كتبت منال زعيتر في “اللواء”:
لا يبدو مفاجئا ان تسمع في اروقة القوى الوازنة في البلد بأن حكومة ميقاتي هي عمليا حكومة «اللافراغ» والوجه الآخر لحكومة حسان دياب…بمعنى اوضح، لا ينتظر من هذه الحكومة الا تقطيع السنة الاخيرة من ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون الرسمية، والقصد هنا ان احتمال بقاء عون في القصر الرئاسي وارد لحين انتخاب رئيس جديد وثمة معطيات ومداولات غير رسمية بشان ايجاد مخرج دستوري لهذا السيناريو.
الحكومة التي ولدت تحت ضغط دولي على رئيسها نجيب ميقاتي ورئيس الجمهورية ميشال عون يوازي الضغط الاقتصادي الذي يمارس على اللبنانيين قد لا تصمد حتى انتهاء مهمتها باجراء الانتخابات كما يشاع، يقال هنا ان غض النظر الاميركي عن تسهيل الافراج عنها لن يمر مرور الكرام، هناك توجه غير مؤكد بعد لاعادة خض الشارع اللبناني ردا على رفع الدعم المنتظر عن المحروقات.
وفي تبسيط لهذا الكلام، فان فشل اميركا في ايقاف الباخرة الايرانية ومنع دخول حزب الله في ادارة الملف الاقتصادي اللبناني من اوسع ابوابه ، اجبرها على تسهيل امر الحكومة ككابح سياسي لتهدئة الوضع وضبط اندفاعة الحزب لانقاذ لبنان، ولكن بالموازاة فان هذا الهدوء الاميركي لا يعني التسليم بما اراده حزب الله وانما الاستمرار في اللعب على حافة الامن وهذه المرة من باب اعادة تفعيل نشاط المنظمات غير الحكومية وما يسمى ببقايا ثورة ١٧ تشرين.
وعليه، الوضع في لبنان ليس جيدا حتى مع وجود حكومة، وعلى افتراض اخذ كلام من يروج بان حكومة ميقاتي هي للتحضير للانتخابات واجرائها في ربيع ٢٠٢٢ على محمل الجد ، فان المنطق يقول بان الانتخابات لن تجري في موعدها، واقتتال عون ومن خلفه صهره رئيس التيار الحر جبران باسيل على اصغر تفصيل في التسوية التي ابرمت مع ميقاتي يؤكد بانها اذا بقيت ستكون حكومة رئاسية ونيابية وستدير الفراغ في البلد حتى ابرام تسوية شاملة في لبنان والمنطقة.
ثمة كلام كبير يجري الحديث عنه حول اعادة النظر بوضع القوى اللبنانية وموقعهم في الدولة بمعزل عما اتفق عليه في اتفاق الطائف، هنا قد يتم التغاضي جديا عن الغاء هذا الاتفاق او تعديله بل البحث في سبل تطبيقه بما يتوافق مع التوازنات الجديدة في لبنان والمنطقة، طبعا، ليس ميقاتي الشخصية السياسية المطلوبة لتوريثها الثقل السني في لبنان ، وبطبيعة الحال لا يوجد توجه عربي-اقليمي لخلق حالة حريرية جديدة انما توليد شخصيات مرحلية قادرة على تحقيق توازن مع البيئة الشيعية.
كل المعلومات المتوافرة تشير الى ان ابرام التسوية المرحلية التي افرجت عن حكومة ميقاتي جاءت لافساح المجال امام ايجاد تسوية لتفعيل اتفاق الطائف ارضاء للملكة بالتوازي مع تفعيل دور اكثر من دولة عربية في لبنان.
من هنا، يصبح منطقيا القول بان حكومة ميقاتي هي لمهمة محددة بانتظار التسوية الكبرى ،وهي وجه اخر لحكومة دياب، وهذا الكلام صادر عن جهات سعت بكل ثقلها السياسي والاقليمي للمساعدة في تشكيلها.
هنا تقول هذه الجهات ان حكومة ميقاتي» لا يعول عليها ولا ينتظر منها شيئا» على قاعدة ان «الله لا يحمل نفسا الا وسعها»، في بلد مثل لبنان تتقاذفه الازمات ، نحتاج الى شخصيات سياسية باستطاعتها اتخاذ قرارات جريئة وليس مجرد تنفيذ اتفاقيات او السير قي تسويات، ومن المعروف ان ميقاتي لا يملك الحيثية السياسية الشاملة التي تخوله للعب دور اكثر مما هو متوقع منه، ليكون المطلوب منه في هذه المرحلة:
اولا: ادارة الازمة الاقتصادية او على الاقل المساعدة على عدم تفاقمها اكثر ، وابرام اتفاقيات مع الجهات الدولية المانحة بشروط جديدة سيتولاها هذه المرة الثنائي الوطني ولو بشكل غير مباشر .
ثانيا: التحضير للانتخابات النيابية عبر اقرار قانون انتخابي جديد، والمعلومات المتداولة تؤكد بانه لا عودة للقانون الانتخابي النسبي على اساس لبنان١٥ دائرة ،وهناك مطلب
داخلي-دولي باجراء الانتخابات على اساس لبنان دائرة انتخابية واحدة.
ثالثا: اعادة ترتيب العلاقات اللبنانية -السورية من دولة لدولة على الصعيدين السياسي والاقتصادي ، واعادة تفعيل العلاقات اللبنانية-العربية.
رابعا: التزام الحكومة باستخراج النفط والغاز وابرام اتفاقيات مع شركات تستوفي الشروط لتلزيمها ، وثمة حديث موثوق عن اشراك شركات ايرانية للتنقيب،وهذا الكلام ابلغ للفرنسيين بشكل مباشر.