عقد نقيب أطباء لبنان في بيروت البروفسور شرف أبو شرف مؤتمرا صحافيا قبل ظهر الأربعاء في النقابة – فرن الشباك، تناول فيه موضوع “السياسة الدوائية ومحتكري الادوية في لبنان”، متخذا “صفة الادعاء عن النقابة ضد مجهول وكل من يظهره التحقيق فاعلا او شريكا او متدخلا او محرضا بجرم الاحتكار والاختلاس واستثمار الوظيفة والمضاربات المشروعة”.
وقال أبو شرف: “كل شيء في لبنان بات مستباحا، حتى الدواء الذي أصبح تحت رحمة المافيات المقنّعة بلباس سياسي أو صيدلي او طبي أحيانا، وعمّت الفوضى والفلتان. إن الغياب المزمن للسياسة الوطنية للدواء عندنا، أدى إلى فقدان الاخلاق وغياب الرحمة. وبدل أن يعطى الدواء للشفاء والحياة، اصبح سلعة تجارية لتحقيق الأرباح السريعة. لقد بحت الحناجر المطالبة بتوفير المعالجة المجانية والدواء للمعوزين من دون منة وعناء، وتوفير العلاج الرخيص لسائر المواطنين، ومراقبة أسعار الدواء وتشجيع تصنيعه في لبنان، في وجود كفاءات علمية دوائية عالية، وإعادة تفعيل المختبر المركزي لوضع الضوابط العلمية ومراقبة الجودة والنوعية، وتطبيق الوصفة الطبية الموحدة بشكل صحيح منعا للتهريب او التخزين، واستعمال الجنريك، ووضع المكتب الوطني للدواء لمراقبة الأسعار”.
وأضاف: “يؤسفنا بل يدمينا أن هذه الامور لم تنل من اهتمام المسؤولين إلا وعودا بيانية بقيت حبرا على ورق. وبقي الصمت أو التواطؤ سيدي الموقف. لذا نأمل أن يكون مصير البطاقة الدوائية المعلن عنها أخيرا، أفضل من السابق، علما ان كل هذه الامور كتلة واحدة متكاملة وجب العمل على حلها سويا كي يكتب لها النجاح، وذلك عبر وضع سياسة صحية دوائية علمية اقتصادية واجتماعية، بعيدا عن التدخل السياسي، الطائفي والمذهبي، ووضع حد لأعمال الفساد الرائجة منذ عقود، مراقب، ومساءلة ومحاسبة المعنيين في شؤون الصحة العامة”.
ورأى أبو شرف “أن ثقافة الفساد التي لا تنتهي فصولا تمثلت في قضية اختفاء الأدوية وحليب الأطفال من الصيدليات بسبب التهريب أو التخزين أو التجارة والاحتكار، في هذه الظروف الاجتماعية والصحية الصعبة، ما سبب أضرارا جسيمة للمواطنين وبخاصة الأطفال الرضع، والمرضى الذين هم بأمس الحاجة إلى هذه الأدوية العلاجية. وتعتبر نقابة الأطباء أن هذه الأعمال اللاأخلاقية بمثابة جرائم ضد الإنسانية”.
ولفت الى أنّ “إخوتنا في عكار عانوا كثيرا عدم توافر الأدوية الاساسية للحروق. مرضى الأمراض السرطانية والمستعصية يتظاهرون للحصول على أدويتهم . مرضى القلب والضغط والسكري والالتهابات يعانون صعوبة الحصول على الأدوية الضرورية لعلاجهم. وتتوالى الاجتماعات في نقابة الأطباء مع الجمعيات العلمية المختصة والمؤسسات الصحية الدولية لمحاولة تأمين الأدوية الأساسية. لذا تطالب نقابة الأطباء بمحاكمة قضائية عادلة، صارمة وسريعة لمحتكري الأدوية، وإنزال أشد العقوبات بهم، بغض النظر عن انتماءاتهم، وبسحب التراخيص منهم، عل ذلك يكون رادعا لسواهم، ويضع حدا لهذا النوع من الفساد المستشري”.
وتابع: “لقد تزايدت في الآونة الاخيرة عمليات الدهم التي قامت بها وزارة الصحة والقوى العسكرية والأمنية، لمستودعات الأدوية والمواد الغذائية ومحطات المحروقات. ومن حق المواطنين أن يعرفوا هوية المحتكرين والإجراءات التي تتخذ في حقهم، ومصير المواد المصادرة”.
واشار الى انه “في غياب الشفافية في هذه القضية كما في سواها، تتلاشى ثقة الناس بالدولة وأجهزتها. لقد تقدمت نقابة الأطباء اليوم بشكوى أمام القضاء المختص، آخذة صفة الادعاء الشخصي على محتكري الأدوية، وحاجات المريض والمواطن خصوصا الأطفال والحليب الذي يحتاجون اليه، وذلك لتهريبها أو تخزينها أو الاتجار بها لتحقيق أرباح طائلة ولإنفاذ المضاربات غير المشروعة على حساب المريض في ظل ظروف اجتماعية وصحية واقتصادية وإنسانية ومعيشية صعبة للغاية، لأنهم بأعمالهم الاجرامية هذه، يعرضون حياة الناس للخطر. لذا نطلب من القضاء أن يقدم على اتخاذ القرار في حقهم، وتحمل المسؤولية حتى تصلح الرعية، حفاظا على صحة المواطن ورحمة بالإنسان ولبنان”.