Site icon IMLebanon

ميقاتي يراهن على ضغط أوروبي – أميركي لتفادي فخاخ التعطيل

جاء في “العرب اللندنية”:

يراهن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على ضغط أوروبي وأميركي يوازن نشاط إيران وحلفائها على الساحة ويؤمّن سير عمل الحكومة دون فخاخ التعطيل، لاسيما بعد الهجمة المرتدة التي قام بها فريق رئيس الجمهورية ميشال عون والتيار الوطني الحر ضد المنظومة السياسية التي أعاقت خططه.

ويستعد ميقاتي للقيام بجولة خارجية لتفعيل التسوية الدولية – الإقليمية التي أتاحت التشكيل الوزاري، بعد تجدد المناوشات السياسية التي من شأنها تعطيل عمل حكومته الوليدة.

واعتبرت مصادر لبنانية أن تصعيد الفريق الرئاسي قبل تزكية الحكومة اللبنانية وعرضها على مجلس النواب لنيل الثقة يهدف إلى تصفية حساباته مع معارضيه في السنة الأخيرة من عهده.

وتشكلت الأسبوع الماضي حكومة لبنانية جديدة من 24 وزيراً، بينهم امرأة واحدة، خلفاً لحكومة حسان دياب بعد مرور 13 شهرا على استقالتها.

ودخل صهر الرئيس اللبناني ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل في “مواجهة” سياسية مع رئيس البرلمان نبيه بري قبل إقلاع الحكومة، ما ينذر بعودة العراقيل التي أجهضت عمل الحكومات السابقة والتي حذر منها البرلمان الأوروبي ورفع توصية للاتحاد الأوروبي بالإبقاء على سيف العقوبات مسلطا على كل من يسعى لإفشال عمل الحكومة الوليدة أو وضع العراقيل في طريقها.

واتهم باسيل رئيس مجلس النواب وحركة أمل نبيه بري بالتحكّم في زمام الأمور في البلاد، ما دفع أوساط حركة أمل إلى وصف الأخير بـ”الفاسق”، بشكل غير مباشر. وفي حوار متلفز نقل باسيل عن بري قوله “الله لا يخليني إذا بخلي عون يحكم” وهو ما نفته أوساط حركة أمل جملة وتفصيلا وقالت إن كلام بري تم تحريفه.

ويرى متابعون أن باسيل أراد أن يقول من خلال تصريحاته إنّ بري هو أحد أركان المنظومة السياسية التي يتهمها بالفساد والتعطيل، ويعتبر أنّها تتحمّل جزءا كبيرا من المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع في البلاد.

ويشير هؤلاء إلى أن باسيل -ومن ورائه الرئيس ميشال عون الذي أعلن أن السنة الأخيرة من حكمه ستكون سنة مقاومة الفساد- قد تناسى أنه جزء من المنظومة الحاكمة وبالتالي تدخل تصريحاته في سياق حملة انتخابية مبكرة للتنصل من مسؤولياته رغم أن تياره استلم على مدى سنوات طويلة القطاعات التي يشكو منها اللبنانيون اليوم.

وتشير مصادر سياسية مطلعة إلى أن لدى عون اقتناعًا بأن الأشهر الفاصلة عن الانتخابات النيابية وانتهاء ولايته مخصصة لتعزيز وضعيته ووضعية صهره سياسياً وشعبياً. وهذا لا يمكن تحقيقه إلا في حروب فتح ملفات الفساد وإعلان مواجهات مع من يعتبرهم أركان الفساد أو الذين أقرّ بأنهم يوفرون منظومة تحمي الفاسدين.

ويعتقد كثيرون أنّ الخلفية الحقيقية لما حصل بين باسيل وبري تندرج في إطار الحشد والتعبئة لتعويض قلة الإنجازات، ما يؤشر على أن الانتخابات التي ستجرى في الربيع المقبل فرضت نفسها على الأجندات السياسية قبل منح الثقة للحكومة الجديدة التي تعهدت بإجراء الانتخابات في موعدها.

وجاءت الاتهامات في ذروة إيجابية غير مسبوقة تشهدها البلاد، للمرة الأولى منذ أشهر طويلة، على وقع الاندفاعة التي رُصِدت لحكومة “معا للإنقاذ”، والتي مكّنتها من إنجاز صياغة البيان الوزاري في ثلاثة أيام فقط، في رقمٍ قد يكون الأول من نوعه في تاريخ الحكومات اللبنانية المتعاقبة.

