قضية الباخرة الإيرانية التي يُفترض أنها محمّلة بالنفط وأنها انطلقت من إيران قبل أكثر من 3 أسابيع كما أعلن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ولم تصل بعد لا إلى مرفأ بيروت ولا إلى مرفأ بانياس، لا تزال تشغل مواقع رصد البواخر وتشعل التوقعات السياسية والأمنية في المنطقة، وذلك بعدما ثبت أن مثل هذه الباخرة ليست مخصصة لاستهلاك الوقود في لبنان، بل هي للاستهلاك السياسي والاعلامي، وتصب في خدمة الاستعراض الخام غير القابل للتكرير في خزانات المحطات على الأراضي اللبنانية.
وفي حين كان محور الممانعة في لبنان بقيادة “حزب الله” يدّعي فك الحصار عن إيران باستقام باخرة محروقات لم تصل، كان أركان هذا المحور من قصر بعبدا في لبنان إلى قصر المهاجرين في دمشق ينصاع للرغبات الأميركية بفرض استجرار الغاز المصري عبر الأردن وسوريا وصولا إلى لبنان، ضمن خطة اعلنت عنها الإدارة الأميركية بلسان سفيرة واشنطن في بيروت، ما دفع أحد أبرز أركان محور الممانعة رئيس النظام السوري بشار الأسد للرضوخ للمطلب الأميركي بعدما كان لأعوام رفض المطالب اللبنانية بتسيير خط الغاز.
وفي حين استجاب عهد الممانعة اللبناني للشروط الأميركية وأرسل وفداً لإجراء اللقاءات الرسمية المطلوبة في سوريا، لم يجرؤ العهد إياه على تلبية شرط وزير الخارجية الإيراني الجديد أمير حسين عبد اللهيان الذي اشترط الحصول على طلب رسمي لبناني لإرسال باخرة المحروقات، لا بل على العكس أصرّ وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر على نفي وجود أي طلب لإفراغ باخرة وقود إيرانية في مرفأ بيروت، وليتّضح في الخلاصة أن أركان محور الممانعة وإن كانوا يحتفلون إعلامياً بـ”إنجازات” لم تتحقق إلا في مخيلتهم، إلا أنهم يخضعون للإملاءات والمطالب الأميركية، وإن اقتضى ذلك عدم حفظ ماء الوجه اللبناني في اللقاءات الرسمية مع مسؤولي النظام السوري الذين رفضوا وجود علم لبناني في اللقاءات!
مما سبق يتّضح أن لا قدرة لدى محور الممانعة على خوض أي مواجهة فعلية مع الإدارة الأميركية خارج المماحكات والعراضات الإعلامية، لا بل يفاخر أركان هذا المحور بما يسمونه “تخلي الأميركيين عن حلفائهم في لبنان” ليشهروا تحالفاً ضمنياً وموضوعياً مع إدارة “الشيطان الأكبر” بقيادة الرئيس جو بايدن، من دون الحد الأدنى من الحياء الذي يفرضه تاريخهم في مهاجمة الأميركيين!
إنه مسار واحد يخضع له أركان الممانعة في لبنان، ليس حباً بالأميركيين، إنما في محاولة للمساهمة في شراء الوقت للإيرانيين الذين يمعنون في تأجيل مفاوضات فيينا وفي تفعيل تخصيب اليورانيوم بالتوازي سعياً لفرض أمر واقع جديد في المنطقة وعلى طاولة المفاوضات، من دون أن يعني ذلك أنهم سيكونون قادرين على إنتاج القنبلة النووية بفعل الرقابة المشددة الأميركية- الإسرائيلية على كل تحركاتهم.
والخلاصة؟ بكل بساطة إن المنطقة قد تكون على فوهة بركان فيما إذا أراد الإيرانيون الذهاب في تحدي التخصيب بعيداً، ما قد يجعل أي حركة للبواخر النفطية الإيرانية في المنطقة فتيل تفجير قد نعرف كيف يبدأ ولا يستطيع أحد التكهن بكيف سينتهي من المتوسط إلى مفاعل نطنز وفوردو وكل المواقع النووية في قلب إيران!