Site icon IMLebanon

تحرير المازوت “يضرب” التفّاح أيضًا… ويهدّد الموسم بالكساد

كتبت باتريسيا جلاد في نداء الوطن:

مع انطلاق موسم قطاف التفاّح اللبناني الذي حلّ خلال العام الجاري في أسوأ مرحلة تعيشها البلاد، بدأ المزارعون يرفعون الصوت مطالبين بحماية إنتاجهم الوفير والخيّر هذا العام من خلال تصريف الإنتاج عبر التصدير الى الأسواق العربية والخليجية، وبحّل معضلة شحّ المازوت ورفع سعره بهدف تخزين وتبريد تلك السلعة الأساسية لتوفيرها في الأسواق طوال فصل الشتاء أيضاً. هذا الواقع يطرح تساؤلات حول كلفة التبريد للصندوق والسعر المرتقب أن تصل اليه تلك الثمرة مع رفع الدعم عن المازوت ومصير الموسم المهدّد بالكساد في ظلّ غياب أية جهود رسمية إنقاذية؟

يتراوح إنتاج التفّاح اللبناني الذي بدأ موسم قطافه في أيلول ويستمرّ لغاية 1 تشرين الأول نسبة الى نوعه، بين 250 و 300 ألف طن سنوياً، تخصّص 80 ألفاً منه للتصدير وقد تصل الى 100 ألف، علماً أن التصدير الى المملكة العربية السعودية لا يزال مفرملاً ما يترك تداعيات سلبية على المزارعين. أما الكمية المتبقية فتطرح في السوق المحلية طوال ايام السنة.

ويعوّل المزارعون هذا العام أكثر من أي وقت مضى بسبب الأزمات المتتالية التي ترهقهم لا سيما شراء الأسمدة والمواد الزراعية… مع ارتفاع سعر صرف الدولار في السوداء، على هذا الموسم لتصريف إنتاجهم وتصديره الى الخارج بهدف إدخال الـ”فريش دولار” الى البلاد، فهل يتوفّر المناخ الملائم لذلك؟.

يرى رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك خلال حديثه مع “نداء الوطن”، إن موسم العام الجاري يعتبر جيّداً، وعادة يوضع قسم من التفّاح في البرادات وقسم يجهّز للتصدير الى الخارج فوراً بعد “الحواش”.

ويلفت الى أن “80 ألف طن تجهز عادة للتصدير في حين أن الكمية المتبقية تشكّل مؤونة السوق المحلّية منذ تشرين الأول موعد نهاية القطاف ولغاية شهر حزيران المقبل، أي لفترة نحو 7 أشهر”.

هذا ما يحصل في الأيام العادية، أما اليوم فإن كمية المازوت شحيحة وفي حال توفرت في السوق السوداء، فهي مرتفعة الثمن وتصل الصفيحة الى 250 ألف ليرة. من هنا يعتبر الحويك أنه “اذا لم يتمّ توفير المازوت يجب أن يتمّ بيع التفّاح فوراً وعرضه في السوق. وهنا تكمن المشكلة الكبيرة التي تنقسم الى شقين:

-ضرورة تأمين الإستهلاك المحلي لفترة 7 أشهر، وفي حال عدم توفّر البرادات لتخزين التفاح فلن تتوفّر تلك السلعة الأساسية في الأسواق في فصل الشتاء.

-صادرات التفّاح الى الخارج غير ناشطة ما يحول دون دخول العملة الصعبة.

من هنا فالإنتاج الخيّر الذي نسجّله هذا العام سيلحق خسائر بالمزارعين اللبنانيين الذين يصل عددهم الى 30 ألف مزارع في لبنان يقتاتون من عرق جبينهم.

