كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
بالمبدأ، تنتهي ولاية هذه الحكومة مع ولادة برلمان العام 2022، اذا حصلت الانتخابات النيابية في موعدها، في الربيع المقبل، الا اذا قررت الأغليبة النيابية التمديد للمجلس بسبب الخشية من تأمين أغلبية جديدة وعجز المجتمع الدولي عن فرض الانتخابات، مع أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سارع إلى التأكيد أنّه ملتزم بالمواعيد الدستورية ولن يتوانى عن اجراء الاستحقاق في وقته وزمانه. ولكن في السياسة اللبنانية، لا ضمانات مسبقة. فضلاً عن الظروف الانتخابية التي قد يفرضها الخصوم، ما قد تجرّ بقية القوى السياسية إلى ملعب التنافس والتحضير للاستحقاق حتى لو كان القرار فيه غير محسوم منذ اليوم. ولكنها أسابيع قليلة، ويقفز الجميع إلى حلبة “شدّ العصب”.. و”شدّ الشعر”.
وبالتالي، ولكون هذه الحكومة ولدت في الوقت الاقليمي المستقطع، الذي يسبق التفاهمات الاقليمية، والتي قد تتأخر أيضاً، قد تكون مهمة الحكومة العتيدة محصورة بلجم الانهيار وتهدئة مفاعيله والتخفيف من وطأة الارتطام الذي وقع، ويفترض أن تبدأ مفاعيله بمجرد وقف الدعم على نحو رسمي وانتقال البنزين، بعد المازوت، إلى أسعار السوق الموازية الملتهبة، مع العلم أن الوزير السابق ريمون غجر لن يقدم على قرار تسعير البنزين وفق سعر السوق الموازية، كذلك لن يكون بمقدور الوزير الجديد الاقدام على هذه البطاقة قبيل نيل الثقة. كما أنّ البطاقة التمويلية التي يراد منها ان تكون أشبه بحبة بنادول يُفترض أن تعالج مرضى سرطان، لا تزال أسيرة لتعقيدات فنية ولوجستية، ونقص التمويل. وعليه، سيحمل الأسبوع المقبل أولى طلائع البركان الشعبي. ولهذا، سيكون تركيز الحكومة، بوجوهها الفضفاضة، على الشأن الاجتماعي والاقتصادي والمالي، ما يجعل من العديد من وزرائها، الذين تمّ تجميعهم على عجل، من باب ملء الفراغات لا أكثر، مجرد “ديكور” أو “مندوبين” يديرون وزارات مفلسة، وموظفين مفلسين غير قادرين على بلوغ مراكز عملهم.
والأرجح أنّ انحسار وظيفة هذه الحكومة إلى حدودها الدنيا هو الذي يفسّر الطريقة السوريالية التي تمّت على أساسها تسمية بعض الوزراء، بلا مراعاة لقاعدة الشخص المناسب للمكان المناسب. في الواقع، يمكن اختصار هذه الحكومة بعديدها الواسع، أي 24 وزيراً، وبعضهم لا شغل له إلّا ضمان التوازنات السياسية على طاولة مجلس الوزراء، في حال رفع سيف التصويت، أو في حال لم يكن جدول أعمال مجلس الوزراء مناسباً لحسابات أي فريق، وتحديداً “التيار الوطني الحر”، ببعض المهام لا أكثر.
وإذ كشف الصراع حول حقيبة الاقتصاد التي عاد “التيار الوطني الحر” وضمها الى حصته من باب وزير سني، أن وظيفة هذه الحكومة لا يتعدى الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، حيث يمكن اختزال هذه الحكومة، بمجلس وزاري مصغّر يضم فعلياً كلّاً من نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، نظراً لخبرته في هذا المجال، ولو أنّ بعض المعترضين يعتبرونه أقرب إلى سياسة صندوق النقد، وزير المال، وزير الاقتصاد الذي يبدو أنّ رئيس الحكومة ينفض يديه منه، والأرجح أن يكون وزير الشؤون الاجتماعية جزءاً من الوفد المفاوض ربطاً بالبطاقة التمويلية وبالمساعدات الاجتماعية التي ستتولاها الحكومة، فضلاً عن وزير الطاقة ربطاً بملف الكهرباء الذي يشكل العبء الأكبر على الخزينة العامة. ومع أنّ العديد من الحكومات السابقة كانت تضمّ في طياتها مجلساً وزارياً مصغراً يعبّر عن التوازنات السياسية التي تكوّن تلك الحكومات فيكون المعيار للانتماء السياسي، لكنها قد تكون المرة الأولى التي يعتبر فيها اختصاص الوزير هو معيار انضمامه إلى المجلس الوزاري المصغّر، وقد جرى تركيب الوزارات على أساس هذا المجلس.