IMLebanon

إرسلان: كل من يعادي سوريا يعادي لبنان

استقبل الرئيس السوري بشار الأسد وفداً لبنانياً برئاسة رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان، الذي أكد أن “سوريا أعطت للعالم أجمع درساً في عدم الخضوع أمام الاستكبار الاستعماري العالمي وعدوانيته، وأن معاناة اللبنانيين والسوريين هي من صنع الاستعمار الجديد والذي يحاول أن يستبيح حقوقِ الشعوب وكرامات الأمم”.

وشدد على أن “كل من يعادي سوريا يعادي لبنان والعروبة الحضارية كلّها، وأن ما من وطني يقبل بالقطيعة بين لبنان وسوريا، لأنها تشكل طعناً للبنان في الصّميم، وتآمراً على سوريا”.

كلمة أرسلان:

“سيادة الرئيس القائد،

لقاءُ الكرامةِ الذي نحنُ فيهِ.. في حضرتِكُم، هو مدعَاةٌ لسرورِنا العميقْ، وتأكيدٌ متينٌ لِما نحنُ عليهِ من قناعةْ راسِخةْ بأنّ سورية.. اللهُ حاميها… من أنّ سورية بقيادتِكُم الحكيمة الشُّجاعة.. أعطت للعالمِ أجمعْ درساً في احترام الذات وعدمِ الخضوعِ أمام الإستكبار الإستعماري العالمي وعُدوانيتِهِ التي حطّمت كلّ الأرقام القياسية في نهجِ البربريّة.

لا مبالغةَ في وصفِ الأمورِ كما هي عليهِ، لأنّ الواقعَ يقولُ ذلكَ…

لأنّ معانتِنا كلبنانيين وسوريين… هي المعاناة التي نتساوى فيها جميعاً وهيَ من نسجِ الإستعمارِ المتجدّد والذي يُحاوِلُ… وعبثاً يحاولْ… أن يستعيدَ أزمِنتَهُ الغابرَة وفتوحاتِهِ المتوحّشة.. واستباحَتَهُ لحقوقِ الشّعوبِ وكراماتِ الأمم.

يا سيادة الرئيس،

أنتُم شخصياً، بقيادَتِكُم الجسورَة الحكيمة تقفونَ منذُ أكثرِ من عشرِ سنواتٍ…// تقفون وقفةَ العزِّ في دربِ الهجوم الإستعماري المتعدّد الأشكال… فتستنهِضونَ بوقفتكم هذه… أُمَماً – إمبراطوريّة كانت حانيةَ الرأسِ أمام الفجور الأستعماري، فإذا بها تستعيدُ… ولو تدريجياً… عافيتَها المعنويّة وصُدقيّتِها بينَ الأممِ المُصمِّمة على عدمِ الخضوعِ للإستعمار والصهيونية.

فانتقلَ العالَمُ بفضلِكُم أنتم من أحاديّةِ القُطُبْ، أي من الديكتاتوريّة الدُوليّة… إلى التعدّدية القطبيّة… أي الديمقراطية الدُولية.

إنّ الصمودَ الأسطوري لسورية هو الذي شقّ الطريقَ لهذا التحوّل العظيم في المشهد الدُولي والذي لم يكتمِلْ فصولاً بعد. ولكنَّ التاريخَ الذي تصنعونَهُ يغيّرْ مجرى التاريخِ الذي فرضوهُ على عالمِنا العربيّ طيلةِ قرنٍ كاملٍ من الزمن.

هذا هو الدرسُ الذي يجبْ أن تحفَظَهُ الأجيالْ… أجيالُنا… من عُمقِ مشرِقِنا إلى أقصى مغرِبِنا العزيز…وكذلك أجيالُ العالم الحرّ الذي يقِفُ إلى جانبِنا في هذه الحربِ العدوانية التي تُشَنُّ علينا.

وعلى ضوءِ ذلك، لم يعُد يغرُّنا خطابُ الحكومات الغربيّة، بالديمقراطية وحقوق الإنسانِ… وكُبرى الأكاذيبِ التي اسمُها… الحربْ على الإرهاب…

يا سيادة الرئيس،

أشهدُ أمام الله والتاريخ… ومشايخنا الأجاويد الأجلاء… وعلى رأسِهِم، سماحة شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز في لبنان الشيخ نصرالدين الغريب،// شهودٌ على ما سأقول… ودائماً تحت عنوان الدين لله والوطن للجميع، هذه القاعدة الوطنية العظيمة التي توّجَ بها سلطان باشا الأطرش نداء الثورةِ ضدّ الإستعمار الفرنسي: …أشهدُ… شهادةً من صُلبِ مدرسة بطل الإستقلال وبطل حرب فلسطين… المغفور له الأمير مجيد أرسلان…

أولاً: إنّ أهلَ التوحيد، أبناء سورية ولبنان وفلسطين الأقحاح، عندهم مشروعٌ واحدٌ لا غير، هو مشروع الوطنيّة والعروبة الحضارية… ولا تستطيع ولن تستطيع أي قوّة في العالم أن تجعلَ منهم حرّاس حدودٍ لإسرائيل، أو أحصنة طروادة للإستعمار.

