مرّ استحقاق التجديد لليونيفل بهدوء وسلاسة. امس، قدم قائد القوات الدولية العاملة في الجنوب “اليونيفيل” الجنرال ستيفانو دل كول لرئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، عرضا للوضع الراهن في الجنوب ودور “اليونيفيل” في معالجة الاحداث التي تقع من حين الى آخر، لافتا الى الاجماع الذي لقيه قرار التمديد لها وفق طلب لبنان، اي من دون اي تعديل على مهامها او عديدها. من جانبه، أبلغ الرئيس عون دل كول الذي زار قائد الجيش العماد جوزف عون ايضا امس أن “لبنان يعول كثيرا على التعاون القائم بين الجيش اللبناني و”اليونيفيل” للمحافظة على الاستقرار في منطقة الجنوب”، منوها بما تقوم به هذه القوات من جهود للمساعدة في احتواء التوتر، كلما حصل أي تطور أمني نتيجة الخروق الاسرائيلية المتكررة للسيادة اللبنانية”.
وفيما جدد الرئيس عون إلتزام لبنان تطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، دعا الى “الضغط على اسرائيل لتلتزم تنفيذ هذا القرار”، مرحبا “بالتمديد لـ”اليونيفيل” لسنة اضافية من دون تعديل في المهام أو العديد، وذلك في القرار الذي حمل الرقم 2591″، مثنيا على “ما اضيف الى القرار من تقديم الدعم الدولي للجيش اللبناني عن طريق مساعدات اضافية وعاجلة بما في ذلك الحاجات اللوجستية واعمال الصيانة اليومية”. ولفت الى “التأثيرات السلبية للازمة الاقتصادية والاجتماعية على عمل القوى الامنية وعناصرها وعائلاتهم”، شاكرا “طلب مجلس الامن الدولي مساعدة “اليونيفيل” الجيش اللبناني بالوقود والطعام والادوية والدعم اللوجستي لمدة ستة اشهر”، معتبرا ان “الجيش والقوى الامنية اللبنانية بحاجة الى مساعدة المجتمع الدولي”. ورفض “أي اعتداء على القوات الدولية”، داعيا إلى “حل أي اشكال يمكن ان يحصل مع وحداتها والاهالي بالتنسيق مع الجيش اللبناني”.
بحسب ما تقول مصادر سياسية مطلعة لـ”المركزية”، فإن فرنسا التي تتابع عن كثب الملف اللبناني عموما، وقضية التمديد لليونيفيل خصوصا، منذ سنوات، تولّت هذا العام ايضا، مهمة تجديد ولايتها من دون اي تعديل في دورها وصلاحياتها. هي اجرت عبر دبلوماسييها سلسلة اتصالات قبل الاستحقاق الذي يحين في نهاية آب من كل سنة، ليمر التجديد بهدوء في مجلس الامن، وبلا اشكاليات، فكان لها ما ارادت. هذه الاتصالات شملت في شكل خاص الولايات المتحدة. فإبان حكم الجمهوريين برئاسة دونالد ترامب، كان الضغط كبيرا لتوسيع صلاحيات ومهام اليونيفيل بما يضيّق الحصار اكثر على حزب الله وتحركاته جنوبا وشرقا، والاميركيون كانوا يدفعون آنذاك نحو السماح للقوات الدولية بالدخول الى الاحياء السكنية جنوبا وبنشرها على الحدود بين لبنان وسوريا ايضا، والا فلتخفّض ميزانيتها… أما اليوم، ومع دخول الديموقراطيين الى البيت الابيض، فإن هذه الاندفاعة الاميركية تراجعت، وأتت من باب رفع العتب لا اكثر، مع ان واشنطن شددت على ضرورة منع اي حركة على الحدود تكون مزعجة لاسرائيل.
المصادر تشرح ان هذه المرونة تُعتبر جزءا من السياسة التي قررت واشنطن اعتمادها لبنانيا واقليميا في المرحلة المقبلة، بحيث ارتضت، بالتنسيق مع باريس، تأليف اي حكومة في لبنان شرط صون الاستقرار فيه، ولو كانت الكلمة الاقوى فيها لحزب الله، كما انها وافقت على السماح لبيروت بالتواصل مع دمشق لتأمين وصول الغاز المصري الى لبنان. وهي، اي الولايات المتحدة، وبالتوازي مع هذه الليونة، تسعى الى احياء الاتفاق النووي مع ايران. فما يهمها هو الاسراع في التسوية الاقليمية، ولو كانت ميالة لطهران، لتتفرّغ هي لملفات دولية اخرى… وسنلمس في قابل الايام، مزيدا من “التنازلات” الاميركية، بحيث سيصل النفط الايراني الى بيروت وستكتفي واشنطن بإدانته “كلاميا” ببيانات لا اكثر… الا اذا، تختم المصادر.