كتب عمر البردان في “اللواء”:
تلقت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي ستمثل بعد غد أمام مجلس النواب، لنيل الثقة على أساس برنامجها الوزاري، لضربة موجعة بالتوازي مع جلسة إقرار هذا البيان، تمثلت بـ«الغزو النفطي» الإيراني إلى لبنان عبر المعابر غير الشرعية، بحماية «حزب الله»، دون أن يكون للحكومة، أو لرئيسها، أو حتى لرئيس الجمهورية ميشال عون، أي تعليق بهذا الشأن، الأمر الذي أثار الكثير من الانتقادات والتساؤلات في آن. باعتبار أن ما جرى، وإن كانت غايته الظاهرة التخفيف من معاناة اللبنانيين، إلا أنه يبرز بشكل نافر، كما تقول مصادر سياسية لـ«اللواء»، «مدى الاستهتار بدور الدولة ومؤسساتها السياسية وأجهزتها الأمنية، بدليل أنه لم يحصل أي تنسيق مع الإدارات الرسمية المعنية، أو مع الجيش اللبناني والقوى الأمنية، وهو أمر يعكس صورة سلبية عن الحكومة الجديدة، ولا يفتح الأبواب العربية والخليجية أمامها، في وقت أحوج ما يكون لبنان لكل دعم عربي شقيق».
وتشدد المصادر، على أن «مشهد النفط الإيراني الذي أحضره «حزب الله»، ووسط تعمد المسؤولين الرسميين
التعمية على هذا المشهد الذي يضرب في الصميم السيادة اللبنانية، أدخل لبنان أكثر فأكثر في تعقيدات الصراع الإقليمي، كساحة لتصفية الحسابات بين اللاعبين الإقليميين والدوليين، في رسالة إيرانية واضحة، أراد من خلالها «حزب الله» التأكيد على أن لطهران دوراً أساسياً في معادلات المنطقة، وبما يجعل لبنان طرفاً ثابتاً في محور دول الممانعة، إلى جانب سورية والعراق وإيران . وهو أمر بالتأكيد لا يصب في مصلحة اللبنانيين، باعتبار أنه يشكل استفزازاً للدول الخليجية التي لا تقبل للبنان، أن يكون في هذا الموقع، وتالياً فإنها لن تكون مستعدة، لدعم الحكومة الجديدة، وهذا لن يعبد الطريق حتماً، أمام زيارات مرتقبة للرئيس ميقاتي إلى العواصم الخليجية».
وترى المصادر السياسية، أن «الصمت الرسمي إزاء الدخول الإيراني بهذا الشكل، ومن الباب النفطي، بذريعة دعم الشعب اللبناني، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن «حزب الله» ماض في مصادرة القرار اللبناني، والتحكم بمفاصل السياسة الداخلية، دون الأخذ بعين الاعتبار، لكل ما يمس مقومات السلطة الداخلية العاجزة عن إدارة المؤسسات وفرض سيطرتها على كامل أراضيها، في وقت كان يفرض بالحكومة أن تتخذ موقفاً مدافعاً عن السيادة اللبنانية. إذ لا يعقل بأي شكل من الأشكال، أن يلوذ المسؤولون، جميع المسؤولين بالصمت، إزاء هذا المشهد الذي ما أبقى شيئاً من مقومات السيادة والاستقلال». وأضافت: «بالتأكيد سيدفع كل ذلك الدول المانحة إلى مراجعة حساباتها بشأن فرص دعم لبنان، سيما وأن البرلمان الأوروبي، بعث رسالة واضحة إلى «حزب الله»، من خلال تحميله مسؤولية الأزمة التي ضربت لبنان في السنوات الأخيرة»، ومشددة على أن «المجتمع الدولي لا بد وأن يراجع حساباته، حيال ما يمكن أن يقدمه للبنان، لإخراجه من مأزقه، إذا لم تعمد الحكومة إلى اتخاذ الإجراءات التي تؤكد إمساكها بالقرار الداخلي، وقدرتها على الإيفاء بتعهداتها أمام الخارج».
وتعتبر المصادر، أن «التزام الحكومة بمضمون بيانها الوزاري، لناحية الالتزام بالإصلاحات وتصحيح الأداء المصرفي، وإجراء الاستحقاقات السياسية بكل شفافية، والعمل من أجل محاربة الفساد، وتطهير الإدارات من الفاسدين، من شأنه أن يشجع المجتمع الدولي على الوقوف إلى جانب اللبنانيين، لأن المساعدات مرهونة بمدى الشعور الدولي، بأن لبنان جدي في تنفيذ ما هو مطلوب منه، وبهذه الطريقة وحدها، يمكن لحكومة ميقاتي، أن تحظى بدعم المانحين، لتمكين البلد من تجاوز هذا المأزق» .