كتب عمر حبنجر في صحيفة الأنباء:
لا مفاجآت منتظرة في جلسة التصويت على الثقة بحكومة «معا للإنقاذ»، بعد مناقشة بيانها الوزاري في المبنى المؤقت لمجلس النواب (قصر الأونيسكو) اليوم، فالثقة مضمونة ومن حواضر البيت، والوزير عباس الحاج حسن يتوقع نيلها 94 صوتا من أصل 115، إنما العمل الجاد والمرهق، يبدأ بعد الثقة، حيث سيكون التحدي الأكبر لحكومة نجيب ميقاتي الثالثة، مواجهة التطاول الإسرائيلي على حدود لبنان البحرية، والمتمثل بتلزيم التنقيب عن النفط والغاز في البقعة المتنازع عليها مع لبنان، مستغلة غياب نواطير السلطة اللبنانية المنشغلين بتجميل خواتيم أيامهم.
وليست التحديات الأخرى، أقل هما من الكهرباء الغائبة، إلى المحروقات المغيبة، إلى الأسعار المتشبثة بسقوفها العالية، على الرغم من نزول الدولار عن رف الـ 20 ألفا، إلى عتبة الخمسة عشر ألفا، مع استمرار غياب رقابة السلطة، ما ساهم في توسيع دائرة الانهيار الاجتماعي والمعيشي والتربوي الذي دخل على خط الأزمات، مع فتح أبواب المدارس والجامعات حضوريا أو عبر «الأونلاين».
ويبقى البحث عن السيادة الوطنية، المعتدى عليها نفطيا، برا من إيران وبحرا من إسرائيل، في الأول صمت رسمي، خرقه حزن رئيس الحكومة وجواب وزارة الخارجية الإيرانية، بعرضها تزويد الحكومة اللبنانية بالوقود إذا طلبت شراءه، وفي الثاني استنفار رسمي متأخر.
وكان الجانب اللبناني عدل في خريطة الحدود البحرية مع إسرائيل، التي أعدها الأميركيون، بحيث يجري حل مشكلة المنطقة البحرية المختلف عليها مع إسرائيل بالتقاسم.
لكن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لم يوقع المرسوم الذي أعد بهذا الخصوص، وكانت آخر جلسة للتفاوض بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي برعاية أميركية ودولية عقدت في الناقورة في 5 أبريل الماضي.
والآن، وبعد تلزيم إسرائيل أشغال الحفر واستخراج الطاقة إلى شركة «هاليبرتون» الأميركية، استنفرت السلطات اللبنانية من رئيس المجلس نبيه بري إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، فوزير الخارجية والمغتربين عبدالله بوحبيب، الذي تواصل مع سفيرة لبنان في الأمم المتحدة أمل مدللي، وحثها على إبلاغ مجلس الأمن وجوب منع إسرائيل من التنقيب في المناطق المتنازع عليها.
وفي هذا السياق، تقول قناة «الجديد» إن هذا الملف يعس منذ العام 2011 وأن 157 يوما مضت، ومازال المرسوم رقم 6433 المتضمن التعديلات المطلوبة بانتظار توقيع رئيس الجمهورية عليه، إلى جانب مراسيم الانتخابات الفرعية، والتشكيلات القضائية، أما قانون الانتخابات النيابية المقبلة فهو مرشح للحفظ والصون!
والآن، هذه المشكلة عادت إلى مجلس الأمن، والرهان على سرعة تفاعل الرئيس ميقاتي مع الأحداث والتي تبدت، أول ما تبدت، في نأيه بنفسه عن صفقة الفيول الإيراني، إن باعتباره إياه خرقا للسيادة أو برد «مصادره» على عرض وزارة الخارجية الإيرانية بتزويد الحكومة اللبنانية بالوقود، بناء لطلبها، بالقول: «إن الحكومة اللبنانية لم تطلب اي شحنة وقود من إيران»، والمطلوب موقف اشد على محاولة «السلبطة» الإسرائيلية على مياه لبنان ونفطه، يمسح من أذهان اللبنانيين ما زرعه غياب السلطة الوطنية الفاعلة، من انهم في وطن حي ميت.
وإلى جانب قضية مواجهة التطاول الإسرائيلي على حقوق لبنان البحرية، تبقى قضية التحقيق بانفجار المرفأ، التي هي على موعد اليوم، مع جلسة استجواب رئيس الحكومة السابق حسان دياب الموجود في الولايات المتحدة الأميركية، وكيفية تعامل المحقق العدلي القاضي طارق البيطار مع تغيبه، في ظل مذكرة الإحضار التي أصدرها بحقه، والموقف الحاسم لدار الفتوى برفض التعامل مع موقع رئاسة الحكومة على هذا النحو، واعتمادها وجهة نظر الرئيس نبيه بري الذي يرى أن الجرم المسند للرئيس دياب وغيره من الوزراء النواب واقع تحت صلاحية المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.
وثمة تحد أساسي آخر، يتناول الإصلاح المالي ومكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين. وهنا لاحظت مصادر معنية أن عقد التدقيق الجنائي الذي وقعه الرئيس عون مع شركة «الفاريز مارسل» لم يلحظ الدخول إلى حسابات الوزارات والمؤسسات العامة المتهمة بالهدر، إنما اقتصر فقط على المصرف المركزي، خلافا للقانون الذي أقره مجلس النواب وقضى بالتدقيق في حسابات كل الوزارات، وقد تذرعت حكومة حسان دياب بعدم قدرتها على توسيع عقد التدقيق، خلال فترة تصريف الأعمال. فمع حصول حكومة نجيب ميقاتي على الثقة يصبح هذا الأمر بديهيا. وواضح أن حصر التدقيق بالمصرف المركزي، دون سواه، هو إبعاد للمدققين عن حسابات بعض الوزارات الموصوفة بهدر المال العام، وفي طليعتها وزارة الطاقة المسؤولة عن هدر 40 مليار دولار من المال العام على الأقل، والرهان على حكومة الإنقاذ لعلها تصحح الوضع قبل الشروع بإنقاذه.