جاء في نداء الوطن:
من جديد يضرب “نجوم” الحكومة الجديدة بتصريحات ساذجة أشبه بحكايا “كليلة ودمنة” في سياق هزلي يتنازع فيه دور “الحكواتي” وزراء “العزم والأمل”، سرداً لقصص “أسطورية”، استهلها وزير الشؤون هيكتور حجار باستعراض قدرات “التنين” الصيني الخارقة في استغنائه عن “الحفاضات وعبوات المياه”، واستكملها وزير الاقتصاد أمين سلام بالتنويه بمآثر “الضفدعة الطرشاء”، وصولاً إلى قصة “العصفور والغيوم” المؤثرة التي رواها أمس وزير العمل مصطفى بيرم!
وبين الهزل والهذي والجدّ… تسعى الحكومة إلى تثبيت أقدامها وتسريع خطواتها على الطريق نحو نيل ثقة المجلس النيابي الأسبوع المقبل، إيذاناً بانطلاق رحلة استعادة ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي عبر الشروع بعملية الإصلاح والإنقاذ المنشودة بالتعاون مع صندوق النقد، وهذا ما أكدته مسودة البيان الوزاري التي أنجزتها اللجنة الوزارية في السراي أمس ويقرها مجلس الوزراء في بعبدا اليوم، بحيث أعربت الحكومة عن عزمها على معاودة المفاوضات مع الدائنين للاتفاق على إعادة هيكلة “التفليسة” إثر تخلف الدولة عن دفع مستحقات سندات “اليوروبوند”، حين أحجمت حكومة حسان دياب عن سداد استحقاق 9 آذار عام 2020 البالغ قيمته 1.2 مليار دولار من أصل 4.6 مليارات تمثل كامل المبلغ الذي كان يتوجب على لبنان تسديده ذلك العام، وسط تأكيد مصادر مالية على كون الخطة الحكومية في إطار إعادة هيكلة الدين العام تقوم على أساس طلب “تخفيض الدين بمقدار الثلثين مقابل الالتزام بالثلث”.
وإذ دعت مسودة البيان الوزاري إلى استئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى اتفاق على خطة دعم من الصندوق تعتمد برنامجاً انقاذيّاً قصيراً ومتوسط الأمد، بالتوزاي مع إعادة مفاوضة الدائنين، لفتت المصادر إلى أنّ بند التفاوض مع الدائنين وإعادة هيكلة الديون توصلاً إلى الاتفاق على آلية تسديدها يعتبر “ممراً إلزامياً لاستئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي وحصول لبنان على المساعدات”، مشيرةً إلى أنّ “مجمل الديون بالعملات الأجنبية قدرت بحسب الاستشاري “لازارد” بـ 36 مليار دولار منها حوالى 31 مليار دولار سندات يوروبوندز والباقي ديون أخرى بالعملة الأجنبية ومتأخرات، بينما يتوزع الدين الأجنبي بين المصارف التجارية التي تحمل 9 مليارات دولار، ومصرف لبنان 5 مليارات دولار، والباقي تحمله صناديق استثمارية مملوكة لأجانب منها بشكل رئيسي Ashmore Group Plc و Fidelity Investments”.
أما اليوم، فتشدد المصادر على أن “اسعار اليوروبوندز في الاسواق الثانوية لا تتعدى 13% من أصل قيمتها، وبالتالي إذا حصلت المفاوضات فإن السعر الذي ستدفعه الدولة للدائنين سيكون أعلى من 13 سنتاً للدولار الواحد نظراً لارتباطه بالمفاوضات مع أصحاب السندات الذين سيطلبون السعر الأعلى الممكن الحصول عليه بغض النظر عن سعر السوق لهذه السندات”، وأضافت: “من هنا كانت فكرة وزير العمل السابق كميل أبو سليمان بأن تقوم الدولة في الفترة الماضية بشراء دينها ودفع 15 سنتا لكل دولار بحد أقصى الأمر الذي كان يضمن إطفاء دين 7.5 مليارات دولار من خلال تسديد ما يقارب 500 مليون دولار كحد أقصى، على أن يكون هذا العرض محكوماً بعرض شراء لمرة واحدة، يراعي قوانين عدم التلاعب بالأسعار”.
على صعيد آخر متصل بالبند الخاص بجريمة انفجار مرفأ بيروت، اختزلت مسودة البيان الوزاري موقف الحكومة بإبداء “الحرص على استكمال التحقيقات ومساعدة المتضررين وإعادة الإعمار”، في وقت كشفت قناة “أم تي في” مساءً عن مجريات “الخلاف والتلاسن” الذي جرى على طاولة لجنة صياغة البيان الوزاري بين وزير “التيار الوطني الحر” القاضي هنري خوري ووزير “حركة أمل” القاضي محمد مرتضى حول مقاربة مسألة رفع الحصانات عن المدعى عليهم في القضية، فاعتبر خوري أنّ الصلاحية في التحقيقات تعود للقضاء العدلي، بينما استند مرتضى الى نص المادتين 70 و71 من الدستور للتأكيد على صلاحية المجلس الأعلى للرؤساء والوزراء للنظر بالملف. وإزاء هذا التضارب في التوجهات الوزارية، تقرر إرجاء البت بموقف الحكومة من رفع الحصانات إلى جلسة مجلس الوزراء المزمع عقدها اليوم في قصر بعبدا.
وتزامناً، نددت عائلات ضحايا تفجير 4 آب بـ”مغادرة رئيس الحكومة السابق حسان دياب لبنان وهو على أتمّ البيّنة بتحديد جلسة لاستجوابه في 20 أيلول”، مشددةً على أنّ مغادرته هي “بمثابة إهانة للقضاء ولحقوق الضحايا بالعدالة وحق المجتمع بالحقيقة”، كما طالبت بتنحية المحامي العام التمييزي غسان خوري بعدما “بات ثابتاً أنه يتعمد عرقلة الملف، وآخر الاثباتات على ذلك المماطلة في تنفيذ مذكرة إحضار دياب وتخلفه عن التعليق على مذكرة الدفوع الشكلية المقدمة من الوزير السابق يوسف فنيانوس بما يعرقل متابعة ملاحقة هذا الأخير واستجوابه”، معتبرةً أنّ “التأخر المتعمّد يوحي بتواطؤ بين النيابة العامة التمييزية وأحد المشتبه فيهم في مسعى لتهريبه من العدالة”.