تم حفل التسليم والتسلم بين الوزير السابق دميانوس قطار الوزير الجديد ناصر ياسين، في مقر وزارة البيئة القاعة الخضراء، وذلك بعد خلوة مطوّلة بين الوزيرين. وحضر الحفل المدير العام للوزارة الدكتور برج هتجيان وعدد من رؤساء المصالح والدوائر وحشد من الاعلاميين.
استهل اللقاء بكلمة ترحيبية من قطار، جاء فيها: “يسعدني أن أقف بينكم اليوم ونحن سالمون جميعا من كارثة انفجار بيروت على الرغم من الأضرار الكبيرة التي لحقت بمبنى وزارة البيئة. كما يشرفني أن أقدم فريق عمل الوزارة على مستوى الكوادر بسبب ظروف كورونا والذين سمحت لهم الظروف بالوصول الى المقر.
إلى السيد الوزير الدكتور ناصر ياسين، ابن البقاع والجامعة الأميركية والمجتمع المدني. يوم دخلت الوزارة في كانون الثاني 2020 مليئا بالحماس والأفكار أهمها أن البيئة هي أولا ارادة وأخلاق وثانيا إطار تنظيمي وحياتي، وانطلقت بمهامي انطلاقا من هاتين الفكرتين واكتشفت مع الوقت أن البعض يعتبر البيئة عصب الحياة فهو شريك طبيعي للوزارة ، أما البعض الآخر فيعتبر أن البيئة مصلحة ويشكل شركا لوزارة البيئة. فالبعض الذي هو شريك حريص على البيئة والوزارة وكل ما له علاقة بالتشريع والانضباط. أما الآخر فيعتبر أن البيئة مشروع وربح واستهلاك، والأخطر أن هناك من يعتبر أن الموارد الطبيعية مشاع لمن له القوة والنفوذ بحرا وجبلا ونهرا. وهنا يكمن الدور الاستراتيجي لمعاليكم والمديرية العامة وكافة فريق العمل كيف يوجه ويحمي ويكافح في حقل البيئة!”.
وقال: “لديكم فريق عمل مميز من العاملين يتحلون بروح الوطنية والخدمة ولديهم الكفاءة العالية ، وهذا سر إختطافهم هذه الايام من الوزارة إلى القطاعات في لبنان والخارج، فالظروف المعيشية والاقتصادية الاستثنائية جعلت موظفي الوزارة يتعبون ونحن معهم ، ونأمل مع الحكومة الجديدة أن تكون الحلول أحسن والأفق أوضح. لقد قدمنا لكم السبع النقاط التي سعينا للعمل عليها وجنبنا البيئة في لبنان محطات صعبة.ملفات معقدة بعضها تم الحل وبعضها في إتجاه الحل وبعضها معقد كما لاحظت. التعاون الدولي معالي الوزير أساسي في مجال البيئة، فلا يوجد هواء وطني في قضية تغير المناخ ولا يوجد بحر سيادي في المتوسط، فنحن بحاجة إلى هذه المفاوضات لما فيه المصلحة الوطنية. ظروفي كانت صعبة ككل اللبنانيين و على الرغم من ذلك تابعنا مع الفريق”.
وتابع: “منذ استقالتي من الحكومة في 9 آب 2020 بعد انفجار مرفأ بيروت واظبت على تصريف الأعمال والتزمت بالموجب الدستوري. الآن بعض الاشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض الاعلام كان يسأل أين وزير البيئة غائب عن السمع؟ غائب عن الوعي؟ أحدهم قال هاجر، فيما لم يتصل أحد بوزارة البيئة ليرى أن وزير البيئة ومديرها العام والموظفين كنا موجودين يوميا حتى ايام الاغلاق العام!! كلها أمور نتخطاها لأننا التزمنا في فترة تصريف الاعمال وهي الأطول سنة وشهر تعب الموظفون والمواطنون من الانتظار لأننا في تصريف الاعمال لا نستطيع الانجاز كما في فترة الحكومة، وقدمنا لمعالي الوزير الملفات التي يمكن إنجازها بشكل سليم في ظل حكومة.
وأردف: “ارتكزت في فترة تصريف الاعمال على مبادئ ثلاثة:
الانضباط: والحضور اليومي الى الوزارة بالرغم من الصعوبات الجمة والتعقيدات وانعكس ذلك التزاما من الموظفين، فلا تحتاج معاليك أن ترسل انذارا أو اشارة إلى موظف فهم يلتزمون ولديهم خلقية عالية.