ثانياً: إن أهلَ التوحيد، في سورية ولبنان وفلسطين، قدرُهُم ودورُهم التاريخي… أن يكونوا دائماً عنصرَ استقرارٍ وانفتاحٍ وحداثة… وهم المشهود لهم بحبّهم وتقديرهم للرجال الشجعان والأبطال.

ثالثاً: إنّ كل من يُعادي فلسطين يُعادي لبنان وسورية والعروبة الحضاريّة كلَّها…

وكل من يعادي سورية يعادي لبنان والعروبة الحضارية كلّها… وما من وطنيٍّ يقبلْ بالقطيعة بين لبنان وسورية، لأن قطيعةً من هذا النوع… تشكّلُ طعناً للبنان في الصّميمِ، وتأمراً على سورية… وفي هذا المجال لا بد من التأكيد على أهميّة وضرورة عودة العلاقات اللبنانية – السورية إلى طبيعتها، حيث يشكّلُ البلدان معاً تكاملاً إقتصادياً بات ضرورةً ملحّةً لكليهما، وما جرى في الأمس من موافقة ٍسوريةٍ مشكورة لتمريرِ الغاز المصري والكهرُباء الأردنية عبرَ الأراضي السورية إلى لبنان، يؤكّدُ أنّ لا مناصْ من عودةِ هذهِ العلاقات، خصوصاً مع وجودِ الكثيرِ من المِلفات التي تتطلّبُ تنسيقٍ دائمٍ ومتواصل.

وملفُ الإخوة النازحين في مقدّمة تلك المِلفات، إذ يبقى الهدفُ الأساسْ من تركِهِ مُعلّقاً، تنفيذَ أجنداتٍ خارجية. وقد بادَرنا من خلالِ وزيرَيْنا في الحكومتَيْن المُتعاقِبتَيْن إلى التنسيق مع الدولة السورية للبَدءِ في حلِّ هذا الملف، ولاقينا التجاوبْ الكاملْ والتسهيلاتِ من قِبل سيادتِكم، ولكنْ للأسف، على الرغمِ من إقرارِ خطّةَ العودة في مجلس الوزراء اللبناني، فإنّ الحكومة لم تستطعْ أن تُنجِزْها أو تطبّقْها، حيثُ أنّ إرادةَ المجتمع الدولي تمنعُ ذلك.

 

يا سيادة الرئيس،

اليوم، كما في الأمس.. وكما في الغدّ إن شاءَ الله، نوجّهُ التحيّةَ إلى الجيش العربي السّوري البطل وإلى شهدائِهِ وجنودِهِ كافة، حامي ديارَ سورية المقدّسة، والصّامدُ أبداً بقيادتكم الرشيدة بوجه المؤامرة الكونية التي تهدُفُ إلى إبادَتِنا جميعاً عن الوجودِ، عبر الإرهاب والتجويع والحصار المجرم.

إنّ صمودَ سورية الأسطوري يؤكّد بما لا يقبل الشّك إطلاقاً، بأنّ الإنتصار الكبير هو جزءٌ من تراثنا وهو آتٍ لا محالْ، كما القضاءُ والقدر، وباسم أهلنا المشايخ أعضاء لجنة التواصل في فلسطين المحتلّة، نتقدّم بالشكرِ إليكم شخصياً يا سيادة الرئيس على استعدادكم الكريم وتوجيهاتكم السريعة بتحضير الإستقبال اللائق للجنة التواصل المعروفية من أهل الداخل الفلسطيني المحتل سنة 1948، الذين يقدّرون تقديراً كبيراً مساندتكم لهم وحرصَكُم على تسهيلِ مهمّاتهم الدينيّة والقوميّة، وهذا طبعاً ليسَ غريباً عنكم أبداً، ففلسطين تسكن في عقلكم وقلبكم، وهي الهاجِسُ الأساس عندكم، والهدفُ الأسمى من أهدافِكُم الوطنيّةِ والقوميّة.

عذراً إن كنت قد أطلت…سدّد اللهُ خُطاكم وتوجَّ جهادَكُم بالنصرِ المُبين… والسلام عليكم”.