Site icon IMLebanon

عون وباسيل يستعدّان لحروب التطهير ضد بري والحريري

كتب منير الربيع في “المدن”: 

لن تتأخر حكومة نجيب ميقاتي لتتحول حلبة اشتباك سياسي يصل إلى حدود كسر العظم، أو حروب إلغاء. فتصبح متراساً يستخدمه رئيس الجمهورية ميشال عون في معاركه.

صحيح أن الحكومة ولدت نتيجة تسوية وافق عليها الجميع. ولكنها على غرار التسويات السابقة، قصيرة الأمد، وقابلة للانهيار أو الانفجار في أي لحظة، على وقع الخلافات الجذرية في التوجهات السياسية بين القوى المختلفة.

كلام عون وعمليات باسيل

لم يكن عبثياً وبلا معنى كلام عون عن السنة الأخيرة من عهده، وتخصيصها لمكافحة الفساد. إنه كلام أطلقه عن سابق تصور وتصميم، وينطوي على خطة واضحة، ولا يتوانى عون عن التعبير عنها في أوساطه. وأوّل من ظهّر فحوى الخطة إلى العلن صهره جبران باسيل، وفي جملة من الخطوات:

أولاً، زيارة باسيل، على رأس وفد من كتلته النيابية، الرئيس المكلف نجيب ميقاتي. وهذا لتظهير نفسه في موقع المنتصر والقادر على احتواء الحكومة. وللقول إن تسهيله وسماحه وحدهما أديا إلى ولادتها، وله فيها حصة الأسد عدداً ومنهجاً. ويظهر هذا أيضاً من خلال مراعاة شروطه في البيان الوزاري، لا سيما حول خطة الكهرباء، والقطاع المصرفي والتدقيق الجنائي.

ثانياً، الهجوم السريع الذي شنه باسيل في الليلة نفسها على رئيس مجلس النواب نبيه برّي والرئيس سعد الحريري، محملاً إياهما مسؤولية تعطيل عهد عون وعرقلة إنجاز الإصلاحات.

ثالثاً، اعتبار باسيل أن تشكيل الحكومة هو انتصار محض له. فميقاتي نجح حيث فشل الحريري. فيما يسعى باسيل باستمرار إلى ضرب نادي رؤساء الحكومة السابقين، مقتنعاً بأنه نال الثلث المعطل في الحكومة.

واستناداً إلى هذا الثلث، وموازين قوى يعتبره باسيل يصب في صالحه إقليمياً ومحلياً -لا سيما بعد التطبيع مع النظام السوري، وفي أعقاب التحضير لإجراء زيارة إلى دمشق- يرى أن اللحظة سانحة في الأشهر المقبلة لانتقامه من برّي والحريري.

ضمانة باسيل الملتبسة

وإذا عدنا إلى الوراء قليلاً، إلى مفاوضات الساعات الأخيرة قبل ولادة الحكومة، يُذكر أن حزب الله توجه إلى باسيل بالقول: يمكنك اعتبار وزيري الحزب ضمانتك في الحكومة. لذا لا داعي لحصولك على الثلث المعطل. لكن باسيل رفض وأجاب سريعاً: “عندما تقع مشكلة بيننا وبين نبيه برّي لن تدعموننا ولن تقفوا إلى جانبنا. وذلك حرصاً على البيت الشيعي.. ولأنكم تؤكدون دوماً أن الإتفاق الشيعي-الشيعي خط أحمر، ولا يمكن المساس به”.

ولذلك لم يوافق باسيل على اعتبار وزيري حزب الله ضمانته. وبقي مصراً على الثلث المعطل. وفي المقابل، ثمة من يعتبر أن باسيل سيواجه صدمة كبيرة لاحقاً، حين يكتشف أنه لا يمتلك الثلث المعطل، وهناك وزيران مسيحيان لن يكونا إلى جانبه في ما يريد.

مواقع حرب عون وصهره

وينطلق عون وباسيل في معاركهما المقبلة مستندين إلى ما يعتبرانه انتصاراً سجلاه ضد سعد الحريري، والذي أصبح بلا أي تأثير سياسي، إلا في وقوفه إلى جانب برّي.

لذا، سيخوض عون وباسيل معركتهما في مواجهة رئيس المجلس، وفي مجالات متعددة: التدقيق الجنائي، وزارة المال، حاكمية مصرف لبنان، مجلس الجنوب، وسوى ذلك من المواقع، إضافة إلى ضغوطهما المتشددة على المحسوبين على الحريري في مراكز كثيرة، وصولاً إلى إثارتهما ملفات فساد وشبهات.

ولكن ثمة سؤال يطرح: ما الذي يجعل ميقاتي طيعاً مع عون وصهره؟ وهنا تنقسم الآراء. البعض يرى أن ميقاتي لن يكون طيعاً، بل سيصطدم عون بمواقفه، كحاله أيام ترؤسه حكومة العام 2011. وهناك رأي آخر يعتبر أن أي خلاف بين عون وميقاتي، يؤدي إلى فتح ملفاته أيضاً.

ولدى عون قناعة بأن الأشهر الفاصلة عن الانتخابات النيابية وانتهاء ولايته، مخصصة لتعزيز وضعيته وصهره سياسياً وشعبياً. وهذا لا يمكن تحقيقه إلا في حروب فتح ملفات فساد وإعلان مواجهات مع من يعتبرهم أركان الفساد، أو الذين وصفهم في بيانه أمس بأنهم يوفرون منظومة حماية للفاسدين. والأهم أن عون لا يستند في معاركه هذه على قواه الذاتية أو على عوامل داخلية فقط، بل يعتبر ذلك مطلباً خارجياً أيضاً.