسات، مدارس، معلمين، ولجان اهل الى المشاركة فيه كي نعالج سويا وبرعاية القصر الجمهوري، وفخامة الرئيس، قضايا التربية في لبنان لتسهيل الانطلاقة وإيجاد الحلول”.
وردا على سؤال، أكد نصر اننا “نسعى جاهدين لحلحلة كل العوائق حتى نتمكن من فتح ابواب مدارسنا. نشجع على فتح أبواب المدارس ولكن مع حلحلة لكل العقد الموجودة، ومنها رواتب المعلمين وارتفاع الاكلاف التشغيلية للمدرسة، كل هذه الأمور معقدة وعلينا ان نجد الحلول لها كي تفتح المدرسة أبوابها”.
وفي رده على سؤال عن رفع بعض المدارس الاقساط، قال:” قد يكون هناك بعض المؤسسات التربوية القادرة على تحمل هذا الارتفاع ولكن ليست مدارس لبنان كلها قادرة على ذلك في ظل الضائقة الاقتصادية الراهنة التي يعاني منها الاهل، والحل يكون بدعم الدولة للقطاع التربوي، بالهبات والمنح الخارجية التي تدعم القسط المدرسي كي نعطي الأستاذ حقه ونؤمن التكاليف التشغيلية في المدرسة من دون ان نرفع الأقساط”.
وعن البديل في حال لم تفتح المدارس أبوابها هذا الشهر، قال: “مصرون، بكلمة واحدة، كاتحاد على فتح أبواب المدارس، ان ذلك يشكل حاجة ضرورية لطلابنا وكذلك التعليم الحضوري، فهم يطالبون بهذا الامر، وكذلك الاهل، لكن هناك عوائق يجب إيجاد الحلول لها”.
وشدد، ردا على سبب عدم اتخاذ الاتحاد خطوة استباقية، على ان “الأمور آخذة بالتصاعد بشكل دائم ونحن قادمون على الأعظم. لذلك لا يمكننا ان نتأخر اكثر من ذلك، كنا بتواصل مع وزارة التربية، ووزير التربية يقوم بما عليه من واجب لكننا وجدنا ان الأمور لا يمكنها الانتظار اكثر من ذلك. نحن بحاجة الى حلول حاسمة لأننا على أبواب العام الدراسي”.
وعن مآل المساعدات التي وصلت الى بعض المدارس، قال: “إن المساعدات التي اتت الى المدارس الكاثوليكية من السفارة الفرنسية كانت ضئيلة جدا، وشكلت 2 بالمئة من ميزانية المدرسة للعام الماضي وهي ستستمر لهذا العام الدراسي ولكنها غير كافية. لا شيء يحل ازمتنا الا دعم الدولة وتدخلها. ان الدولة مسؤولة عنا، شكرا للهبات وللدول الصديقة وللمؤسسات المانحة لكن لدينا دولة مسؤولة عن القطاع التربوي فلتتحمل مسؤوليتها. وكما تجد حلولا لشؤون أخرى تستطيع إيجاد حل لهذا القطاع لانه يطال كل أولادنا. فمن في الدولة ليس لديه أولاد او احفاد في المدارس؟ هل هم راضون ببقاء أولادهم في المنزل؟ ليس من احد راض بذلك على الاطلاق، هل المعلمون راضون ببقاء أولادهم في المنزل؟ ليس من احد راض بذلك ولجميعنا مصلحة بالعودة الى المدارس التي هي حاجة ومصلحة عامة. لذلك علينا الاهتمام والانتباه لهذا القطاع”.