جاء في “المركزية”:
أبعد من عقبات تشكيل الحكومة واستمرار التمترس خلف مطالب وشروط لهذا الفريق او ذاك، وأبعد من بيان مجلس المطارنة الموارنة العالي السقف امس الاول بما تضمن من مواقف تدعو الشعب للثورة ضد الطبقة الحاكمة والمجتمع الدولي الى تطبيق القرارات الدولية المتصلة بلبنان لانقاذه، ثمة ما يربط هذا بتلك، ويقبع في الكواليس وفي خلفيات ما يجري وما يعلن، يتصل تحديدا باتفاق الطائف.
هذه المقاربة تشير اليها اوساط سياسية معارضة عبر “المركزية” لتقول ان التناتش في ملف تشكيل الحكومة تعود جذوره الى رغبة جامحة من قبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفريقه السياسي بضرب الصلاحيات الحكومية والعودة الى دستور ما قبل الطائف الى زمن دفع اللبنانيون دماء كثيرة لتجاوزه. وتضيف “ان الرئيس عون حينما كان في قصر بعبدا في العام 1990 لم يسر بالطائف “فطيّروه” وقد عاد اليوم الى القصر الجمهوري تحديدا لتطيير الطائف”، مشيرة الى مدى خطورة هذه اللعبة التي قد تطيح بلبنان الوطن وليس فقط بدستوره، وهو ما تنبه اليه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي وحرص على ادراجه في متن بيان مجلس المطارنة الاخير انطلاقا مما سمعه وما تبلغه حرفيا وما وصل اليه من اصداء فاتيكانية محذرة من العودة الى الماضي بانقساماته الطائفية البغيضة بعدما تجاوزها لبنان بشق النفس وتسلق سلم الازدهار والتعافي، وفي وقت ينبذ العالم برمته لغة التفرقة الطائفية والمذهبية البغيضة فما الفائدة من العودة اليها واحياء زمن الانقسامات؟ وتشير في السياق الى ان الفاتيكان يبذل كل جهد ممكن في اتجاه تعميم لغة الحوار والتلاقي والاخوة وما “وثيقة الأخوة الإنسانية” التي بزغ نورها في الإمارات في 4 شباط 2019 لجمع الأديان والأعراق والألوان في كافة دول العالم والتي وقعها في أبوظبي قداسة البابا فرنسيس وشيخ الازهر أحمد الطيب لتعتمد بعد ذلك من الجمعية العامة للأمم المتحدة وبالإجماع الدولي، الا الدليل الى المسار الذي ينتهجه الكرسي الرسولي والكنيسة في العالم فهل يعقل فيما الكنيسة والعالم يتجهان نحو نبذ التفرقة ان يعود لبنان الى نبش قبورها؟
وفي معرض تدعيم وجهة نظرها هذه، تشير الاوساط الى ان حتى حزب الله بامتداداته الايرانية وتطلعاته نحو الهيمنة على الدولة، تجنب المخاطرة باعتماد المنطق المذهبي واتجه نحو ربط نزاع مع الفريق السني الممانع مشروعه، فلماذا يتولى المسيحيون المهمة اليوم؟ وما الفائدة من العودة في ما بعد الـ 2021 الى ما قبل العام 1990؟ ومن المستفيد من مخالفة توجهات الفاتيكان وضرب مبدأ الشراكة الوطنية، وقد بات الحديث عن نسف الدستور والتوجه الى مؤتمر تأسيسي على كل شفة ولسان، واسهم بقوة في انكفاء العرب عموما والخليجيين في شكل خاص عن لبنان وازماته بعدما استضافت المملكة العربية السعودية مؤتمر الطائف الذي وضع حداً للحرب الاهلية وفتحت ابوابها للبنانيين وخزائنها لانتشالهم من مخلفات الحرب؟
ان سياسة كهذه لا يمكن ان تستمر في تسيير لبنان عكس التيار المسيحي والعالمي وقد ثبت بالقرائن والادلة الى اين اوصلت البلاد خلال اربعة اعوام ونيّف من الانجرار نحو المحاور الاقليمية، فهل من يتمكن من فرملتها؟