جاء في “سكاي نيوز عربية”:
مع بدء العد العكسي للانتخابات العامة العراقية المقررة في شهر تشرين الاول المقبل، فإن أحد أهم الأسئلة المطروحة، يبقى وكما في كل دورة انتخابية، يدور حول مدى ضمان حق المشاركة النسوية الفاعلة، ترشيحا وتصويتا، في المعركة الانتخابية.
لكن على ما يبدو، ففي هذه المرة أيضا وكسابقاتها، الطريق ليست معبد بالورود أمام مشاركة المرأة وترشحها في الانتخابات، إذ تواجه صعوبات وعقبات متشابكة، بما لا يقاس بما قد يواجهه نظيرها المرشح الرجل.
وتتعرض العديد من المرشحات لشتى صنوف المضايقات والاستهداف، والمرتكزة في جلها على خلفية واحدة، وهي استضعاف المرأة والحط من شأنها، والاستخفاف بقدرتها على لعب دور فعال في الفضاء العام والسياسي، بحسب منظمات مدنية وناشطة في مجال الدفاع عن المرأة، وحقها في المشاركة الانتخابية والسياسية.
وحول واقع المرأة العراقية الانتخابي، تقول البرلمانية، ريزان شيخ مصطفى، في حوار مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “ليست الصورة قاتمة تماما، فالحكومة العراقية مثلا عبر دائرة تمكين المرأة، وبالتنسيق مع الوزارات المعنية كالداخلية، خصصت خطا ساخنا، لكل مرشحة برلمان، كي تبلغ فورا السلطات العراقية حال تعرضها لأية مضايقات، خاصة على منصات التواصل الاجتماعي”.
وتعتبر أن مواقع التواصل “أصبحت مع الأسف الأداة الأولى التي يوظفها المعادون لبروز وتطور دور المرأة العراقية، وذلك عبر التشهير بالمرشحات وتشويه سمعتهن، واختلاق قصص كاذبة حولهن، للتأثير سلبا في حظوظهن بالنجاح”.
وتردف مصطفى: “ففي حال تقديم أية مرشحة شكوى ضد جهة ما، تقوم مثلا بإهانتها والطعن فيها، عبر فتح حسابات شخصية مزيفة باسمها على فيسبوك أو إنستغرام، أو وفق أي طريقة أخرى. ويتم النظر في هذا كدعوى قضائية مستعجلة، يجب أن ينظر فيها القضاة فورا”.
وتستطرد البرلمانية العراقية: “تتحمل ولا شك الأحزاب والقوى السياسية المسؤولية الأولى في حماية المرشحات، ومنع التعرض لهن والتحريض عليهن، كون الأحزاب هي في الواقع من تقوم في سياق التنافس فيما بينها، باستهداف المرشحات أكثر من أي أحد آخر، فكل طرف حزبي وسياسي يحاول النيل من مرشحات الطرف المنافس، وهكذا”.
وتشرح ريزان أسباب تراجع عدد المرشحات للنصف خلال هذه الدورة الانتخابية المقبلة، بالقول: “طبيعة توزيع الدوائر الانتخابية هذه المرة وفق القانون الانتخابي الجديد، أسهمت في خفض عدد المرشحات، حيث اقتصر ترشيح مختلف القوى والأحزاب المتنافسة للنساء، على العدد الذي يتوافق مع الحد الأدنى الملبي، شرط تحقق نسبة تمثيل الكوتا النسائية في البرلمان العراقي، التي تبلغ ربع مقاعد مجلس النواب”.
وتتابع: “فضلا طبعا عن المعيقات الموضوعية والذاتية الأخرى، التي تعرقل مسيرة المرأة في العراق لإثبات ذاتها ومشاركتها المتساوية”.
من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية، مهند الجنابي، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “واقع التضييق على النساء وطمر حقوقهن عامة، لا يقتصر فقط على عرقلة دورهن في الانتخابات العامة، بل هي ظاهرة متجذرة تتعلق بثقافة المجتمع السلبية بخصوص حقوق المرأة، ومنع ابتزازها والتعدي عليها”.
ويضيف: “صحيح أن هناك من حيث المبدأ قوانين رادعة إلى حد ما، خاصة بضمان حقوق المرأة ومنع التعدي عليها، لكن العبرة تبقى في التطبيق، ذلك أن أغلب حالات الإساءة للمرأة، بما في ذلك المرشحة للانتخابات، تتم عبر منصات التواصل الاجتماعي”.
ويوضح: “هذا يدخل الجهات القضائية والرقابية في فخ مسائل جدلية، تتعلق بحرية التعبير والرأي، وإساءة استخدام وسائل السوشيال ميديا، وهذا ما يخلق عقبات أمام وقف هذا الابتزاز الإلكتروني المتمادي للمرأة، ولا أتصور أنه من الممكن معالجة هذا الأمر الشائك، إلا وفق استراتيجية شاملة لمعالجة الملف الحساس، والوقت طبعا ضيق ومن المستحيل تحقيق كل ذلك قبل حلول موعد الانتخابات”.
ويضيف الجنابي: “مهما كانت نسب المشاركة الانتخابية ضئيلة، العامة منها والنسوية على وجه الخصوص، لكن حصة النساء تبقى مضمونة وفق نظام الكوتا النسائية، والتي تضمن تمثيل المرأة في مجلس النواب العراقي بواقع 25 في المائة، من إجمالي عدد مقاعد البرلمان، أي بحدود 83 برلمانية من أصل 329 عضو برلمان”.
ويبلغ عدد المرشحات للانتخابات العراقية المقبلة 951 مرشحة من أصل 3243 مرشحا، سيخوضون الانتخابات العامة.
في حين سجلت الانتخابات الأخيرة عام 2018، مشاركة أوسع للمرأة، بقرابة ألفي مرشحة، مما يمثل تقريبا ضعف عدد المرشحات الحاليات، خلال الانتخابات المرتقبة في غضون 3 أسابيع.