ويطرح السجال بين باسيل وبري علامات استفهام: فما أهداف السجال في هذا التوقيت؟ ألم يكن الأجدى الانتظار أسبوعا على الأقلّ، ريثما تنطلق الحكومة جدّيًا؟ أليس المفترض منهما، وهما الشريكان في الحكومة، إبراز نوايا التعامل؟

ويرى مراقبون أن الامتحان الحقيقي للحكومة يبقى مؤجّلًا إلى ما بعد جلسة نيل ثقة البرلمان، مع بدء النقاشات الجدية والغوص في التفاصيل.

ويؤكد هؤلاء أن الحكومة ولدت نتيجة تسوية وافق عليها الجميع، ولكنها على غرار التسويات السابقة قصيرة الأمد وقابلة للانهيار أو الانفجار في أي لحظة، على وقع الاختلافات الجذرية في التوجهات السياسية بين مختلف القوى.

وتعكس توصية البرلمان الأوروبي الخميس بضرورة نظر الاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات على الساسة اللبنانيين الذين يعرقلون مسار الحكومة الجديدة، حالة من عدم الارتياح لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع عقب تشكيل حكومة جديدة تتصيّدها آليات تعطيل سياسية كثيرة.

وأوصى البرلمان الأوروبي المؤسسات الأوروبية بعدم تخفيف الضغوط عن الساسة اللبنانيين وأن سيف العقوبات لا يزال خيارا قائما في مواجهة “مساعي إفشال العملية السياسية الديمقراطية أو تقويضها”.

وحث البرلمان بشدة الزعماء اللبنانيين على الالتزام بالوعود التي قطعوها وأن يكونوا حكومة فاعلة، في إشارة إلى تعهدهم بمعالجة إحدى أسوأ أزمات الانهيار الاقتصادي في العالم.

ووافق الاتحاد الأوروبي في يونيو الماضي على إعداد إجراءات حظر سفر وتجميد أصول للسياسيين اللبنانيين المتهمين بالفساد وعرقلة جهود تشكيل الحكومة وسوء الإدارة المالية وانتهاك حقوق الإنسان.

ولم يُذكر أي من هؤلاء الزعماء بالاسم بشكل رسمي، إلا أنه في ظل الانهيار المالي وزيادة التضخم وانقطاع الكهرباء ونقص الغذاء يأمل البرلمان أن تسترعي دعوته انتباه الساسة اللبنانيين، والكثير منهم لهم أصول في الاتحاد الأوروبي.

ويأتي التهديد الأوروبي في وقت أقرت فيه الحكومة اللبنانية البيان الوزاري (خارطة طريق) من أجل عرضه على البرلمان في جلسة منح الثقة التي من المنتظر أن تعقد الأسبوع الجاري.

والبيان الوزاري هو برنامج عمل الحكومة للمرحلة المقبلة، وبناء عليه تعلن الكتل البرلمانية موقفها منها، أي منحها الثقة أو عدم منحها. وتبدو حكومة ميقاتي في طريق مفتوح نحو نيل ثقة البرلمان اللبناني.

واشتمل البيان الوزاري على 9 تعهدات لتدارك الانهيار المالي والاقتصادي، وهي: استئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي للوصول إلى اتفاق خطة دعم، ومعاودة التفاوض مع الدائنين للاتفاق على آلية لإعادة هيكلة الدين العام، وإنجاز موازنة 2022 وتضمينها بنودا إصلاحية مالية.

ووضع خطة وتشريع قانون لمعالجة الأوضاع المالية والمصرفية، وتصحيح الرواتب والأجور، وإقفال المعابر غير الشرعية، والحد من التهرب الضريبي، والالتزام ببنود المبادرة الفرنسية، واستكمال خطة الإصلاح.‎

وهذه المبادرة أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من بيروت، بعد أيام من انفجار مرفأ العاصمة، ومن أبرز بنودها تشكيل حكومة جديدة، على أن تتبع ذلك إصلاحات إدارية ومصرفية. ويأمل اللبنانيون أن تضع الحكومة الجديدة حدا للأزمة الاقتصادية الحادة التي تضرب البلاد منذ أواخر 2019.