كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:
نجح أخيراً الرئيس نجيب ميقاتي بتأليف الحكومة الرابعة في عهد العماد ميشال عون متخطياً كل الحواجز التعطيلية التي وضعت أمام مهمته الشاقة.
لم تكن مهمّة ميقاتي سهلة، وليس هو من إنتشل الزير من البير، بل إن الضغط الخارجي كان العامل المساعد في إستيلاد الحكومة، وبالتالي فان العين الدولية ستبقى شاخصة نحو لبنان.
وتواجه الحكومة الجديدة تحديات كثيرة لا تعدّ ولا تحصى، وأول تلك التحديات مسألة رفع الدعم والحفاظ على سعر صرف الليرة وكسر جنوح الدولار والمباشرة باصلاحات جديّة وجذرية في هيكلية الدولة ومؤسساتها ومعالجات شؤون الناس وشجونهم.
لا شكّ أن الأزمة الإقتصادية من الأصعب في العالم، وميقاتي ليس “سوبرمان” لكي ينقذ الوضع بـ”كبسة زرّ”، لكن طريق الإصلاح والإنقاذ تبدأ بخطوة وهنا يكمن التحدّي الأكبر.
وبغضّ النظر عن التحديات الإقتصادية والمالية التي تطرق أبواب الحكومة والوطن، فان التحديات السياسية موجودة أيضاً ولعلّ أبرزها إنجاز إستحقاق الإنتخابات النيابية في موعدها المقرّر في أيار المقبل. وعند سؤال أحد السفراء عن التوقعات بالنسبة لحكومة ميقاتي، كان جوابه حازماً: المطلوب من الحكومة البدء بالإصلاحات والأهم من هذا إحترام موعد الإنتخابات النيابية.
وهذا الجواب يُثبت أن المجتمع العربي والدولي مع إجراء الإنتخابات في موعدها ويرفض التأجيل والتمديد لمجلس النواب الحالي، وبالتالي فان هذا الأمر يدلّ على القرار الدولي الصارم الذي لا يمكن لأحد تخطيه.
وتعلم القوى السياسية جيداً أن مواجهة مثل هكذا قرار كبير سيعرّضها لمزيد من العقوبات والحصار والعزل، وبالتالي برز الصراع الكبير حول حقيبة العدل والداخلية بين كل من “التيار الوطني الحرّ” و”المستقبل” لأن الإنتخابات أمر واقع.
وأمام حجم المهمة الملقاة على عاتقه، يعلم ميقاتي أن الإنتخابات النيابية مطلوبة من الداخل ومن المجتمع الدولي، وقد ذهب بعيداً في التأكيد على إتمامها بموعدها وكذلك الإنتخابات البلدية والإختيارية.
وفي السياق، فان المجتمع الدولي والدول الفاعلة والجمعيات المختصة بمراقبة الإنتخابات ستراقب الخطوات التي تتخذها الحكومة ووزارة الداخلية في التحضير للإنتخابات المنتظرة، لذلك لن يكون أمام القوى السياسية هامش كبير في المناورة والإحتيال على ما هو مطلوب من الداخل والخارج.
ويراهن الأميركي ومعه الفرنسي بأن تشكّل محطة الإنتخابات فرصة للتغيير في لبنان لأن هذه الطبقة السياسية فقدت مصداقيتها وتتحمّل مسؤولية ما وصلت إليه الأمور في لبنان، لذلك يبقى اللغز في مدى إنخراط القوى الدولية الكبرى في لعبة الإنتخابات ودعمها لمجموعات معينة من أجل تحقيق خرق ما في الصناديق.
وتعتبر الإنتخابات المقبلة من أقسى المعارك التي قد تدور في لبنان، وذلك لأن مصير هذه الطبقة السياسية التي حكمت لبنان منذ 40 سنة على المحكّ، وكذلك لأن هناك قوى تغييرية دخلت على الساحة وتريد أن تثبت حضورها، في حين أن قسماً لا بأس به من الشعب اللبناني ينتظر محطة الإنتخابات لكي يحاسب من أوصله إلى جهنم.