يوم الثلثاء، واثر نجاح الطبقة الحاكمة في تشكيل حكومة طال انتظارها، أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، تعليق نظام العقوبات على لبنان. وقال في تصريح “تم تعليق نظام العقوبات الأوروبي بشأن لبنان بعد تشكيل الحكومة وسنزيد المساعدات ونسهل مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي”. واتى هذا الموقف المرن بعد ان كان الاتحاد أعلن الشهر الماضي، تطبيق نظام عقوبات على لبنان، بهدف الضغط على السياسيين اللبنانيين لتشكيل حكومة إنقاذ في البلاد.
لكن فرحة المنظومة بهذه الليونة لم تدم طويلا، بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية لـ”المركزية”. فيوم الخميس، دعا البرلمان الأوروبي في قرار أصدره بأغلبية كاسحة، الى فرض عقوبات على القادة السياسيين الفاسدين والمسؤولين عن “عرقلة مسار الديمقراطية وسيادة القانون”، واصفاً الأزمة اللبنانية، بأنها “كارثة صنعها الإنسان تسبّبت فيها حفنة من رجال الطبقة السياسية الحاكمة، ومتوقفا عند مسؤولية حزب الله في تعميق أزمة لبنان الاقتصادية والاجتماعية.
وحث القرار الذي صدر بأغلبية 575 عضواً مقابل معارضة 71 صوتاً فقط، وامتناع 39 آخرين، الزعامات السياسية اللبنانية على تنفيذ “إصلاحات عميقة وحقيقية” في الاقتصاد والحوكمة في البلاد، ومن بينها إعادة الاستقرار للاقتصاد والثقة في القطاع المالي اللبناني”. وحض أيضاً السلطات بشدة على استئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي “في أقرب وقت ممكن” لدعم الشعب اللبناني الذي “يكافح” خلال الإصلاحات، داعياً لأن تكون الحكومة اللبنانية الجديدة “ذات مصداقية وخاضعة للمحاسبة تدعم انتخابات حرة ونزيهة، وتفكك ممارسات الفساد، وتوفر الخدمات العامة الأساسية في البلاد”
واذ حذّر من تأجيل الانتخابات المقررة في أيار المقبل بأي حال من الأحوال، “نظراً إلى الجمود السياسي والخلل المتزايد في مؤسسات الدولة اللبنانية”، شدّد القرار على “أولوية إجراء تحقيق مستقل في الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت، مع احترام الإجراءات القضائية ومحاسبة المسؤولين”. واعلن المستشار في البرلمان الأوروبي مارون كرم “ندعو إلى فرض عقوبات محددة الهدف على القادة الفاسدين والمسؤولين عن تقويض الديموقراطية وسيادة القانون والشركات التابعة لهم في لبنان”، مؤكداً على أنه “لم يتم تحديد أي أسماء رسمياً، ولكن مع الانهيار المالي والتضخم المفرط وانقطاع التيار الكهربائي ونقص الغذاء الذي يجتاح البلاد، يأمل البرلمان أن تركز دعوته أذهان السياسيين اللبنانيين، وكثير منهم لديهم أصول في الاتحاد الأوروبي”.
وفق المصادر، فإن التبدّل السريع في الموقف الاوروبي، بين مد اليد وشهر عصا القصاص، في غضون ايام قليلة، أتى لأن القارة العجوز خبرت اداء الطبقة الحاكمة في بيروت وباتت تعرفها عن ظهر قلب. فالاخيرة، ستبني على الليونة لتنام على امجادها وتعود الى سلوكها التحاصصي “الفاسد” عينه، الذي اوصل البلاد الى الحضيض الذي تتخبط فيه اليوم. من هنا، وتفاديا لتراخٍ من هذا القبيل، قررت اوروبا إبقاء سيف العقوبات مصلتا فوق رأس الحكومة الوليدة، لتبقى متأهّبة وعلى بيّنة من ان العالم يراقبها، وفي حال أخطأت في الاداء وذهبت نحو المماطلة وتقاسم الجبنة والتخاذل “اقتصاديا” و”سياديا”، فإن اي دعم لن يصل اليها بل ستنهال عليها بسرعة العقوبات…