Site icon IMLebanon

مواجهات قاسية في مجلس الوزراء!

– ليس من الحكمة انتظار الايام القليلة المقبلة لتنال حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ثقة مجلس النواب للحكم على مستقبل الحكومة، فهي من الخطوات المضمونة التي لا تحتمل عند تقدير اهميتها سوى انها مرحلة من المراحل الدستورية الاجبارية التي لا بد منها لتنتظم الحياة الدستورية وتكتمل العلاقات الواجب قيامها بالتعاون بين مختلف السلطات بكامل مواصفاتها الدستورية مع الإعتراف بواجب الفصل في ما بينها وإن كان الأمر صعبا.

على هذه الخلفيات، لن يكون من الصعب الحكم على ما يمكن ان تنتجه الحكومة العتيدة فعمرها لا يوحي بإمكان توقع المعجزات. ولا توحي تركيبتها التي خرجت عن مجموعة الملاحظات الدولية بما يفيض من توقعات متواضعة، ولا سيما “المبادرة الفرنسية” التي قالت بـ “حكومة مهمة” من الاخصائيين الحياديين من أجل الفصل بين مرحلة المناكفات الشخصية ثنائية كانت ام ثلاثية وصولا الى فريق عمل حيادي لتجاوز ما يمكن ان يقسمها الى مجموعة منتديات ومعها اللبنانيون يتناحرون على القطعة للتعطل كل مخارج الحلول الممكنة في قطاعات حيوية.

ولذلك لا يمكن فهم حجم الإنهيارات الكبرى التي عانى منها اللبنانيون، وليس اخطرها خروج مؤسسة كهرباء لبنان عن الخدمة التي تؤديها في وقت تنامت فيه الأزمة النقدية فانعكست على اسواق المشتقات النفطية وغلاء الاسعار الى ما هنالك من معاناة زادت منها النكبة التي حلت جراء تفجير مرفأ بيروت في ذروة الازمة الصحية وتداعيات جائحة الكورونا بعد تفاقم ازمة النفايات هذا عدا عن القضايا والملفات التي جمدت بعدما باتت على لائحة القضايا الخلافية في غياب من يحكم في صحة هذا الخيار او ذاك.

وليس بعيدا من هذه الملاحظات، فان مراقبين سياسيين وديبلوماسيين عبروا عبر “المركزية” عن جملة مخاوف من إمكان ان تتجمد بعض المشاريع التي تحدثت عنها الحكومة، فأطراف الخلاف بشأنها وأصحاب الرأي الذي لا يلتقي مع الآخر ثبتوا مواقعهم فيها واستنسخوا كل أشكال المواجهة منذ اللحظة الأولى ولولا تدخل واصرار البعض على تغليب منطق تأجيل البت بالقضايا الخلافية الى ما بعد نيل الحكومة الثقة لما انتهت لجنة البيان الوزاري الى وضع صيغتها النهائية بان أبقت “القديم الموروث” على قدمه و”دورت الزوايا” في قضايا اخرى بطريقة تحتمل الكثير من التفسيرات المتناقضة والتي ارجأت الخلاف الى مرحلة لاحقة لا بد انها ستكون حامية.

ومن هذه المعطيات جدد المراقبون التحذير من امكان ان تستعيد المواجهة بين أبناء البيت والصف الواحد وهجها في وقت قريب، فهناك استحقاقات لا بد من ولوجها على اكثر من مستوى ولم يتم التفاهم على كيفية وآلية مواجهتها بعد. فمؤشرات احتفاظ الأطراف المختلفة بمواقفهم السابقة تنذر بخلاف كبير في قطاعي الطاقة وكيفية معالجة الازمة النقدية عند استعادة المناقشات مع صندوق النقد الدولي و اضطرارهم الى توحيد أرقام خسائر القطاع المصرفي ما لم يكن التدخل الخارجي الذي رافق ولادة الحكومة قادرا على الحسم في الكثير مما هو مطلوب، فمن اعترض يوما على فرض ضريبة الـ 5000 ليرة لبنانية على صفيحة البنزين ورفع قيمة كيلواط الكهرباء يتسابقون اليوم للنصح برفع الدعم عن كل أشكال الخدمات قبل ان يقدموا على اي خطوة توازي بين قدرات اللبنانيين على التحمل وما هم مطالبون به.

وان لم يدخل المراقبون في الكثير من التفاصيل، فانهم يتوقعون مواجهة قاسية لتمرير بعض التعيينات الإدارية الناجمة عن شغور الكثير من المواقع الحساسة بعد تفجير المرفا والتحقيقات الجارية كما في بعض الادارات والمؤسسات العامة الشاغرة قبل الوصول الى مرحلة الانتخابات لكنهم حذروا وما زالوا من مجموعة الصدمات المنتظرة عند مشاريع الالغاء والاقصاء التي يستعد لها البعض لاعادة تكوين مواقع القوة التي فقدوها بعد انتفاضة 17 تشرين وما تلاها قبيل دخول البلاد مدار الانتخابات النيابية المقبلة.

فلا ينسى المراقبون ان عمر الحكومة الاداري لا يفيض عن ثلاثة اشهر او اربعة اشهر قبل الدخول في مرحلة التجاذبات الانتخابية التي ستجند لها القوى المتصارعة كل أوراق القوة وهو ما اودت به نتائج بعض الخطوات الناجمة عن استقدام المازوت الايراني وما له من انعكاسات كبرى لم يتلمس اللبنانيون بعد نتائجه السلبية على الكثير من وجوه حياتهم اليومية. كما ان نجح البعض في اللجوء الى خيارات قد تعطل الكثير من الخطوات الاصلاحية فبرامج العقوبات الخارجية لم تلغى ومن تولوا المسؤولية هم قيد التجربة ولن يطول الوقت للمحاسبة الخارجية .

وعليه، هل هناك من يحتسب كل هذه الخطوات ليهلل “للتدقيق الجنائي” مثلا استباقا لما هو متوقع منه في مهلة قصيرة لا تتعدى الاسابيع الاربعة او الخمسة المقبلة وليعد بالاصلاحات الكبرى ان بقي منطق الإلغاء قائما في الكثير مما هو مرتقب من إجراءات ستقود الى الغليان في الشوارع الطائفية والمذهبية وخصوصا ان ثبت ان هذه هي الوسيلة الوحيدة التي ستسمح لاركان المنظومة الحالية لتعيد إنتاج نفسها بمعزل عما يمكن ان تؤدي إليه المساعي المبذولة لولادة سلطة بديلة وما يعيقها ويحول ربما دون ان تحقق اي فوارق حاسمة.