التحفظ: وعدم الادلاء بالتصاريح والمواقف والابتعاد عن السجالات، وأشكر الاعلاميين الكثر الذين تفهموا موقف الاحتجاب الاعلامي وانعكس ذلك حيادا على الوزارة والموظفين.
التجرد: في ادارة الملفات التي يعتريها الصراع السياسي وهي كثيرة والتزمت مبدأ ادارة المخاطر البيئية في هذه الملفات وليس المطامع السياسية.
وختم قطار: “أغادر الوزارة اليوم عائدا الى الشؤون المالية والاقتصادية حاملا هم البيئة من منظار التنمية المستدامة، واشكر كل الذين ساهموا في اكمال هذه المهمة من داخل الوزارة، من منظمات المجتمع الدولي، من الهيئات العامة البيئية، من رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء وكافة الوزارات والادارات الأخرى. أترك المكتب في هذا المبنى وقد ازددت قناعة بأن حسن ادارة الشأن العام هو المدخل الاساسي كي لا أقول الوحيد لحياة أفضل في لبنان. وعلينا والجميع المشاركة مهما كانت الظروف والمواقع. يقولون لك معالي الوزير”شو بدك فيها أو ما بتلبقلك” هذا كلام مهم جميل إنما الحقيقة علينا المشاركة في كل ظرف في تحسين ادارة الشأن العام”.
وختم دميانوس:”أخيرا، المصلحة الوطنية بالتعاون مع المجتمع الدولي ومصلحة البيئة بالشراكة مع المجتمع المدني وتوازن السياسات بالتعاون مع الادارات والوزارات تتجسد بوزير البيئة، وهذا شرف لنا لأن نسلمك هذه الوزارة. في الختام سوف يسجل التاريخ أنني خدمت في وزارة البيئة 377 يوم عمل، لكن للتاريخ يجب أن ننصف الموظفين والعاملين. فقد تخلل هذه الفترة 73 يوما من الاغلاق العام و66 يوم عمل طبيعي، و238 يوم عمل غير طبيعي بلا بنزين وبلا موظفين ومناوبة 20 أو 50 في المئة أو زحمة سير وعمل أمني. إنما من الضروري جدا أن هذه الخدمة كانت طويلة إنما زادتنا صلابة وقناعة بأن ادارة الشأن العام لا ترتكز على ايام عمل عادية لا فضل لنا فيها، إنما كلنا لنا فضل لأنها كانت ايام عمل غير عادية سوف يذكرها التاريخ “.
ثم كانت كلمة وزير البيئة الجديد ناصر ياسين الذي توجه إلى الوزير قطار والمدير العام والموظفين والاعلاميين بالكلمة الآتية:” ليس الانهيار الكامل قدرا على اللبنانيين فنحن وإذ اقتربنا إلى منزلة كارثية في شتى القطاعات ومنها البيئية والصحية لكننا ما زلنا في لحظة يمكننا تدارك هذا الارتطام. يمكننا تجنبه ليس بالعودة إلى ما قبل تشرين الـ2019 فالسائد آنذاك لم يكن ما نحلم له كلبنانيين ولبنانيات، بل بالتأسيس الصادق للعمل بنزاهة تامة وبمقاربات علمية وبتركيز على تحقيق النتائج الملموسة وبروح الانفتاح على الجميع”.
وأضاف: “هذه المبادئ، وإن بدت من البديهيات، هي التي ستحدد طريقة عملي في الأشهر المقبلة.
بداية، سأقوم كوزير (وكفريق عمل الوزارة) بالعمل ضمن استراتيجية شاملة للتنمية المستدامة كإطار عام لعملنا القادم من خلال وضع توجهات استراتيجية واضحة الأهداف والنتائج لكل القضايا التي سنعطيها أولوياتنا.بالطبع هناك قضايا طارئة للخروج من الأزمة الراهنة، لكننا سننفذ هذه الخطط الطارئة والإجراءات الملحة من ضمن رؤية استراتيجية متكاملة”.
