Site icon IMLebanon

مساران متوازيان: الحكومة اللبنانية والسفينة الإيرانية

أكدت مصادر واسعة الاطلاع أن تقدما قد تم إحرازه في موضوع الحكومة، ولكنه ليس حاسما ونهائيا. الأجواء معقولة ومقبولة، وهناك انحسار في أجواء التشاؤم. وتكشف هذه المصادر عن اجتماع مطول عقد عصر أمس بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي واللواء عباس إبراهيم دام نحو 3 ساعات وأسفر عن تذليل الجزء الأهم من العقبات المتبقية حقائب وأسماء، لتنحصر المشكلة «في الوزيرين المسيحيين، حيث اقترح اللواء إبراهيم آلية توافق بين عون وميقاتي عليهما بأن يضع رئيس الجمهورية ميشال عون لائحة أسماء ليختار منها ميقاتي أو أن يتبادل الطرفان عدة أسماء ليرسو الاتفاق على اثنين (الحصة المسيحية من 12 وزيرا موزعة بين 6 لرئيس الجمهورية 2 «مردة» 1 طاشناق 1 قومي، ويبقى وزيران هما موضع النقاش والخلاف). وتضيف هذه المصادر أن هناك أيضا مشكلة تتعلق بالتوازنات السياسية والطائفية، ذلك أن الرئيس عون لا يريد أن يكون وزيرا الأرمن (الطاشناق) والدروز (طلال ارسلان) محسوبين من حصته، وإنما يريد أن يكون له 8 وزراء مسيحيين وليس كما هو متداول (6 + 2).

وإذا كان الموضوع الحكومي يتصدر الاهتمامات المحلية والزيارات الدولية، فإن موضوع السفينة الإيرانية المحملة مازوت، والتي توغلت في مياه المتوسط وسط معلومات لوسائل اعلام روسية تشير الى دخولها المياه الاقليمية السورية، تبقى هي الحدث الأهم، خصوصا أن لها علاقة بطريقة أو بأخرى بمسألة الحكومة وتؤثر عليها، أو تحديدا على موعد ولادتها.

وتكشف هذه المصادر عن أجواء بلبلة وارتباك تسود المسؤولين والمعنيين بموضوع السفينة الإيرانية. فقد بادر الرئيس ميشال عون للاتصال بقيادة حزب الله وطلب التريث قليلا «طولوا بالكم شوي». وبعث الرئيس نجيب ميقاتي برسالة الى قيادة الحزب، بلهجة تصالحية ودية، وفحواها أنه محرج في هذا الموضوع ولا يستطيع أن يكون رئيسا للحكومة والباخرة راسية قبالة الساحل اللبناني، داعيا الحزب الى حل هذه المشكلة والى «مساعدته» إذا كان يريد فعلا حكومة في أسرع وقت، وأن يكون هو رئيسا لها.

ولكن المفاجأة جاءت من قبل الرئيس نبيه بري الذي جاء موقفه بمنزلة «العائق الأكبر» أمام رسو السفينة في لبنان، وتحديدا في منطقة الزهراني. ففي هذه المنطقة يوجد قطعة أرض واسعة يملكها شخص مقرب من الحزب والحركة وأبدى استعدادا لوضعها بالتصرف إذا رست الباخرة في البحر قبالة هذه الأرض، على أن تتم الاستعانة بأنابيب مصفاة الزهراني لإفراغ السفينة من حمولتها. ولما طرح الموضوع على الرئيس بري كان موقفه واضحا وحازما بأنه لا يستطيع أن «يغطي السفينة شيعيا»، ولا يتحمل أن يوضع الشيعة تحت العقوبات وخارج المنظومة الدولية وخارج الدولة اللبنانية. والمفارقة هنا أن موقف جنبلاط جاء متماهيا مع موقف بري ولكن بعد تقلبات. فعندما جرى الاتصال بجنبلاط للتشاور معه في موضوع استخدام مرفأ الجية، وافق بداية على الفكرة وأبدى كل استعداد للتعاون، ولكنه بدل موقفه وبعث رسالة إلى الحزب يعلمه فيها أنه تعرض لضغوط هائلة وليس في وسعه الاستمرار في دعم إفراغ السفينة في مرفأ الجية.

وتكشف هذه المصادر أن وجهة السفينة ميناء بانياس السوري، حيث توجد مصفاة تكرير للنفط، وستصبح حكما في تصرف الدولة السورية لتدخل من سورية الى لبنان عبر منطقة القصير، ولتبدأ مرحلة جديدة من «تهريب» النفط بين البلدين وفق المصطلح الجديد الذي سيستخدم، وهو «التهريب المعاكس» من سورية الى لبنان. وبعيدا عن المواقف والحسابات اللبنانية، ثمة مفارقة خارجية تتعلق بموضوع السفينة الإيرانية وهي أن الموقف الإسرائيلي يبدو أقل تشنجا وتشددا من الموقف الأميركي.