دولة الرئيس نجيب ميقاتي
تحية صادقة وبعد،
أتوجه عبركم إلى حكومتكم الجديدة مجتمعة كونها تشكل السلطة التنفيذية برسالة أستهلّها بالتمني لكم بالنجاح في مهامكم في هذه المرحلة العصيبة جدا من تاريخ لبنان، ولو أننا لا نعوّل كثيراً على حكومة عمرها أشهر قليلة ومحكومة بإجراء الانتخابات النيابية في 8 أيار المقبل، هذا إذا صدّقنا أن مثل هذه الحكومة بتركيبتها وتوازناتها الإقليمية والداخلية قادرة أن تشكل فريق عمل متجانسا!
دولة الرئيس،
لن أدخل في تفاصيل الفضائح التي ظهرت بمجرد إصدار مراسيم التشكيل حول عدد من الأسماء، سواء لناحية ارتباط هذه الأسماء بشبهات فساد ودعاوى دولية، وسواء بشعارات رفعوها تسيء إلى الحد الأدنى من الكرامة الانسانية. ولست بوارد أيضاً أن أطرح أسئلة حول سبل التعاون الممكنة بينك وبين رئيس الجمهورية بعد البيانات المتبادلة السابقة، وبعد أن كان رئيس الجهورية وفريقه حرّك “قاضية العهد” غادة عون فادّعت عليك بتهم فساد وإثراء غير مشروع، “فالمسامح كريم” وعفى الله عمّا مضى، ونحن وإياكم نتطلّع إلى الأيام والأسابيع المقبلة علّ وعسى!
وإنني، وإذا أحترم دمعتك التي ذرفتها من قصر بعبدا، استغربت فعلا شعارك بأن الوقت ليس للسياسة بل للعمل الاقتصادي، وأنت المحنّك والعارف أن لا فصل للسياسة عن الاقتصاد، ما يجعلني في ريبة من المشروع الذي قد تكون تحمله، ليس شكاً بنواياك ولا إمكاناتك، بل لأن “المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين”، ولأن كل نظريات فصل الاقتصاد عن السياسة في لبنان منذ العام 1992 وحتى اليوم أوصلتنا بكل أسف إلى جهنم التي نعيش فيها اليوم.
دولة الرئيس،
هل لنا أن نسأل عن قدرة الحكومة على أن تكون فريق عمل متجانسا قادرا على اتخاذ القرارات الخطرة واللازمة والمناسبة لتجاوز محنتنا وأزماتنا، وخصوصاً أن حكومتك تشكلت بقرار إيراني- فرنسي وبمباركة أميركية وليس بنوايا داخلية صادقة؟ وهل يحق لنا أن نسأل عن توازناتها الداخلية رغم كل تأكيداتك بأن لا ثلث معطلاً فيها لأحد وبأنك تملك الثلثين، ماذا لو أراد فريق الإطاحة بها قبل الانتخابات النيابية؟ كيف ستصمد؟
وهل لنا أن نسأل عن قدرة حكومتك على استعادة الثقة الخارجية، بدءًا من استعادة العلاقات الضرورية مع الدول العربية والخليجية التي تعتبر أن هذه الحكومة هي “حكومة حزب الله”؟ هل ستُفتح لك أبواب المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وغيرها من الدول التي تملك مفتاح الأموال اللازمة لمساعدة لبنان؟ وكيف ستُقنع “حزب الله” شريكك الأساسي في التشكيل داخلياً بالتوقف عن استعداء السعودية والتهجّم عليها والمشاركة في ضربها من اليمن الى لبنان؟
وهل لنا أن نسأل أيضاً عن قدرة حكومتك على استعادة الثقة داخلياً من اللبنانيين الذين تمت مصادرة أموالهم بفعل فساد الطبقة الحاكمة وبسبب سياسات عزل لبنان التي تسبّب بها “حزب الله”؟ كيف يمكن الطلب من اللبنانيين التضحية وشد الأحزمة وتنفيذ رفع الدعم في حين أن لا ثقة بأن هذه الحكومة قادرة على تنفيذ أي إصلاح بدءًا من قطاع الكهربا سبب أكثر من نصف الدين العام وليس انتهاء بضبط الحدود التي يصرّ “حزب الله” على إبقائها مشرّعة للتهريب في الاتجاهين؟
دولة الرئيس،
لعل أكثر ما يخشاه اللبنانيون هو أن تكون حكومتكم حكومة “تقطيع وقت” بعدما خسر اللبنانيون كل شيء وأضاعوا العامين الأخيرين من عمرهم في جهنم. وبانتظار أن تثبتوا لنا العكس، وأنكم تملكون الصلاحية والقدرة على اتخاذ القرارات، اسمحوا لنا أن نبقى في موقع المعارض والمراقب وأن “ننفخ عاللبن لأن حليب هذه المنظومة كاوينا”…