وأضاف :” لدي سبع أولويات تنبع من صلب عمل الوزارة وبرامجها:
1) سنعمل كوزارة على حماية مصادر المياه من كل أنواع التلوث وسأولي موضوع معالجة تلوث نهر الليطاني من المنبع إلى المصب وبحيرة القرعون اهمية قصوى مع التشديد على تطبيق القانون رقم 63/2016. وسنضع نظاما للتعاطي مع الحالات الطارئة التي تلوث مياهنا – مثل ما يحدث الآن في منطقة ببنين العبدة لمنع تكرار التسربات النفطية من الأنابيب المهترئة بالتعاون مع الوزارات المعنية (هنا الطاقة).
2) سنعمل على استراتيجية وطنية لإدارة النفايات الصلبة إدارة متكاملة، والخروج من خطط الطوارئ والحلول الموقتة إلى الإدارة السليمة والمستدامة؛ هذا يتطلب سنوات لكننا سنقوم بخطوات سريعة في هذا الاتجاه كتطوير عمل الهيئة الوطنية لإدارة النفايات الصلبة واطلاق البرامج المحلية لإدارة النفايات بالتعاون مع البلديات والادارات المحلية يكون عمادها تعزيز الفرز من المصدر.
3) سنضع استراتيجية متكاملة لإدارة ملف المقالع والكسارات والمرامل وشركات الاسمنت اساسها تعزيز النزاهة في هذا القطاع، ومن ضمنها وضع قانون تنظيمي في ضوء الحاجات الوطنية، وتحديد عائداته الحقيقية واستيفائها لصالح الخزينة وتغريم المشوّهين وفتح باب الاستيراد. وسأعمل كذلك على وضع خطط للإدارة المتكاملة والدائمة للردميات والتوفير في عمل المقالع وتشويهاتها، بالإضافة الى العمل السريع على ادارة سليمة لتلك الردميات والمخلّفات الخطرة وغير الخطرة الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت.
4) سنعيد النظر بقانون الصيد البري وتعديله، إسهاما في حماية التنوع البيولوجي في لبنان ضمن تفعيل الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي واحترام لبنان لالتزاماته الدولية.
5) سنعمل على حماية الغابات من الحرائق والتعديات والبدء سريعا في الأيام المقبلة عبر إقامة نظام انذار مبكر بالتعاون مع وزارة الزراعة والبلديات والجامعات والهيئات الأهلية.
6) سنقوم بوضع الاطر المطلوبة للتخفيف من الانبعاثات وحماية الهواء من التلوث، وذلك من خلال مراقبة الهواء ورصد نوعيته بالتعاون مع الجامعات والمراكز البحثية وكذلك ضبطه عبر التعاون مع الادارات المعنية والقطاع الخاص.
7)سنساهم، بالتعاون مع الوزارات والادارات المعنية، في وضع الأسس لعملية إنتاج الطاقة المتجددة وتوطين التكنولوجيا الصديقة للبيئة، والتوجه نحو دعم الاقتصاد الأخضر حيث نحقق النهوض المجتمعي والتعافي الاقتصادي من دون الاخلال بالأنظمة البيئية.
أما النهج الذي سأتبعه فسيكون مبنيا على الانفتاح الكامل على الجميع حيث سأعمل مع كل الادارات الرسمية المعنية وبنفس تشاركي مع المجتمع المدني والجامعات والاعلام والقطاع الخاص، وبالتعاون مع المؤسسات والمنظمات الدولية ضمن اجندتنا الوطنية. وسأقبل الاقتراحات وكذلك النقد، والاستماع لآراء الجميع، ومرتبطا ارتباطا وثيقا في تحقيق النتائج ضمن مؤشرات واضحة لقياس الأداء، ومنطلقا من مبدأ الشفافية ومن ضمنها احترام حق الوصول للمعلومات الذي يحدده القانون 28/2017″.
وختم ياسين :” الزميلات والزملاء في الوزارة، ليس لدينا ترف الوقت ورفاهية البيروقراطية، يجب أن نعمل بلا كلل لتحقيق الكثير من النتائج خلال الأشهر القادمة. لبنان بحاجة لتحقيق الكثير، كل الأمل أن نحقق معا الكثير”.
وردا على سؤال حول كلمته للمجتمع المدني قال: “عبرت عن انفتاحي الكامل على كل الشركاء في المجتمع المدني من جامعات وإعلام وقطاع خاص للعمل معا، وسوف ننفتح على هذا المجتمع المدني لمقاربة كل القضايا السبعة”.