علاقة المازوت بالتفّاح

وبالنسبة الى توفير مادة المازوت التي ارتفع سعرها اضعافاً مع رفع الدعم عن تلك المادة وتحديد وزارة الطاقة والمياه سعر الألف ليتر على 540 دولاراً، من دون كلفة النقل والبالغة 112 ألف ليرة، فإن سعر كيلو التفاح الذي يتراوح معدّل مبيعه بالمفرق في السوق المحلي بين 6 آلاف و 12 ألف ليرة لبنانية حتى أنه يصل الى 15 ألف ليرة، سيرتفع حتماً بعد تبريده خلال الأشهر المقبلة. وفي ظلّ هذا الواقع يعتبر الحويك أنه “يجب إعداد جدوى إقتصادية ودراسة لمعرفة ما اذا كان هناك إمكانية لتبريد التفاح أم لا، خصوصاً وأن عدداً من التجّار لم يتشجع ويقدم على شراء المازوت من السوق السوداء لتبريد منتجاتهم لأنها “ما بتوفّي معهم”، من هنا ضرورة إعداد دراسة حول إمكانية شراء المازوت غير المدعوم بشكل دائم بغية تبريد المزروعات وخصوصاً التفّاح الذي يبرّد لأشهر عدة لتوفّره بشكل دائم طوال أيام السنة “.

تعاونية تنّورين

وتُعتبر تنورين من المناطق اللبنانية المهمة التي تنشط فيها زراعة التفّاح، من هنا علا صوت تعاونية تنورين الزراعية مطالبين بوقف الجريمة التي سترتكب بحقّهم، ومساعدتهم على تصريف إنتاج موسم التفّاح. وفي السياق أوضح رئيس تعاونية تنورين الزراعية رجاء سركيس لـ”نداء الوطن” أن “المنطقة تفتقد الى البرادات لتخزين مزروعاتهم من هنا يضطر المنتجون الى تخزينها لدى التجار بهدف تبريدها. وهنا تكمن المعضلة الكبرى بالنسبة اليهم، اذ التجّار يتذرعون بارتفاع سعر المازوت فيتقاضون فواتير مرتفعة قبل رفع الدعم، فكيف بعده؟ علماً أن المزارع يتأثّر بالعوامل المناخية غير المساعدة”.

فتنورين تنتج نحو 7 أو 8 ملايين طن من التفّاح، أي “بكمية تتراوح بين 350 و450 ألف صندوق على ان يحوي كل صندوق على 22 كيلوغراماً” كما اوضح سركيس.

وحول تسعيرة مبيع الصندوق الواحد، يقول سركيس إن “تعاونية مزارعي تنورين ناشدت المزارعين في المنطقة بتوحيد تسعيرة الصندوق الواحد واعتماد متوسط سعر الصندوق بقيمة 10 دولارات للصندوق باعتبار أن التسعيرة التي نطالب بها يجدر ان تتراوح بين 7 و 13 دولاراً لا أقلّ ولا أكثر”.

وأشار الى أن ” الحاجة الإستهلاكية للسوق المحلية تتراوح بين 100 و 150 ألف صندوق علماً أن معدّل الإنتاج السنوي للتفّاح من المناطق اللبنانية تتراوح بين 4 و 6 ملايين صندوق”.

وبالنسبة الى حصّة تنورين من إنتاج التفّاح الللبناني تتراوح بين 9 و 10%، على أن يتمّ تصريف المنتج الى مصر وليبيا والأردن والبلدان العربية المجاورة.

وتفادياً لكساد الموسم وكخطة بديلة أشار سركيس الى أننا “نتواصل مع جهات عدة لتخزين إنتاج التفاح لديها في برادات عبر التجار. وهنا نقع في مشكلة الكلفة المرتفعة التي يطلبها هؤلاء وتتراوح بين 100 و150 ألف ليرة لصندوق التفّاح الواحد، خصوصاً أن المازوت غير متوفر بشكل دائم إنما وفق سعر الصرف في السوق السوداء علماً ان تسعيرة الصندوق تتغيّر، اذ حدّدت بالدولار بين 4 و 6 دولارات ما يرتّب تكاليف مرتفعة على المزارع ويصعّب عملية التصريف.

اذاً لتحرير سعر المازوت وتقاضيه كلفة الإستيراد بالدولار، تداعيات أيضاً على التفّاح المتوقّع أن يرتفع سعره عند التسليم لأسواق الخضار كما أكّد الحويك “من 5 آلاف ليرة التفاح العادي الى 8000 ليرة للتفاح الإكسترا أي من 100 ألف ليرة لبنانية للقفص الى نحو 160 ألف ليرة ويضاف اليه كلفة التبريد، فيصبح سعر القفص نحو 200 ألف ليرة لبنانية”، فيرتفع وفق تلك العملية الحسابية سعر الكيلو الى نحو 10 آلاف ليرة في القفص.