Site icon IMLebanon

وزير الطاقة محكوم بـ”مقصلة”: في كهرباء… أو ما في؟

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

لربما هي الصدفة، أو “الرأفة الإلهية” بحقّ شعب يذلّ يومياً لأنّه ارتضى أن يكون “حاميه حراميه”، أن يصل الفيول الخاص بمؤسسة كهرباء لبنان والمؤمّن بواسطة النفط العراقي عبر عملية “سواب” تولت اجراءها شركة اينوك الاماراتية، في الوقت الذي اقتربت فيه خزّانات مؤسسة كهرباء لبنان من النضوب بعد نفاد سلفة الـ200 مليون دولار التي أقرها مجلس النواب في أيار الماضي.

إذ أعلن صباح أمس عن وصول الشحنة الاولى والبالغة 30 ألف طن بعدما اعطت المديرية العامة للنفط الاذن بذلك، مع التأكد من مطابقة المواصفات ويفترض وصول شحنة ثانية خلال أيام قليلة بالحجم ذاته، وهي الكمية المنتظرة شهرياً من العراق.

هكذا، سيكون دخول وزير الطاقة الجديد وليد فياض مبنى الوزارة خلفاً للوزير ريمون غجر متخففاً من حمل العتمة الشاملة، التي باتت مبدئياً مؤجلة لأكثر من سنة، كون العقد العراقي مؤمّن لـ12 شهراً، فيما يفترض أن يكون الغاز المصري، اذا صدقت نوايا الدول المعنية بالخطّ العربي، خلال أشهر معدودة، في معمل دير عمار لتوليد الطاقة عبر الغاز.

ولكن هذين العاملين المستجدين، ولو أنّ تأمين الغاز ليس محسوماً، قد يخففان من ثقل الملفات الملقاة على عاتق الوافد الجديد إلى الوزارة-المحرقة التي اشتكى العونيون من “تفشيلهم” ومنعهم من العمل فيها طوال أكثر من 12 عاماً، وها هم يعودون إليها مرة جديدة من نافذة الوزير الاختصاصي، ولكنهم لن يحجبوا المعادلة التي ستحكم على نجاح أو فشل الوزير الجديد: هل سيحلّ “لغز الكهرباء” أم سيحترق كما حصل مع أسلافه؟

صحيح أنّ العونيين سيدّعون عدم قدرتهم على التأثير عليه، فيما الخشية من أن تثبت قراراته وخياراته الوزارية، بأنّه لا يزيح عن السطر… ولكن ها هي نقاشات اللجنة الوزارية التي وضعت البيان الوزاري، تعيد احياء الخلاف بين الجبهة العونية وخصومها من المحسوبين على “أمل”، حول معمل سلعاتا كشرط لتنفيذ خطّة الكهرباء (تمّ الاتفاق على عدم ذكر عدد المعامل أو جغرافيتها)… ما قد يُنبئ بمسار خلافيّ معقّد من شأنه أن يبقي ملف الكهرباء في مستنقع التجاذبات السياسية المرشّحة للاشتداد أكثر، مع اقتراب الانتخابات النيابية التي ستشهد حملات غرائزية واستعراضية، قد تعيدنا إلى العتمة، لا بل إلى العصر الحجري!

في الواقع، فإنّ الخطة المُختلف عليها، والتي تمّ وضعها في العام 2010 على يد الوزير جبران باسيل وقد تمّ تجديدها مع الوزيرة ندى البستاني، تستوجب إعادة تحديثها ربطاً بالتطورات الحاصلة، لا سيما وضع الخزينة العامة الذي يستدعي استعادة الثقة الدولية لجذب المستثمرين من جديد، وهذه الطريق تمرّ حكماً بصندوق النقد الدولي.

وعلى سبيل المثال، لحظت تلك الخطة اضافة 1400 ميغاواط، لسدّ حاجة لبنان البالغة حوالى 3000 ميغاواط، وكان يفترض أن تؤمن المعامل العائمة، أي البواخر التركية معظمها، وبشكل موقت… تحوّل إلى دائم. لكن العقد مع شركة باورشيب التركية ينتهي أواخر أيلول الحالي وسط محاولة من الفريق العوني لإعادة تسويق هذا الخيار، ولكن هذه المرة على أن تعمل على الغاز لا الفيول، مقابل معارضة شرسة للعديد من القوى السياسية التي ترى في هذا الخيار هدراً للمال العام. وفق الخطة، هناك أربعة معامل شغّالة، وهي الزهراني، دير عمار، الجية والذوق (المولدات العكسية)، وهي تؤمن مع المعامل المائية حوالى 1300 ميغاواط، فيما يفترض توقيف العمل في معملي الذوق والجية القديمين بداية العام 2022.

لا يُحسد وزير الطاقة على مهمته، وهي المصنّفة الأصعب بين زملائه، إلّا اذا توافر عنصران أساسيان: الإرادة الجامعة بين القوى السياسية على حلّ معضلة الثلاثين عاماً، واستعادة الثقة الدولية بلبنان لتشجيع المستثمرين. أمّا غير ذلك، فقد تكون كل الحلول المتاحة، هي عبارة عن علاجات ترقيعية لا تقوم إلا على حرق الفيول، والدولارات!

وفق أحد المعنيين بملف الطاقة، فإنّ الفيول العراقي سيؤمن أربع ساعات تقريباً من التغذية، فيما الغاز المصري (مرجح وصوله بين ثلاثة إلى ستة أشهر)، قد يرفع الانتاج من 800 إلى 1200 ميغاواط، أما الكهرباء المستجرّة من الأردن عبر محطة كسارة فقد تؤمن حوالى 270 ميغاواط ويمكن رفعها إلى 600 ميغاواط في حال تمّ تكبير حجم محطة التحويل.

بالنتيجة، سيكون الوزير الجديد أمام سلسلة تحديات:

– تأمين استدامة الفيول العراقي، وتسريع وصول الغاز المصري والكهرباء الأردنية.

– إعادة النظر بخطة الطاقة على نحو شامل، أي على مستويات الانتاج والنقل والتوزيع، خصوصاً وأنّ عقد مقدّمي الخدمات ينتهي بعد ثلاثة أشهر.

– معالجة أزمة التوزيع لوقف الهدر التقني والفني وإلّا فلن يكون بمقدوره اقناع أي مستثمر في دخول السوق اللبنانية.

– معالجة اشكالية تعددية سعر صرف الدولار لتشجيع المستثمرين، وتالياً التعرفة.

– إنشاء الهيئة الناظمة بعد تحصينها بالصلاحيات كونها شرطاً إصلاحياً لا يمكن الهروب منه إذا كانت هناك نيّة جدية بدخول الشركات الأجنبية إلى السوق اللبنانية. بموازاة استكمال مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان من خلال تعيين رئيس جديد له.