كتب الشيخ خلدون عريمط في “اللواء”:
عكار وشمال لبنان كانتا ولا زالتا العمق الوطني والاسلامي لأهل السنة والجماعة في لبنان؛ وهما على الدوام رواد العيش الوطني الواحد؛ وسند نهوض الدولة اللبنانية،والخزان البشري للجيش اللبناني؛ جيش التضحية والوفاء والحرية؛ وتتميز عكار واهلها رغم الحرمان والبطالة بالوطنية والعروبة والفروسية والتفاعل مع المشكلات المحلية،ومع قضايا العرب والمسلمين وخاصة قضية فلسطين المحتلة وشعبها المظلوم المقاوم.
ومنذ بداية عهد الرئيس ميشال عون المشؤوم تسلل تياره السياسي الطائفي الحاقد الى بعض البلدات الوطنية الطيبة والخيِّرة من اهالي عكار، مستخدما تحالفه مع حزب الله ونفوذه في السلطة الحاكمة وفي وزارة الطاقة تحديدا لتوزيع مغانمها من المحروقات تجاريا وسياسيا وانتخابيا على الانصار والازلام والمحاسيب من هنا وهناك من الوسط العكاري،وتهريبا منظما ومبرمجا الى خارج الحدود الى سوريا، لجني ثمار التهريب مالا وثراء على حساب الفقراء وطوابير الذل والعار على ابواب الافران والصيدليات ومحطات المحروقات والغاز في كل مناطق عكار؛ وتلاقت مصالح الرئيس ميشال عون وتياره الطائفي مع طموحات تمدد نفوذ حزب الله وبالتالي النفوذ الايراني في كل المناطق اللبنانية؛ وخاصة في العمق الاسلامي لأهل السنة والجماعة في عكار وشمال لبنان، وما ان فجعت عكار واهلها بانفجار خزانات تجار الموت في بلدة تليل؛ منطقة الدريب عكار، منطقة النائب عن التيار العوني في المجلس النيابي؛ حتى استغل حزب الله بحرفية عالية ومعه النفوذ الايراني المأساة العكارية التي حصلت بانفجار خزانات الموت، وتلقف حزب الله بسرعة تقصير السلطة الحاكمة وأهمالها، واستفاد الحزب من تقاعص نواب عكار والسياسين والاغنياء فيها عن واجباتهم الوطنية بلملمة الجرح العكاري المظلوم؛ وببلسمة جراح المصابين، والتعويض على اهالي الشهداء والضحايا، ليعلن حزب الله بعدها من خلال بعض مناصريه في عكار عن تقديم تعويضات مالية لعائلات الضحايا والشهداء والجرحى من ابناء عكار؛ وبذلك يؤكد حزب الله ومعه النفوذ الايراني بأن خدماتهم واهتماماتهم اشمل واعم من خدمات السلطة الحاكمة الفاسدة والمعطلة لتشكيل الحكومات؛ والمعيقة لنهوض الدولة؛ ولتكشف هذه التعويضات العورات المكشوفة والخلل السياسي والتقصير الفاضح لنواب عكار واثريائها والمتمولين فيها.
ان تعويضات حزب الله المالية لأهالي الشهداء والضحايا والجرحى في عكار، هي تعويضات ظاهرها انساني وتعاطفي واخلاقي تقبَّلها المواطن العكاري بحسن نية وشكر لمعروف، و لكن ليعلم المواطن العكاري بأن باطنها اختراق خطير للوطنية العكارية؛ وتمدد مرفوض للمشروع الصفوي الفارسي الحاقد على الوطنية اللبنانية وعلى العروبة الاصيلة والإسلام الحنيف، وما حصل ويحصل من اختراقات سياسية واجتماعية وربما امنية من اكثر من جهة محلية واقليمية لمناطق عكار وطرابلس وشمال لبنان يؤشر لامكانية استخدام هذه المناطق واهلها في الصفقات المشبوهة بين النظام الايراني ومشروع النفوذ الاميركي في المنطقة العربية والاسلامية؛ كما هو حاصل في اليمن وسوريا والعراق.
ان التعويضات المالية المقدمة من حزب الله والنفوذ الايراني والتي رفضها البعض مشكورين من اصحاب الهمم من ابناء عكار النشامي الاحرار؛ تؤكد بأن عكار واهلها وطرابلس وشمال لبنان؛ لن يكونوا ورقة بيد النفوذ الايراني؛ ولن يكونوا الا كما هم وطنيون احرارا مسلمين ومسيحيين؛ يدا واحدة وصفا موحدا لمواجهة كل التحديات والاختراقات المشبوهة، ليبقى لبنان الوطن شامخا كأرزه؛ صلبا كجباله؛ عربي الهوى والجذور سيدا حرا مستقلا عصيا على المشروعين الإسرائيلي والايراني مهما ضعف العرب وتفرقوا وتناحروا واستقوى الأعداء عليهم في هذا الزمن الصعب.