جاء في المركزية:
فعلها رئيس الحكومة السابق حسان دياب. سافر إلى اسطنبول ومنها إلى الولايات المتحدة في زيارة عائلية كانت مقررة سابقا كما سبق وأعلن نافياً أن يكون خروجه من لبنان “هربا من العدالة”، لكن من باب “الصدفة” تزامن توقيت سفره مع تسطير المحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ القاضي طارق البيطارمذكرة إحضار جديدة بحق دياب وذلك بعد ساعات على مغادرة الأخير السراي الحكومي، وتسليم مهامه لخلفه نجيب ميقاتي.
في المذكرة طلب البيطار”إحضار رئيس الحكومة السابق من منزله الكائن في منطقة تلة الخياط في بيروت، وضرورة مثوله أمامه يوم الإثنين المقبل في 20 أيلول لاستجوابه كمدعى عليه”. وإذا سلمنا جدلا أن موعد سفر دياب إلى الولايات المتحدة كان محددا سلفا كما سبق وذكر فلماذا حط في اسطنبول قبل مغادرته إلى الولايات المتحدة؟ قد يكون الجواب أيضا “من باب الصدفة” لكن المسار الذي سلكته المذكرات التي أصدرها القاضي البيطار في حق دياب تسقط كل الفرضيات وآخرها “الصدفة”.
مذكرة الإحضار الجديدة جاءت بعد أن ردت النيابة العامة التمييزية المذكرة الأولى التي سطرها في 26 آب الماضي وطلب فيها إحضار دياب من مكان إقامته في السراي الحكومي. يومها عللت النيابة العامة التمييزية رد المذكرة بأن حسان دياب لم يعد مقيما في السراي الحكومي. وفي الثانية لم يعد موجودا في لبنان. فكيف ستسلك العدالة طريقها في قضية إحضار حسان دياب بعدما أسقطت عنه صفة رئيس حكومة؟ وبأية حصانة سيتمسك في حال قرر إنهاء زيارته العائلية؟ وهل ستكون هناك “صدفة” جديدة تجبره هذه المرة على البقاء خارج الأراضي اللبنانية خشية أن تكون المذكرة الثالثة ثابتة؟
المحامي ميشال قليموس اعتبر أن “لا مانع للقضاء العدلي أن يقوم بملاحقة الوزراء ورؤساء الحكومات السابقين وفقا للمادة 70 من الدستور”. وأوضح عبر “المركزية” أن “المحقق العدلي طارق البيطار انطلق في تسطير المذكرتين في حق دياب من المادة 70 التي تقول”إمكانية الملاحقة” وليس “يجب الملاحقة”. ونحن أمام ملاحقة جزائية وبالتالي فإن تهمة الإخلال الوظيفي التي وردت في المادة 70 لا تعطي حصرية الملاحقة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، في حين أن عبارة “يجب” تعني أن لا يمكن محاسبته إلا أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”.
في المذكرة الأولى تريثت النيابة العامة التمييزية في تنفيذها بحجة أن الأجهزة الأمنية لا تستطيع اعتقال رئيس حكومة فاعل ويمارس مهامه ولكون القوى الأمنية والعسكرية تخضع لسلطته. لكن وبخلاف ذلك فبعدما تسلم المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري مذكرة الإحضار، أحالها فوراً الى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. لكن دياب كان يحلق في الفضاء ووجهته اسطنبول وليس الولايات المتحدة.
المحامي قليموس الذي يأبى إعطاء أية أبعاد سياسية أو مناطقية أو طائفية للقضية اعتبر أن المذكرة أصدرها القاضي البيطار في الفترة التي دخل فيها المجلس النيابي دورته الإستثنائية بموجب المادة 69 من الدستور والتي تنص على أنه “بعد إعلان الحكومة استقالتها يعتبر المجلس النيابي في حال دورة إستثنائية وبالتالي تسقط الحصانات عن النواب والوزراء”. ولفت “إلى أنه على رغم صدور مراسيم تشكيل الحكومة إلا أن المجلس يبقى في حال الدورة الإستثنائية حتى بعد نيلها الثقة من تاريخه حتى أول ثلاثاء من تاريخ 15 تشرين الأول. بعدها تعود الحصانة للنواب ويستثنى من ذلك رئيس الحكومة”.
مستعيداً محطات مماثلة من توقيف ومحاكمة نواب ووزراء سابقين يؤكد قليموس “أن مسالة الحصانة ساقطة أساسا عن رئيس الحكومة ولا شيء يمنع ملاحقته ومثوله أمام المحقق العدلي”. لكن ماذا لو أصر دياب على التمنع عن الحضور للمثول أمام القاضي البيطار لاستجوابه؟ يجيب المحامي قليموس “المسألة باتت في يد المحقق العدلي فهو من يصدر مذكرات التوقيف ويحدد توقيتها بحسب مسار التحقيقات. وحتى الساعة لم تطرح القضية أمام الهيئة العامة للطعن بها ولم تجتمع لمناقشتها وتعود للمحقق العدلي مسألة متابعتها”. فهل تنقذ صدفة تزامن توقيت سفر حسان دياب إلى الولايات المتحدة من مثوله أمام المحقق العدلي للمرة الثانية؟ والأهم ماذا لو قطع تذكرة “ONE WAY TICKET” ؟ “في هذه الحال إما أن يصدر المحقق العدلي مذكرة توقيف غيابية أو مذكرة بحث وتحرٍّ… الإجراءات تعود له شخصيا” يختم المحامي قليموس.