كتب أنطوان الشرتوني في “الجمهورية”:
لا تقتصر التربية فقط على الأم، فهناك مفهوم غير صحيح يعتبر أنّها المسؤولة عن تربية أطفالها، كأنّ هؤلاء الاطفال لا أب لهم. وهناك دراسات جمّة اهتمّت بدراسة دور الأب الاساسي في تعليم طفله مبادئ الحياة، وخاصةً في تربيته. لذا، يتفق الأهل على طريقة التعامل مع ولدهما من دون أي خلاف على المفاهيم الأساسية في التربية. فمثلاً، لا يمكن أن تقبل الام «السلوك العدواني تجاه الأطفال الآخرين» عند طفلها بينما الوالد يشجعه على ذلك. لذلك، إنّ التوافق أساسي في مرحلة تلقين السلوكيات الأساسية للتربية. ولا يقتصر دور الاب فقط على قبول ما تطلبه الأم خلال يومياتها مع طفلهما بل أيضاً يَتّضِح في المشاركة الحثيثة في تربيته. فما هو دور الأب الأساسي؟ وكيف يمكن مساعدة زوجته تجاه طفلهما العنيد؟
تعاني الكثير من الأمهات مشاكل في تربية أطفالهنّ، خاصة عندما يتحوّل الطفل إلى شخص عنيد «لا يتكسّر رأسه». ومن المهام الصعبة التي يمكن أن تواجهها تجاه عناد الطفل جَعله مطيعاً لأوامرها. ولكن لا يمكن أن تقوم بذلك لوحدها، بل هي بحاجة لمساندة الأب الذي يؤدي دور السلطة في البيت. فكيف يمكن أن يشارك في تربية طفله العنيد؟ وتحويله إلى طفل يجادل ويشارك في الحديث ويبدي رأيه بعيداً عن العناد والخصال غير السوية؟
الأب هو ملك المنزل… وليس الطفل
القاعدة الذهبية الاولى هي: «لا يجب أن ينسى أبداً أنّ الأب هو الحامي والمسؤول و«ملك» المنزل»، ويعني ذلك أنه يقدّم للطفل الحماية والإهتمام. في المقابل يجب على الطفل ان يطيعه ويحترمه لأقصى حد. وهذه القاعدة هي قاعدة مطبّقة بشكل واع أو غير واع في العالم أجمع. ولكن ماذا لو تبدلت الأدوار وأصبح الطفل هو «صاحب الهيبة» في المنزل؟ تقع الكارثة وندخل في «جهنم»، حيث يصبح الطفل مرجعاً للوالدين أو حتى «سلطاناً» عليهما. لذا على الأب الذي يساعد في تربية الأطفال مع الوالدة أن يبتعد قدر الإمكان عن تكرار الملحوظات، ويكون صارماً «بكل محبة وعاطفة» بالنسبة الى ما يتعلق بمتطلباته، ويعني ذلك عدم الرضوخ لمتطلبات طفله بشكل كامل. كما يجب أن ينتبه الأب الى بعض تصرفاته التي تكسر هيبته، ومنها: التغيير المستمر بالآراء، عدم القدرة على أخذ قرار واحد أمام الطفل، المشاجرات بين الوالدين وإصدار الاوامر بشكل تعسفي على الطفل والأم أيضاً. وإذا تخطى الطفل العنيد قواعد التربية، ويمكن أن يفسّر الأب لطفله عن تصرفاته غير المقبولة من الخلال الحوار الإيجابي والمنطقي.
غضب الأب وعناد الطفل
القاعدة الذهبية الثانية: «عندما يغضب الأب، يتحول الطفل إلى شخص عنيد». فحتى لو كان من الصعب السيطرة على الإنفعالات التي نمر بها خلال يومياتنا، وإلغاء الصوت العالي وطبعاً الصراخ ومحاولة عدم الشعور بالغضب، إن كل ذلك هو سُمّ للطفل يجعله متشبّثاً برأيه. ومن المعروف أنّ بعض الأطفال، تجاه صراخ وغضب أهلهم، يصبحون غير مبالين لأي طلب من والديهما. كما الكثير من الأمهات يهرعن إلى الآباء طالبات النجدة منهم، وكأن الأب هو «الوحش المخيف» للطفل. طبعاً هذا التصرف غير مقبول البتة، لأن الطفل يجب أن يعرف أنه كما يطيع أبيه يجب أن يطيع أمه أيضاً وأنّ العناد لا يفيد بشيء.
أما القاعدة الذهبية الثالثة فهي: «عدم الإبتزاز العاطفي»، حيث يعلم هذا التصرف الطفل بأن لا يقوم بشيء من دون مقابل. لذا يجب الإبتعاد عن الإبتزاز، وتحويل طاقة الطفل والأب والأم إلى تبادل عاطفي وكلامي لحل الأمور بينهم. كما يجب أن يفهم الطفل من خلال تصرفات الأب أن من واجبه أن يطبق ما يطلبه والده. أما القاعدة الذهبية الرابعة، كي لا يصبح الطفل عنيداً، لا يجب أن يرضخ الأب لعدوانية طفله ولمطالبه اللامتناهية، بل انّ دوره هو الحزم في أخذ القرار بهدوء، والحوار لكن ليس بالقوة. وإذا تكرر المشهد العنفي من الطفل تجاه الآخرين، فهذا يتطلب من الأب تطبيق مبدأ المعاقبة التربوية الإيجابية التي تعلّم الطفل التصرف الصحيح ولا تدمّره.
كيف يعالج العناد عند الطفل؟
هناك نقاط أساسية لإبعاد شبح العناد عند طفلنا الصغير، هي:
– لا يعالج أي تصرف عدواني أو صراخ أو عناد بتصرّف مماثل، بل يجب التحدث مع الطفل والتفسير له عن تصرفاته غير المقبولة.
– إذا استمر الطفل بالعناد، نطلب منه أن يذهب إلى غرفته والتفكير بسلوكياته، ثم نطلب منه أن يرسم رسمةً تفسر مشاعره وسبب عناده. يمكن مساعدة الطفل في هذا المضمار.
– شكره إذا بَدّل من تصرفاته وأصبح أكثر إيجابية واستبدل بعض النقاط السلبية بنقاط مقبولة إجتماعياً.
– التركيز معه حول شخصيته الإيجابية وشكره بكلمات بسيطة وحنونة.